في الخطوط الأمامية للمواجهات وعلى خطوط النار، فقدت “داليا محمد” عينها اليسرى وهي تطبب وتسعف الجرحى من المدنيين هناك في مدينة تعز.
وبفقء عينها عدت أول جريحة من النساء في مدينة تعز، هي عضوة في العديد المبادرات والتكتلات النسوية، كما شاركت في عدة ندوات ولقاءات محليه وخارجية.
تنتمي داليا إلى مجتمع بدائي لا يتيح للمرأة فرصة للمشاركة في الحياة العامة، وكانت الفتاة أول حاصلة على درجة البكالوريوس في قريتها ما دفعها لتحفيز أخريات للحاق بالعملية التعلمية، واستطاعت إحداث تغيير؛ متحدية كل العادات والتقاليد الاجتماعية التي تفرض أن الفتاة فقط لأعمال المنزل.
داليا.. مؤذنة السلام
شاركت داليا بوساطات فتح طرق تعز في العام 2018م، بعد أن بدأت عملها المجتمعي منذ العام 2011م حيث شاركت في العديد من المبادرات المجتمعية والتطوعية والتكتلات الشبابية، مما أهلها لتشارك في مؤتمرات دولية في حقوق الإنسان محلياً وخارجياً، وعملت منذ اندلاع الحرب إلى الآن مسعفة متطوعة على خطوط النار ومقدمة إغاثة، إضافة إلى التطوع في التعليم وتوفير مستلزماته، وفي الدعم النفسي والتأهيل للمتضررين من الحرب وخصوصاً المبتورين من النساء والأطفال، والتوعية بمخاطر الألغام ومخلفات الحرب، ومقدمة رعاية صحية وإنجابية في الأرياف ومخيمات النزوح، والتوعية بالأمراض الوبائية، حيث عملت في ظل جائحة كورنا في حملات التوعية ومراكز العزل لتوفير الأكسجين والأدوية، كما عملت في مجال الرصد والتوثيق وحل النزاعات ومنها حل نزاع في قريتها -الضباب- عندما جف الحوض المائي للمنطقة، وأنهت داليا النزاع بتقسيم المزارعين إلى مجموعات وتوفير أنابيب إضافية لجلب المياه، وحفر بئر جديدة وأطلقتها في خدمة المواطنين والمزارعين.
نجاح يعزز الثقة
أفرز النزاع المسلح في اليمن عدداً من النساء الناشطات في المجال الحقوقي والإنساني وكان لهن أدوار بارزة من خلال العمل في منظمات المجتمع المدني أو المبادرات الذاتية وهنا نشير إلى النجاح الذي حققته داليا حفزها للمواصلة والاستمرار كما تقول لمنصتي “أشعر بسعادة خصوصاً عندما ألمس أثر النجاح وألتمسه في المجتمع في خدمتهم وأصبحتُ أكثر ثقةً وقبولاً لديهم، حيث أصبحت قدوة لدى بعض الأسر، حتى على مستوى تسمية مواليدهم من البنات باسمي، بل وتغيير أسماء مواليدهم إلى داليا”.
يقول الدكتور ياسر الصلوي وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز: لابد ان يكون الصوت النسوي حاضرأً هذه عملية السلام لأنهن يمثلن إلى ما يزيد عن نصف المجتمع اليمني، ولأن النساء أكثر استشعاراً بأهمية السلام من الرجل، وآثار الحرب تطال النساء ويدفعن الفاتورة الأكبر للصراع وتتحمل وزرها وأعباءها.
ويضيف الصلوي “في حين يغذي الرجال الصراعات تتحمل النساء تبعاتها وتداعياتها السلبية وبالتالي حضور النساء في صنع السلام مسألة في غاية الأهمية؛ حتى يكون صوت النساء مسموع وإضافة إلى ذلك حتى نضمن سلام دائم”.
طموحات جديدة
داليا تعز هكذا تسميها رفيقتها “ربا جعفر”: “منذ أن عرفتها في مطلع عام 2011” وتصفها -لمنصتي -30بأنها “ابنة ريف الضباب التي ما تأخرت يوماً عن نصرة مدينتها وناسها، في ظل كل الظروف كانت داليا ومازالت هي السباقة في الميدان، تغيث المنكوبين، تطبطب على أوجاعهم، تداوي جراحهم، تتلمس احتياجاتهم، تهتم بكل من حولها دون استثناء تاركة صحتها ونفسها في آخر الصف بل وتنسى نفسها”.
وتقول جعفر: “إنها الشعلة التي التي تنير لنا الطريق داليا أكثر شخص فقد أعزاء من أهله بل وفقدت صحتها في الحرب، ومازالت تعاني من أثر الإصابة ولكنها لم تتفوه يوماً بكلمة تدل على يأسها أو فقدانها شغف الحياة وشغف مساعدة الناس”.
وتطمح داليا ورفيقاتها في النضال النسوي إلى تعميم السلام في اليمن وأن يبددن الصراع.