الحقوق والحريات والتدريب والتنمية والإعلام هي أبرز المجالات التي انتزعت مجموعة من الناشطات الصدارة فيها بمدينة عدن كبرى مدن جنوب اليمن.
وتنشط في عدن العشرات من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بعضها تعمل كفروع لمنظمات في صنعاء أو منظمات دولية أجنبية، وبعضها تنشط بشكل مستقل وتتخذ من عدن مركزاً لها.
ويعود تصدر الناشطات لمنظمات المجتمع المدني بعدن عموماً فيما يبدو إلى عزوفهن عن الانخراط بشكل عميق في النشاط السياسي الذي يوصف بأنه حقل يسيطر عليه المجتمع الذكوري وتتصارع فيه قوى سياسية ذات أيديولوجيات متباينة.
تميز وتمييز
واعتبرت الناشطة “لينا الحسني” رئيسة مؤسسة “أكون” للحقوق والحريات أن بروز وتميز النساء في منظمات المجتمع المدني بعدن “عودة للنهضة النسوية التي عرفتها عدن في يوم من الأيام وتمرد على الوضع المختلف الذي عانت منه المرأة عقب عام 90”.
وتوحد جنوب اليمن مع شماله في العام 1990، ويقول الجنوبيون أنهم يعانون من التمييز بعد أن انتهت حرب العام 1994 بدخول قوات صنعاء إلى عدن، وتعرضت مؤسسات في الجنوب بينها منظمات المجتمع المدني للتوقف الكامل أو الجزئي.
وأضافت “لينا”: “النساء اليوم سئمن أن يقرن في بيوتهن وتؤخذ حقوقهن فقررن استعادة ما فقد منهن طوال سنوات”.
وتشكو “لولة صالح” التي تدير المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان من تمييز ضد منظمات المجتمع المدني بعدن معتبرة أن “عدن لم تحصل على حقها، المنظمات في عدن لا تجد دعماً.. لا يوجد دعم في عدن .. والموجود أقل من صنعاء، الجهات الداعمة هنا تضع شروطاً وقيوداً”.
ثلاثة أسباب
وتعتقد “إحسان عبيد” وهي رئيسة المؤسسة العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث أن هناك أسباب “ثلاثة” لتصدر النساء للعمل في منظمات المجتمع المدني بعدن، تلخصها في “الخبرة، فهن الأوائل في هذا المجال”، و”القناعة بأن المنظمات شكل من أشكال الدعم لقضايا المرأة”، و”الإحساس لدى المرأة في عدن أنها إن لم تتحرك هي في هذا الاتجاه فلن يكون هناك من يتحرك بدلاً عنها”.
وينشغل المجتمع الذكوري في مدينة عدن على الأغلب بالنشاط السياسي، وتخوض قوى ذات خلفيات فكرية مختلفة صراعات سياسية لفرض أجندات متباينة في المدينة الساحلية التي تشرف على مضيق باب المندب حيث تعبر ثلاثة مليون برميل من النفط يومياً.
وتؤكد لينا الحسني “انشغال الرجال في عدن بالعمل السياسي أكثر من الحقوقي حيث لا يزال وعي الرجال بالمدنية والمجتمع المدني والحقوقي قاصراً نوعاً ما”.
دور متنامٍ
وتقول “لولة صالح” أن دور “منظمات المجتمع المدني في عدن (يتصاعد) رغم الإمكانات الضعيفة.. تقوم المنظمات في الساحة باكتشاف الانتهاكات التي تحصل.. إنها (منظمات) تكافح في عدن”.
وكان الحصول على ترخيص لإشهار مؤسسة في مدينة عدن يعد نصراً بحد ذاته بعد سنوات من حرب صيف العام 1994 التي أطاحت بمؤسسات عسكرية ومدنية في الجنوب، لكن النصر الحقيقي الآن لهؤلاء النساء هو انتزاع حصص مالية دولية مكافئة لحصص الشمال والصمود في مجتمع محافظ باتت تنشط فيه جماعات دينية تقدم تفسيرات متشددة لتعاليم الدين الإسلامي.
وتعتبر “إحسان عبيد” أن “منظمات المجتمع المدني هي القوى الفاعلة في اتجاه الحصول على حقوق الإنسان وتحقيق الامتيازات”، وتضيف “هي النواة التي يمكن أن تقف في وجه السلطة عند الإخفاق في (مجال) حقوق الإنسان وامتيازاته”.
آمال تتوسع
وتأمل “عبيد” بالحصول على المزيد من حقوق المرأة بعد أن صدرت الوثيقة الأخيرة من مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر لعشرة أشهر وناقش عدداً من القضايا بينها ما يتصل بقضايا المرأة.
وقالت “نحن الآن نؤمل أن يكون هناك تصحيح كثير من الحقوق للمرأة لأن الوثيقة تضمنت محددات دستورية وقانونية”.
وشاركت “عبيد “ضمن فريق “الحقوق والحريات” في مؤتمر الحوار الوطني.
وكانت وثائق تأسيس مؤتمر الحوار الذي اختتم أعماله في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2014 قد خصصت للمرأة 30 في المئة من مقاعد المؤتمر الذي انعقد لتثبيت خطة طويلة لتقاسم السلطة والثروة وإجراء إصلاحات دستورية.