article comment count is: 0

الدراية القانونية .. درع حماية للصحفيات!

تواجه الصحفيات اليمنيات العديد من المصاعب والتحديات التي تقف في وجه عملهن الصحفي، إذ لم تستثنَ الصحفية من المتاعب التي تنتاب المهنة منذ اندلاع الحرب في البلاد مطلع عام 2015.

قدمت صحفيات يمنيات ثمنًا باهظًا وصل حد فقدان الحياة كما حدث مع رشا الحرازي التي قتلت إثر انفجار عبوة ناسفة بسيارتها وهي في طريقها إلى المستشفى في نوفمبر 2021، بينما اضطرت هالة باضاوي للمكوث في السجن نحو ثلاثة أشهر بسبب تهم عدة وجهت لها من السلطات المحلية بمحافظة حضرموت، شرقي البلاد، أدت إلى اعتقالها في ديسمبر 2021، وتعرضت عبير عبدالله إلى المنع والتهديد أثناء عملها على تقرير ميداني في مدينة تعز جنوبي غربي اليمن في أكتوبر 2020.

سلسلة من المتاعب والمصاعب ترافقها حالات منع من السفر وإجراءات معقدة سواء على المستوى العام أو تحديدًا تجاه المرأة، هذا ما حدث ويحدث لصحفيات عدة بمناطق سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثيين، ما أدى إلى تضاؤل العمل الصحفي بشكل عام.

هكذا تبدو الحاجة ضرورية لتسلح الصحفيات اليمنيات بالقانون وفهم المسؤوليات القانونية وترجمتها في حياتهن المهنية بما يعزز حمايتهن ويساهم في صناعة المزيد من الأثر الناتج عن ما يقدمنه وينتجنه من أعمال صحفية متنوعة.

الحاجة للفهم

فهم القانون مهم جدًا للصحفيات اليمنيات إذ يمكنهن من معرفة حقوقهن وكيفية حمايتها، سواءً كان ذلك في مجال العمل الصحفي أو في حياتهن الشخصية، ويشمل ذلك حقوق النشر، حقوق العمال، وحقوق الإنسان، كما أنه يعزز ممارستهن للصحافة بأمان؛ فالصحفيات في اليمن يعملن في بيئات محفوفة بالمخاطر، ومعرفة القوانين المحلية والدولية المتعلقة بحرية الصحافة وحماية الصحفيين يمكن أن يساعدهن في اتخاذ خطوات مهمة لحماية أنفسهن، ولو بالحد الأدنى على مستوى الإجراءات وفقًا للمتاح.

إن استخدام الصحفيات معرفتهن بالقانون للدفاع عن حرية الصحافة في اليمن والمساهمة في تعزيز التشريعات التي تدعم هذه الحرية يؤكد مدى أهمية ذلك اليوم ليس للصحفية فقط، بل بما يسهم في تحسين وضع المرأة في المجتمع اليمني، ويمنح الصحفيات الأدوات اللازمة للعمل بكفاءة وأمان، ويعزز من قدرتهم على التغيير الإيجابي في مجتمعهن.

بخلاف الأوضاع الراهنة، المعرفة القانونية جزء أساسي من عمل الصحفيات إذ أنه ينبغي على الصحفيات مراعاة اختيار المصطلحات بدقة في القضايا التي يعملن عليها والمعرفة القانونية تشكل باب الحماية الأول لهن حتى لا يقعن تحت المساءلة القانونية ولا ينتزع منهن اعتذارًا أو أحكامًا قضائية، هذا ما تراه مروى العريقي، صحفية ومدير تحرير منصة هودج.

التثقيف حجر الزاوية

لا تتوقف الحاجة عند فهم القوانين وحسب بل تتجاوزها إلى إجراءات عملية تعزز ذلك من خلال إقامة دورات تدريبية تستهدف الصحفيات تغطي حقوقهن والقوانين المرتبطة بالجانب الصحفي، إضافة إلى إعداد أدلة توعوية تشرح القوانين المتعلقة بالصحافة وكيفية التعامل مع القضايا القانونية بما ينعكس على حقوق الإنسان.

خطوات تحتاج إلى تعاون فاعل مع المنظمات والمؤسسات القانونية والمكونات المهتمة بالجوانب الحقوقية للدفع نحو عقد شراكات توفر الدعم والمشورة القانونية للصحفيات، وبشكل أجدى قد ينجم عنه تأسيس وحدات دعم قانوني داخل المؤسسات التي تعمل بها الصحفيات والصحفيين وحتى من قبل نقابة الصحفيين والكيانات الجامعة والمنظمة للعمل الصحفي في البلاد.

ذلك ما تؤكده العريقي بقولها: في القضايا المتعلقة بالجرائم هناك جهل في استخدام المصطلحات القانونية وهذا ينعكس سلبًا في طريقة تناولها، والسبب في ذلك يعود إلى قصور المعرفة القانونية لدى الصحفيات على سبيل المثال: إصدار حكم الإعدام على المتهم تعزيرًا يختلف عن إصداره قصاصًا، فالتعزير ترك للقاضي ويمكن النقض فيه، بينما القصاص لا مساومة فيه.

وتضيف: إسقاط كلمة واحدة أو تعديلها دون وعي وإدراك يفقد الصحفي والصحفية عنصرًا هامًا من عناصر عملهم وهو الدقة ونقل أخبار مزيفة تساهم في تزييف الحقيقة.

فارق مهني

تبقى الصحفية المتسلحة بالقانون فهمًا وتوعية أكثر حضورًا على المستوى المهني، وينعكس ذلك على تناولاتها الحقوقية والإنسانية بما ينقل تطلعات الناس واحتياجاتهم وبما يحافظ على كرامتهم وإنسانيتهم دون امتهان.

فعلى المستوى المهني سيمكن الوعي بالقوانين الصحفيات من ممارسة عملهن بشكل أكثر جرأة وفعالية مع فهم الحقوق المكفولة وكيفية الدفاع عنها، كما سيساعدهن في إنتاج تقارير وتحقيقات دقيقة وموثوقة قائمة على الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية، وسيمكنهن من الدفاع عن حقوقهن في حالة التعرض للانتهاكات أو التهديدات.

وعلى مستوى الإنتاج سيحسن ذلك من جودة التغطية والعمل الصحفي بما يضمن توازن وشمول المحتوى وتوافقه مع المعايير القانونية، وسيؤدي ذلك إلى تعزيز ثقافة القانون في أوساط المجتمع، وقبل ذلك سيكون لديهن القدرة على التعامل بشكل أفضل مع النزاعات القانونية المحتملة التي قد تنشأ نتيجة عملهن الصحفي، هذا ما تذهب إليه المحامية والحقوقية غزة السامعي التي تضيف في حديثها لمنصتي 30: “أن تكون الصحفية على دراية قانونية كافية تعني أنها تفهم القوانين واللوائح المتعلقة بالعمل الصحفي، بما في ذلك حقوق الصحافة وحرية التعبير، وأي تشريعات أخرى تنطوي على ممارسة مهنتها، وعلى المستوى الشخصي، تعني أنها تفهم المسائل القانونية التي قد تواجهها كفرد في مجتمعها، مثل حقوق الخصوصية والسلامة، و تفهم حقوقها وواجباتها كفرد في المجتمع وتلتزم بالقوانين واللوائح المحلية والوطنية”.

إن فهم الصحفيات اليمنيات للقوانين لن يعزز فقط من حقوقهن وأمانهن الشخصي، بل سيساهم في تطوير الصحافة اليمنية بشكل عام، وسيلعب دورًا حاسمًا في تعزيز حقوق المرأة وقضاياها في اليمن، مما يساهم في تحقيق تقدم ملموس نحو المساواة والعدالة الاجتماعية.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً