ثمة العديد من الذكور الإيجابيين داخل المجتمع اليمني الذين وضعوا لهم بصماتهم الخاصة، حيث كانوا حلفاء في الجهود المبذولة لتعزيز المساواة بين الجنسين، ومنع العنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وقدموا الدعم للمرأة حتى تساوت معهم في إطار النشاط في العمل داخل مؤسسات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية على وجه التحديد.
هنا نستعرض تجارب سياسيين دعموا زوجاتهم في ممارسة العمل السياسي داخل الأحزاب السياسية، حتى تبوأ الزوجان منصب “عضو لجنة مركزية” داخل الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري.
ويشغل الدكتور محمد صالح قباطي وزوجته جوهرة سعيد، وكذا فائز نعمان وزوجته أروى الهيال عضوية اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي اليمني، كما يشغل الدكتور عبده غالب العديني وزوجته الدكتورة شفيقة سعيد، ونبيل عبدالحفيظ وزوجته رنا غانم، وعادل العقيبي وزوجته صباح الشرعبي، ومجيب المقطري وزوجته نجاح حميد، عضوية اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري.
في هذا التقرير نستعرض أربع قصص لعلاقات زوجية ناجحة، امتد نجاحها للتزامل في قمة الهرم التنظيمي الحزبي، حيث انعكس الانسجام في الحياة الزوجية على الحياة الحزبية، فأصبح الزوجان قائدين حزبيين.
ممارسة العمل الحزبي
في ثمانينيات القرن الماضي كان الشاب محمد صالح قباطي والشابة جوهرة حمود يدرسان في كلية التربية العليا بجامعة عدن، وكان قباطي قيادياً في منظمة الحزب الاشتراكي بالجامعة، بينما لم تكن جوهرة تنتمي لأي حزب سياسي، وخلال تلك المرحلة أغرما ببعض، وتوجا علاقتهما العاطفية بالزواج في العام 1985.
بعد عام من الزواج حصلت جوهرة على عضوية الحزب الاشتراكي، لتبدأ بممارسة العمل الحزبي من داخل أسرتها الجديدة التي تشكلت حديثاً.
عملت جوهرة كمديرة مدرسة لإحدى مدارس عدن الثانوية، وهذا الأمر ساهم بصعودها الحزبي، ونتيجة للشخصية القيادية التي تتمتع بها، وبتشجيع ودعم لا محدود من زوجها، تم الدفع بها للترشح لعضوية المجلس المحلي لمحافظة عدن في العام 2001، لتفوز في الانتخابات، وبعدها بأعوام وتحديداً في العام 2005 تم ترشيحها من أعضاء المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي اليمني لعضوية اللجنة المركزية، ثم المكتب السياسي، ومنه تم انتخابها لمنصب الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني.
يقول قباطي لـ”منصتي 30“: “ليس لدي أي مشكلة تجاه حزبية المرأة، بالعكس أكن للمرأة الحزبية كل التقدير والاحترام، والقيمة المضافة لعملنا الحزبي أنا وزوجتي تمثلت في تعزيز روابط الشراكة والعمل المشترك، وربما قدر من مواجهة المصاعب والتحديات المشتركة”.
تقول جوهرة لـ”منصتي 30” استفدت من خبرة زوجي الطويلة في العمل الحزبي، وتشجيعه لي، ومن خلال مواقفه العملية كداعم للمرأة”.
وترى جوهرة أن المرأة الحزبية تحتاج إلى استقرار في حياتها الأسرية والعملية، حتى تتمكن من المشاركة في الحياة السياسية بطريقة خلاقة ومبدعة، والمسألة شاقة ومعقدة، لكن المرأة الحزبية هي مناضلة صلبة ذات إرادة قوية، وتتحمل الصعوبات، والعمل الحزبي أضاف لحياتي الزوجية بأن جعلتنا أنا وزوجي أكثر احتراما وتفهما لبعضنا البعض، وأكثر تعاونا وقدرة على مواجهة مصاعب الحياة”.
تشجيع وتعاون
في مدينة تعز مارست الشابة صباح الشرعبي العمل الحزبي منذ أن كانت في الصف الأول الثانوي، وهذا الأمر جعلها تصعد باكراً سلم الهرم التنظيمي للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، لتصعد في المؤتمر العام التاسع في 1999 لعضوية اللجنة المركزية.
في العام 2000 ارتبطت بالقيادي الناصري عادل العقيبي والذي كان هو الآخر عضواً في اللجنة المركزية، لتحظى بعد ذلك بدعم زوجها على ممارسة العمل الحزبي والعمل المدني بشكل عام، ولتتدرج -بالتزامن مع صعودها في سلم العمل التنظيمي- في سلم العمل المدني حيث تشغل اليوم منصب رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة فرع تعز.
تقول صباح لـ”منصتي 30“: “عمل زوجي على تشجيعي للاستمرار في العمل الحزبي، وأعطاني الثقة، وأكسبني الخبرة في العمل، ولم يؤثر العمل الحزبي على أية التزامات أسرية بالنسبة لي، واستطعت أن أوفق بين وظيفتي، وعملي الحزبي، وكذلك أسرتي، وبلا شك فالمرأة الحزبية تحتاج إلى الإيمان بقدراتها، وإشراكها الإشراك الحقيقي في العمل الحزبي”.
تقارب وتشارك
أروى الهيال وفائز الصنوي، كانا من أنشط الطلاب في القطاع الطلابي للحزب الاشتراكي اليمني بجامعة صنعاء، حيث جاءا من بيئة وأسر اشتراكية، وقد جمعتهما علاقة نضال وحب توجت بزواجهما مطلع العام 2005م.
تقول أروى لـ”منصتي 30“: “ارتباطي بفائز ساعدني، وقدم لي كثير من الدعم والتفهم، حيث ما زالت النظرة للمرأة الحزبية والسياسية قاصرة في مجتمعنا، وساعدنا أننا نحمل نفس القيم والقناعات وننضوي تحت إطار حزبي واحد، وهذا ساعدني للانطلاق أكثر” .
تضيف أروى، تحتاج المرأة لدعم سواءً على مستوى الحزب كداعم لها، وكذا بمحيط الأسرة والمجتمع، حتى يصل صوتها وتعبر عن آرائها، فالمجتمع لا يستقيم إلا بوجود حقيقي لشراكة المرأة في كل مفاصل الحياة، وأثبتت المرأة اليمنية وبالخصوص الحزبية قدرتها من خلال الأدوار التي تلعبها اليوم، سواءً بالجوانب الإنسانية والإغاثية وغيرها في ظل أوضاع الحرب التي أدخلت اليمن في نفق مظلم منذ ما يقارب التسع سنوات”.
وتؤكد أروى أن العمل الحزبي لا يؤثر على الالتزامات الأسرية في حال استطاعت المرأة أن توازن فيما بينهما، وخاصة في حال وجدت دعم من المحيطين بها، والعمل الحزبي أضاف الكثير لحياتنا الزوجية كوننا في نفس التوجه السياسي، مما ساعدنا على التشارك فيما بيننا سواء في قضايا وطننا وحياتنا اليومية وانعكس على تربيتنا لبناتنا”.
تقبل وجهات النظر
مجيب المقطري ونجاح حميد، شابان ينتميان للتنظيم الناصري، كانا يشغلان عضوية المكتب التنفيذي لفرع التنظيم الناصري بتعز وهما في ريعان الشباب نتيجة لامتلاك كل منهما للشخصية القيادية، ومن داخل مقرات التنظيم الناصري خرجت قصة حبهما التي تكللت بالزواج في العام 2012.
تقول نجاح في حديثها لـ”منصتي 30” شريك حياتي دعمني في مجال المشاركة في اتخاذ القرارات فيما يخص العمل الحزبي أو أي مشاركة تخص ذلك، بالإضافة إلى تطوير معارفي ومهاراتي السياسية وتنميتها، واطلاعي على كل ما هو جديد في الساحة، ووضعي في الصورة دائماً عند أي نقاش يخص الوضع السياسي الراهن”.
وترى نجاح أن المرأة الحزبية تحتاج دعمها، وتعزيز مشاركتها في صنع القرار وبناء قدراتها السياسية، وترى أن الحياة الحزبية تؤثر أحياناً على الالتزامات الأسرية للمرأة، كما تؤكد أن العمل الحزبي أضاف لحياتها الزوجية التفاهم والتقارب الفكري والعاطفي، وتقبل وجهات النظر، والانسجام المطلق فكرياً وثقافياً، والإحساس بالمسؤولية المطلقة تجاه العائلة والعمل، وأيضاً مراعاة بعضنا البعض عند أي تقصير أو انشغال”.