“يقال إن الذهاب إلى السينما هو أشبه بالعودة إلى الرحم، فأنت تجلس هناك ساكناً، متأملاً في الظلام، تنتظر الحياة لتظهر على الشاشة”، هكذا وصف المخرج العالمي فيديريكو فيلليني، فكرة الذهاب إلى السينما.
وتعرف السينما بأنها صناعة الضوء المتحرك وعرضه للجمهور عبر شاشات كبيرة في دور العرض، وكما يطلق عليها بالفن السابع من ناحية ترتيب الفنون.
وتعتبر أوروبا هي شهادة ميلاد لهذا الفن، ففي عام 1819 كانت البداية والخطوات الأولى عبر أبحاث متسلسلة واختراعات أوصلتنا إلى شكلها النهائي الحالي، وبالنسبة لليمن فيعود تاريخ ظهور دور السينما إلى أواخر ثلاثينات القرن الماضي، وبرزت بدايةً من مدينة عدن، ومنها انتشرت إلى بقية المحافظات الجنوبية حتى وصلت إلى 24 دار، واشتهرت عدد من دور السينما حينها كسينما هيركين وشاهيناز وغيرها من دور السينما التي بدأت بعرض الأفلام الصامتة.
أما بالنسبة للمحافظات الشمالية فكان أول ظهور لدور السينما عام 1962، وأغلب هذه الدور كانت تنتشر في ثلاث محافظات هي صنعاء والحديدة وتعز، وقد تكاد كون جميعها ملكاً للقطاع الخاص “المستثمرين”، والتي وصل عددها حتى عام 1990م إلى (25) دار عرض.
هذا يعني أنه في كل أرجاء البلاد وصل عدد الدور إلى 49 داراً فقط، بعضها كانت لرجال أعمال كسينما بلقيس في صنعاء، وتعود لرجل الأعمال سيف ثابت، وكانت هذه الدور فاعلة لإقامة الحفلات لكل الفنانين أو للعروض المسرحية المتنوعة، بالإضافة إلى سينما شاليمار في خور مكسر بعدن التي يمتلكها رجل الاعمال بيكاجي قهوجي التي كانت مخصصة لعرض الأفلام الأجنبية الغربية كتشارلي شابلن الصامتة والناطقة معاً.
تمّام أحمد.. أحد شباب عدن يقول: “ذاكرتي دائماً تحضرني مع والدي في السينما، ومشاهدتنا لفيلم “حبي في القاهرة” لأحمد قاسم مع زوزو البدراوي وكانت اغنية “يا عيباه” هي رابط غنائي لهذا الفيلم كلما سمعتها أتذكر سينما بلقيس “كريتر”، في أول دخولي لها، أما الآن فليس هناك سوى الحسرة لرؤية السينما في أسوأ مراحل الإهمال والتدمير دون أدنى اهتما “.
استمرت دور السينما إلى التسعينات، وبعدها شهدت تراجعاً كبيراً إلى أن ماتت كل هذه الجدران وهجرتها الروح والحياة ولم يتبقَّ فيها شيء حتى اللحظة فجميعهم خارج نطاق الخدمة.
حقبة ما بعد الوحدة في مرحلة الحكم الانتقالي للحزبين حصلت بعض الترتيبات السياسية في النصف الشمالي للبلد وكان هناك اشتراط إغلاق هذه الدَور بحكم شراكة الدين وتوحيد الصف، فتمت بعض الخطوات لإغلاق دور السينما منها الزج أمنياً ببعض دور العرض لبث مقاطع إباحية خارج نص الفيلم لا تتجاوز العشر دقائق كما حدت في تعز، وبعد ذلك يأتي دور المنابر الدينية من خلال خطباء المساجد، ضدّ “شاشات الرذيلة” كما كانوا يصفونها وضرورة مقاومة المجتمع لها إلى أن اندثرت وأَغلقت جميع الدَور السينمائية.
عم علي وهو أحد مُشغلي دور السينما في تعز، وله اسم متداول بين مرتادي السينما سابقاُ كما يقول وهو “الأعور” الشخص الذي يقف خلف أسطوانة الشريط السينمائي وما إن ينقطع البث حتى تهتز القاعة بصرخات الحاضرين “يااا أعور” كتشبيه بعين البروجكتر التي كانت تعرض الأفلام في السينما.
يقول عم علي إنه يشتاق إلى تلك الأجواء الحياتية اليومية في صالات العرض ويتمنى أن تعود تلك الأيام، ويتم إيجاد حلول لتلك الأسباب التي أدت إلى إغلاق دور العرض وذكر منها:
- شحة الإيرادات للسينما حيث لم تستطيع تغطية نفقات التشغيل بسبب عدم ارتياد الجمهور لدخول هذه الدور السينمائية، وتزامن في تلك الفترة بداية ظهور القنوات الفضائية المتخصصة في بث أفلام جديدة غير التي في الدور وتوجه الناس إليها.
- عدم القدرة من دور السينما على شراء الأفلام الجديدة، وحدث ذلك بشكل أكبر عند رفع الدولة يدها عن بعض هذه الدور التي كانت تُدار عبرها وتم إهمالها تماماً.
ويذكر لنا أيضاً محمد منصور أحد سكان محافظة تعز سبباً آخر لإغلاق دور السينما “هناك في مخيلتي تنمو ذاكرة مكان لسينما مهجورة ومهدمة في منطقة الراهدة بتعز التي أصبحت مكاناً لبيع أعلاف الحيوانات، وكانت الإجابة الوحيدة على سؤالي المتكرر للبعض عن ماذا حدث لهذه السينما ووصولها إلى هذه المرحلة وهي أن هناك برق نزل من السماء ليرسم غضبه على من كانوا في مراسيم عصيان جماعي عند مشاهدتهم فيلم أثناء نزول المطر وشقها إلى نصفين، وهذا ما كان يردد للأجيال المتعاقبة إلى يومنا هذا!”.
وعن تجربة السينما في الساحل الغربي، فقد مررنا في الحي التجاري لمدينة الحديدة ولم نرَ سوى جدران سينما 26 سبتمبر، وقد تشققت وآلت إلى السقوط بعد صخب يضج بالحياة على تلك الجدران، والآن ما إن تخطو على حافة قاعتها حتى تصاب بالأسى لتحولها إلى ساحة لتلبية نداء الطبيعة.
بينما نعيش هذا الواقع السينمائي المتدني في اليمن، تتصدر الولايات المتحدة الامريكية وكندا قائمة الدول الأكثر ربحاً من صناعة الأفلام السينمائية وتليهم الصين وبريطانيا ثم اليابان، وأخيراً الهند التي تعد الدولة الأكثر إنتاجاً للأفلام السينمائية السنوية.
وبالرغم من أن السينما تعتبر من أكبر المؤثرات البعدية في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، وتعتبر من أكثر الصناعات التي تدر الربح على مستوى العالم، إلا أن الجمود والركود يسيطر على الوضع الراهن للواقع السينمائي المعاش في اليمن، باستثناء بعض الشباب الذين يحاولون تنشيط السينما اليمنية المنافسة.
وسيبقى لسان حالنا يقول هل سيعود دور السينما وتعود السينما في اليمن، أم ستبقى كما هي عليه الآن جدران هجرتها الأرواح؟
بذر
انا احمد يحيى كابع صاحب السينما الاهليه صنعاء اول دار عرض سينمائية في اليمن هناك مشاكل وأسباب تضاف لما ذكرت أدت إلى إغلاق دور السينما في اليمن مع العلم أننا أصحاب السينما الاهليه نؤكد انها ما زالت تفتح أبوابها إلى اليوم وليس لنا نيه لأغلاقها لأن جدي وابي واعمامي فتحوها بقناعه انها من الأسباب الرئيسيه لتطور المجتمعات وإذا تحبوا تضيفوا أي مواد كتابيه للجمهور تواصلوا معانا .
لا داعي لدور السينما في الوقت الحاضر لأن الهواتف أصبحت بديل عنها حيث من الإمكان مشاهدة اي فيلم وانت في أي مكان وهذا افضل بكثير من دور السينما التي قد يحدث فيها اختلاط أو ما شابه
المقال بحاجة لمصادر لوجود معلومات غير صحيحة
سينما شاليمار لأول مرة نسمع بها..
بالإضافة لوجود مصادر أرخت ظهور السينما في ١٩١٨ في عدن ووصل عدد الدور الى ٨ أو ٩ في الجنوب وليس في الثلاثينات خاصة وأن دولة البحرين شهدت اول عرض سينمائي في العام ١٩٢٠ وعدن كانت رائدة المنطقة في حينها والحركة التجارية والاجتماعية والتواجد الأجنبي لعب دورا مهما في اختلاط الثقافات والوصول إلى ذلك
احس ان الموقع تضيع الوقت و ممتع