منذ عام 2017م كثفت المملكة العربية السعودية حملتها لتوطين قوتها العاملة، بما في ذلك منع العُمال المغتربين من مزاولة العديد من المهن، وزيادة الرسوم والضرائب المفروضة عليهم، مما أدى إلى إجبار الآلاف من اليمنيين على ترك العمل والعودة إلى اليمن. حيث بلغ عدد المسجلين في مكتب شؤون المغتربين ساحل حضرموت وحدها حتى شهر إبريل 2021م حوالي 16,600 مغترب عائد بواقع 3,000 أسرة حسب السجلات الرسمية.
صعوبات الحياة في حضرموت
بعد عودتهم ووضع خطواتهم الأولى على أرض حضرموت عانى العائدون من دول الاغتراب من صعوبات كثيرة، أولها الحصول على المسكن المناسب، حيث شهد سوق العقارات ارتفاعاً كبيراً في الأسعار منذ بداية الأزمة، ووصل الأمر إلى اعتماد “الريال السعودي” بدلاً من “الريال اليمني” كعملة معتمدة للحصول على عقار معين.
الطلب الكبير على سوق العقارات شكّل أزمة حقيقية على ساكني وأبناء المدينة الذين فرض عليهم دفع سعر الإيجارات بالريال السعودي أيضاً، ومن لم يستطع ذلك هناك الكثير من المستأجرين العائدين والقادرين على الدفع بالعملة الصعبة.
وعن الصعوبات الأخرى التي واجهتهم من حيث اختلاف الثقافات والقوانين، تقول سارة الكثيري، وهي حدى العائدات إلى المكلا إن “من أكبر المشكلات التي واجهتها في المكلا أن التعليم الجامعي مختلط، على عكس السائد في السعودية، مما أدى إلى رفض عائلتها التحاقها بالكلية التي تريدها”.
وعن صعوبة انسجامها مع أوضاع الحياة الجديدة تضيف: “في البداية كان الانسجام مع الناس هنا صعب، حيث ينظر لك البعض أنك تسببت في خلق الأزمات لمدينتهم الصغيرة، شعور دائم بأنك زاحمتهُ في حياته، تسببت في ارتفاع اسعار العقار والخدمات وربما حرمانه من الدخول للتخصص الذي يريده في الجامعة، لكننا رغم ذلك لاقينا استقبالاً وترحيباً كبيراً، ومع الوقت سيستوعب الناس أننا أبناء هذه المدينة أيضاً ولنا نفس حقوقهم”.
أزمة هوية
الكثير من المغتربين العائدين إلى مدينة المكلا قضى معظم حياته في السعودية، فيها نشؤوا وعاشوا وتطبعوا بطباع أهلها وعاداتهم وكانوا يحسبونها وطنهم الأبدي، يقول “ثابت علي” أحد الوافدين الجدد للمكلا: “أشعر أنني في حلم، لم أتخيل يوماً أنني سأفارق حارتي ومدرستي في جدة، وكأن كل السنين التي عشتها هناك، وكل المرات التي رددت فيها النشيد الوطني في الطابور الصباحي لم تشفع كوني لا أحمل جنسيتها، مضيفاً: “لا أنكر أن حضرموت بلادي ولكنها غريبة علي الآن، هنا أشعر بأني مختلف على الدوام ولا أستطيع إخفاء أو إنكار ذلك”.
وعلى الرغم من احتفاظهم بالكثير من ملامح الهوية الحضرمية، مثل بعض العادات ومصطلحات اللغة وعادات الطعام وغيرها، إلا أن فئة المغتربين تشكل خليطاً هجيناً بين ما هو سعودي وما هو حضرمي. ترى الدكتورة فتحية محمد باحشوان الاختصاصية الاجتماعية وعميدة كلية البنات في جامعة حضرموت “أنه على الرغم من كون المغتربين ينتمون إلى حضرموت أصلا، إلا أن السنوات الطوال التي قضوها في السعودية طبعتهم ببعض طبائع الأماكن التي عاشوا فيها، وألغت الكثير من الخصال التي كانوا يحملونها من بلدهم”.
وتضيف: “اندماج المغتربين في النسيج الحضرمي لن يكون سهلاً وربما يحتاج الكثير من الوقت، والدليل على ذلك أنهم يستقرون ويتجمعون في أماكن محددة”.
تنشيط الحياة الاقتصادية
من جانب آخر تعيش مدينة المكلا حالة انتعاش ملحوظ من حيث افتتاح الكثير من المشاريع الصغيرة من قبل المغتربين، ففي الشارع الممتد على طول حي المساكن -غرب مدينة المكلا- الذي أصبح أحد مراكز تجمع المغتربين، نرى شاحنات الطعام أو “الفود تراك” وأكشاك بيع ورق العنب والبليلة إضافة إلى مطاعم البيتزا والوجبات السريعة الاخرى.
“أي شخص يأتي إلى حضرموت سيلاحظ حركة الأعمال والتوسع العمراني في المكلا عاصمة حضرموت فعلى الرغم أن الحرب أثرت بشكل كبير على انهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، إلا أن الاستقرار الأمني الذي تعيشه حضرموت حالياً جعلها الملاذ الآمن لكثير من العائدين إلى الجمهورية سواء كانوا ينتسبون إلى حضرموت أو لغيرها”، كما يقول المحلل الاقتصادي سالم العوبثاني.
“سالم سعيد بن عفيف” أحد المغتربين العائدين وصاحب أحد أشهر مطاعم الوجبات السريعة في المدينة يقول عن تجربته إن “الاقبال العام على الوجبات التي يقدمها مطعمهم غير متوقع، في البداية كنا نُسأل كثيراً عن طبيعة الوجبات التي كانت جديدة على الناس هنا، وكنا نقوم بشرح مكونتاها لهم، فاستحسنها الكثير لجودتها وزاد الطلب عليها”.
مضيفاً أن أبرز الصعوبات التي واجهتهم كانت تتمثل في عدم وجود العمالة المؤهلة في هذا المجال، واضطررهم لتدريب العاملين على أساسيات الطهي وغيرها، أيضاً عدم توفر المواد الأولية وانقطاعها من عند التجار الموردين بالإضافة إلى أزمات الغاز والكهرباء وانقطاعاتها المتكررة.
ربنا يفرجها ان شاءالله لان عندما قام التحالف في اليمن شدد علا اخوتنا هناك وانهو ياخذ من هناك ويعطيها هنا