يتعرض الرجل اليمني للانتقاد والتوبيخ في حال أبدى أي مؤشرات لمساندة المرأة، بالأخص المناصرات التي تتضمن كسر بعض حواجز المجتمع وعاداته، الأمر الذي يجعل أغلب الرجال يعزفون عن الوقوف بجانب المرأة، تجنباً لأشكال الأذى الذي قد يلحق بهم من المحيط الذي يعيشون فيه.
وبالرغم من احتكار العادات المجتمعية للكيفية التي ينبغي أن يساعد بها الرجل المرأة وحصرها في إطار هش إلا أن هناك فئة من الرجال، برزت بشكل جلي، تتحمل تبعات النظام الأبوي المجتمعي، وتقف مساندة للمرأة في سبيل تحقيق نجاحها وذاتها، مديرة بذلك ظهرها للتقاليد التي ترسي ظاهرة التمييز ضد النوع (المرأة) في المجتمع.
حكايات ملهمة
صالح الفتح يحكي لمنصتي 30، كيف يدعم ويساند زوجته، الفنانة فاطمة مثنى فيقول: “أدعم زوجتي بتشجيعي لها ووقوفي إلى جانبها وإعطائها الحب والأمان أولاً وقبل كل شيء”.
صالح في حديثه لمنصتي 30 يحكي عن جانب من الهجوم الذي طاله من المجتمع نتيجة لمواقفه الإيجابية تجاه زوجته، فيقول: “في البداية كان الأمر يزعجني كثيراً كشخص في مجتمع محافظ وكنت أسمع كلاما كثيراً، والأمر كان يؤذيني، إلا أنني مع الأيام اعتدت عليه وصار لدي وعي وإدارك للوضع، وأن أي شخص مميز أو موهوب موهبة حقيقية يصنع تغييراً في المجتمع، ولابد أن يتعرض لمهاجمة الناس، محاولين الدفاع عن آرائهم التي يرونها صحيحة، بأسلوب خاطئ”.
يضيف في حديثه فيقول: “زوجتي فنانة ومنذ البداية ونحن نعلم تماماً أننا سندفع ضريبة الظهور والنجاح، والآن أصبح هجوم الجمهور غير مؤثر، وأنا على يقين أن زوجتي يوماً ما ستصير ملهمة للكثير”.
الصحفي اليمني وهب الدين العواضي يحكي عن تجربته في دعم زوجته الصحفية هيفاء المذحجي فيقول: “كنت دائماً أشعر بالسعادة، وزوجتي يتطور وعيها الصحفي والعمل فيه، كما أنني كنت أشجعها على المبادرة في العمل أكثر وبنشاط أكبر، وأقف إلى جانبها ودعمها باستمرار وأعمل على تقديم المساعدة لها إن تطلب الأمر ذلك”.
يضيف في حديثه فيقول: “أنا لا أجد مانعاً من عمل المرأة، ما دام هذا الأمر شغفها وحبها ينمو ويتعاظم، وهنا يقع على عاتق الرجل أن يكون الداعم والمساند والمشجع، أعتقد أن المرأة مذهلة جداً في إتقان عملها خصوصاً إن كان هناك من يدعمها للاستمرار ولا يكبح طموحها كما هو الأمر الحاصل في مجتمعنا، لدى المرأة قدرات فائقة، وبمساعدة زوجها أو شقيقها أو أبيها ستبدع أكثر في عملها”.
المرأة مابين النظرة المحدودة والقرارات المحددة
هناك تقاليد مفروضة على المرأة في اليمن، فما إن يحاول شخص ما تجاوزها بتبنيه ما هو عادل تجاه المرأة يكون قد اختلف مع هذا السائد ليشكل خطراً حقيقياً على الجماعة كفرد، ومن المتوقع مهاجمته بردة فعل سيئة وقاسية.
في هذا الخصوص يقول الناشط عبده تاج لمنصتي 30: “في تركيبة المجتمع المتسلط ضد المرأة يدفع الرجل الثمن غالياً لو مارس وتبنى أفكار منصفة للمرأة”.
يستدرك التاج بأسى بالغ: “ينال المجتمع من كرامته ويشكك في انتمائه ودينه” مشيراً بذلك إلى تبعات السلوكيات النفسية المؤلمة والتي تهدد سلامة الرجل من الداخل.
يصف التاج الوضع بالمعركة حيث يقول”إن الأمر أشبه بمعركة مجتمع ضد فرد، “موضحاً بذلك الصعوبة التي يواجهها الشخص المجتمع ضد واحد مختلف”.
“هذا الواحد الذي يؤمن بالعدالة وحقوق المرأة أو إعادة التفكير بها على الأقل ويكون هذا من منظور إنساني أو شخصي أو فكري، بينما الآخر يرى أن هذا “ما وجدنا عليه آباءنا الأولين”.
من جانب آخر يقول شهيم عبد الله صحفي وكاتب” أن الرجل ذو الموقف الإيجابي المساند للمرأة في المجتمع اليمني، يوصم بالعار ويقذف بالدناءة وقد يصل الأمر إلى نفي الرجولة عنه”.
في حديثه لمنصتي 30 يرى أن: “نظرة الرجل للمرأة اليمنية تقوم على أنها محدودة التفكير وناقصة، ويتوجب أن تبقى دوماً تحت وصايته، وهو من يختار عنها، ويحدد قراراتها، بالإضافة إلى ذلك، هناك عادات وتقاليد موروثة تضع تسلط الرجل وتزمته الشديد في وصايته للمرأة؛ معياراً لمدى رجولته وأخلاقه، ومثل هذه العادات ما زالت حاضرة في المجتمع اليمني على وجه الخصوص”.
التاريخ الثقافي والاجتماعي
الدكتور محمود البكاري، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز، يقول إن وقوف الرجل إلى جانب المرأة حق أساسي من حقوقها يقابله واجب على المرأة نحو الرجل وهكذا تسير الحياة الزوجية السعيدة القائمة على المحبة والتضحية والإيثار وكل طرف يكمل الآخر.
في تصريحه لمنصتي 30 يقول: “يمكن أن تكون هناك أسباب ثقافية واجتماعية متوارثة تعتبر أن مساعدة الرجل للمرأة وخاصة الزوجة، في بعض الأعمال، فيها تقليل من هيبة الرجل، ومكانته، بصورة تجعل منه سخرية للآخرين”.
يضيف فيؤكد على أن “الطابع السائد في المجتمع اليمني هو أن يقتصر دور الرجل على سلطة الأمر والنهي، والتوجيه والإشراف، بينما تتحمل المرأة مسؤولية القيام بالأعمال المنزلية، ولا يدرك الرجل في هذه الحالة أن الحياة الاجتماعية والزوجية تقوم على أساس التشارك والتعاون ولا يوجد ما يعيب أن يتعاون الرجل مع المرأة في تربية الأبناء والسعي لتحصيل الرزق”.
ويختتم البكاري حديثه بالقول إن “الأنانية والاحتقار للمرأة ولدورها في المجتمع، صفات ذميمة متخلفة، يجب مكافحتها، والتوعية بمخاطرها على الأسرة والمجتمع”.
ستزول النظرة الذكورية الغير مساندة للمرأة عندما يتأكد المجتمع أن أدوارها هامة وذلك باشراكها بكل عمل تبدع فيه