article comment count is: 4

الختان.. أحد أنواع العنف ضد النساء!

ما إن نتحدث عن الختان حتي يتصدر ذلك الرقم المتضخم 200 مليون امرأة تشوهت أعضاؤهن التناسلية عبر العالم في وضع ما يسمي (ختان الإناث) وهذا ما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه أسوأ أشكال العنف ضد الإناث واللواتي لهن الحق في امتلاك جسد غير منتهك.

وبحسب الإحصائيات فإن هنالك ثلاثين بلد يمارسون هذا التشويه في حق إناثهن منذ الصغر وتأتي اليمن ضمن هذه القائمة بين دول الشرق أوسطية، وسبب الختان بحسب الموروث الثقافي والديني لهذه الدول هو أنه جزء من الطهارة المطلوبة للإناث.

ويعرف الختان بأنه عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية للإناث دون وجود سبب طبي، بحسب منظمة الصحة العالمية، وللختان أربعة أنواع متعددة، واليمن تمارس النوع الثاني من هذه الأنواع ويكون بالقطع الكلي أو الجزئي للبظر والشفرتين الصغيرتين وأحياناً بدون قطع الشفرتين.

وينتشر الختان بشكل كبير في المناطق الساحلية بسبب سهولة هجرة الأفارقة لهذه المدن اليمنية ونقلهم لهذا الموروث معهم وتتصدر هذه المدن مدينة الحديدة بحسب المسوحات الميدانية التي تم إجراؤها في مدن اليمن، تليها حضرموت وبعدها المهرة، وهذا المعتقد ليس حكراً على

منطقة أو معتقد أو طبقات اجتماعية معينة بل تجدها في مناطق مختلفة ومتعددة وسبب ممارستها إما موروث تقليدي أو أفكار بالية أو معتقد لا يمت للحقيقة بأي صلة.

من خلال متعرجات ملتوية وطريق متعب وصلنا إلى منطقة الحديدة والتي تأخذ المرتبة الأولى في ختان الإناث وكان السؤال عن هذا الموضوع فيه نوع من المجازفة بسبب تحفظ الجميع هنا، لكننا وجدنا بعد طول عناء امرأة تعرضت للختان سنشير لها باسم “نعيمة” لرفضها أن نذكر اسمها وكانت في بداية عقدها الأربعيني والتي سرعان ما كان ردها بأن هذا

الشيء نظافة وعفة لكل أنثى، وتحدثت حول ما يحصل للنساء الغير طاهرات “الغير مختونات” وهن يملأن الشوارع، ولو كان تم ختانهن لكان الوضع أكثر هدوءً مم يفعلنه، وتقول نعيمة إن لديها بنت تم ختانها وهي الآن في الثامنة من العمر.

وتضيف نعيمة أن الختان للأنثى يتم بقطع الجزء الأعلى من الجهاز التناسلي (البظر) بأداة حادة “شفرة حلاقة موس” ويتم دفن الجزء المقطوع بالتربة مع قليل من الملح بحسب المعتقد لدى كل منطقة، والبعض يكسر بيض في حفرة الدفن.

وكان الحديث معها يغلب عليه الحدة ونبرة التذمر والغضب بفتح مثل هكذا حديث فليس بالأمر السهل أن تبحث عن حالات تم ختانهن فجميعهن يعتبرن التصريح مشابه للتشويه والفضيحة والعار والخوض في مثل هكذا حديث يعرضها للسخرية والتحرش على حد قول بعضهن.

وأما من الجانب الطبي توضح لمياء أحمد دكتورة نساء وولادة بأن هذا المعتقد ما زال سائداً في بعض البيوت هنا في المدن على غرار الأرياف الممتلئة بهذا المعتقد ولكن يغلب عليه التستر برغم أنه أصدر قرار في عام 2001 م من قبل وزارة الصحة على منع ختان الإناث في جميع المرافق الحكومية والخاصة.

وتضيف لمياء “لذلك مثل هذه الانتهاكات في حق الأنثى لا تتطلب الذهاب إلى المرافق الصحية وإنما تحصل في البيوت وغالباً من يقوم بهذا الفعل تكون أنثى مجردة من كل إنسانيتها وتسمى “الحجامة” ولها عدة مهام في ما تمارسه، وأكدت لمياء أن غالبية الإناث التي تجرى لهن عملية الختان لا يتعدين سن الخمس سنوات والأغلب يتم ختانهن في اليوم السابع بعد الولادة ويحصل هذا القطع دون معقمات أو متطلبات عملية القطع مما يسبب تداعيات وأضرار للأنثى المختونة. ومن هذه الأضرار تقول لمياء “ينتج عن الختان مضاعفات عديدة قد تؤدي إلى نزيف ينتهي

بفقر الدم أو الوفاة، ويسبب الالتهابات بسبب استخدام الأدوات الغير معقمة كالأمواس أو المقص، وربما يحدث الضرر الأكبر وهو التصاق تام للجهاز التناسلي الخارجي للأنثى يصعب فصله إلا بالتدخل الجراحي لاسيما إذا كانت البنت قد تجاوزت السنة من العمر، أما إذا لم يتم الفصل فإنه يسبب مشاكل للبنت في ليلة الزفاف أو عند الولادة”.

وتختم لمياء حديثها بالأثر النفسي للإناث المختونات فقد تزداد احتمالية قلَّة رغبتهن الجنسية، أو تنعدم تماماً في بعض الأحيان مقارنة بِالنساء غير المختونات، وأن احتمالية عسر الجماع لديهنَّ تزداد بِحوالي 20 بالمئة.

وساد صمت بعد هذا الحديث يملئه الأسى المملوء بما يعتمل لهؤلاء الفتيات، بالنسبة لنظرة الرجل للمرأة المختونة في هذه المناطق فقد سألنا البعض وكان النوع الغالب من الرجال يتقبل هذا الفعل بسبب البيئة المحيطة كون من يعيش معهن يمارسن نفس الفعل في الختان لذا فإن رسوخ المعتقد لديهم بأنها عفة وحفاظ على عذرية الأنثى حتى يحين وقت الزواج وأما النوع الآخر من الرجال وهم قلة فيعتبرون أن هذه جريمة بحق الإناث.

هناك بعض الدراسات التي خرجت باستنتاجات مفادها أنَّ المختونات يعانين من الحصر النفسي، والاكتئاب، واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية. ويمكن لِلفتاة أو المرأة المختونة التي غادرت بلادها واستقرت في بلد أو مجتمعٍ آخر لا يمارس فيه ختان الإناث أن تشعر بالعار والخجل أو بِالطعن بِالظهر، بعد أن تكتشف أنَّ الختان ليس هو معيار الشرف والطهارة كما اعتادت وسمعت منذ صغرها. وأن بعض البنات اللواتي يعشن ضمن المجتمعات التي تمارس فيه الخِتان قد ينظرن إلى أنفسهن بافتخار بعد إجراء العمليَّة، كونها تعكس الجمال واحترام التقاليد والعفة والطهارة.

واخيراً يبقي السؤال متي ينتهي هذا العنف والتشويه الممنهج ضد المرأة، وهل ستجد مساحتها الآمنة بعد كل هذه المعاناة الموجعة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (4)

  1. قرأت اكثر من كتاب يتكلم عن مضار هذه العملية في مصر
    والسودان ..لكنني شديدة الصدمة بأن مثل هذه الجريمة مازالت منتشرة وموجودة في اليمن تحديدا ..لا اخفيكم اني انتحبت باكية 😞