عادة ما يحدث في الأربعينات والخمسينات من عمر المرأة انقطاع الدورة الشهرية والطمث وهذا من علامات وقف الخصوبة، على الرغم من إمكانية حدوث العقم المرتبط بالعمر قبل ذلك. والعلاقة بين العمر وخصوبة الإناث في بعض الأحيان يشار إلى “الساعة البيولوجية “عند المرأة.
وتولد المرأة بنحو مليون بويضة وتقل إلى 300 ألف عند البلوغ، ثم 25 ألف عندما تبلغ 37 عاماً وتصل إلى 1000 فقط عندما تبلغ 51 عاماً، ومن بين هذه البويضات لا ينضج سوى ما يتراوح بين 300 و400 بويضة فقط.
ظل العلماء لعقود يربطون بين تراجع خصوبة النساء وبين انخفاض عدد البويضات في المبايض بفعل التقدم في السن على عكس الرجال، الذين تنتج أعضاؤهم التناسلية ملايين الحيوانات المنوية يومياً، فإن المرأة تولد بجميع البويضات التي قد تنتجها طوال حياتها ومن ثم يتضاءل هذا العدد باستمرار كلما تقدم بها العمر.
كما تنخفض الإمكانية الإنجابية للائي يبلغن من العمر 35 عاماً فأكثر بشكل كبير، فبعد سن الأربعين تقل فرص الحمل الطبيعي بنسبة تصل إلى 10%.
الرجال أيضًا
ويعاني الرجال أيضًا من انخفاض قدرتهم على إنجاب الأطفال مع تقدمهم في السن، لكن هذا الانخفاض في الخصوبة يبدأ بوقت متأخر ويحدث ببطء أكثر من النساء ويميل معدل الخصوبة عند الرجال إلى البدء في الانخفاض من سن 40 إلى 45 عاماً.
كما خلصت دراسة إلى أن قدرة الحيوانات المنوية على الحركة داخل الجسم تتراجع بنسبة 0.7 في المئة سنوياً، وكلما زاد عمر الرجل زادت احتمالات وجود طفرات في المادة الوراثية للحيوانات المنوية وأن الآباء الأكبر سناً يوّرثون طفرات أكثر لأطفالهم مقارنة بالأمهات.
أجرت أندريا جوريسيكوفا، أخصائية أجنة بمستشفى ماونت سيناي بكندا، أبحاثاً لسنوات حول كيفية إبطاء وتيرة تراجع خصوبة المرأة بفعل التقدم في العمر. وخلصت أبحاثها إلى أن التجارب التي تمر بها كل امرأة على حدة، مثل الضغوط النفسية والتعرض للإشعاعات والمواد الكيميائية السامة وحتى المؤثرات التي تعرضت لها عندما كانت في رحم أمها، تلعب دوراً في تحديد عدد البويضات في المراحل المتقدمة من العمر.
كما أن البويضات هي خلايا استثنائية، تعد الأكبر بين خلايا الجسم ولها خصائص فريدة، إذ تمتلك البويضة القدرة على التوقف عن النمو والدخول في حالة سبات لسنوات أو عقود حتى تطلق من الرحم أثناء عملية التبويض.
والعجيب أن نمو البويضة بعد خروجها من السبات يستغرق نفس عدد الأشهر التي يقضيها الجنين داخل الرحم، وأثناء هذه الفترة، تجمع البويضة الموارد التي تحتاجها في حالة إخصابها.
طرق تحسين نوعية البويضات
رغم أن الطب لا يزال عاجزاً عن تغيير عدد البويضات التي ترزق بها كل انثي الا أن هناك طرقاً لتحسين نوعية البويضات أو إنقاذها.
– اتباع نمط حياة صحي
– المواظبة على التمارين الرياضية
– الابتعاد عن الضغوط النفسية
– علاج المشاكل الصحية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية وغيرها من أمراض المناعة الذاتية.
لا تقتصر التحديات التي تواجهها الراغبات في الإنجاب كلما تقدم بهن العمر على تراجع الخصوبة، بل يواجهن أيضاً مخاطر أكبر أثناء الحمل والولادة.
من خلال دراسة اجريت في الولايات المتحدة لأكثر من 36 ألف امرأة، خلصت إلى أن الأمهات اللائي يتجاوزن الأربعين، أكثر عرضة مرتين أو ثلاثة من نظيراتهن الأصغر سناً للإصابة بمشاكل صحية أثناء الحمل مثل: داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأكثر عرضة مرتين للإصابة بالنزيف من المشيمة، والخضوع لعملية قيصرية والإجهاض.
أما عن محاولات الحفاظ على خصوبة المرأة لأطول فترة ممكنة، فيبذل العلماء محاولات لتحقيق المساواة بين الجنسين في هذا الصدد، وفي العالم الماضي أنجبت مسنة هندية عمرها 74 عاما، توأمتين عبر الإخصاب في المختبر، بعد أن ظلت عاقراً لمدة 57 عاما، ومنذ ثلاث سنوات أنجبت مسنة أخرى من شمال الهند عمرها 72 عاماً طفلا بعد انتظار خمسة عقود ومحاولتين فاشلتين للتخصيب في المختبر.
وقد أسهمت التطورات المتلاحقة في مجال الطب الإنجابي على مدى العقود الماضية، في زيادة أمان التقنيات الإنجابية الاصطناعية ونسب نجاحها وسهولتها وانخفاض أسعارها، ففي عام 2014، كان تسعة في المئة فقط من الأمهات ينجبن أطفالاً للمرة الأولى بعد بلوغهن 35 عاماً، لكن الآن يولد سنويا نحو 230 طفلاً في المملكة المتحدة لأمهات يتجاوزن الخمسين.
غير أن هذه التقنيات الجديدة قد تسهم في الحفاظ على خصوبة النساء لفترة أطول ولكن ليس للأبد، فجميع النساء ستتراجع خصوبتهن مع مرور الوقت.