article comment count is: 0

ما الحلول لمناهضة التمييز ضد المرأة وتعزيز دورها في مناصب صنع القرار؟

“طوال الأربعين عامًا التي شغلتها في العمل الحكومي، لم أجد من ينصفني أو يساويني بزملائي الرجال من مديري العموم في المحافظة”. هكذا بدأت أروى الخلاقي، مدير عام قطاع المرأة سابقًا في محافظة الضالع، حديثها حول عملها في هذا المنصب. رغم تقلدها منصبًا يعتبر حكرًا على الرجال، إلا أنها تحدثت عن الوجه الآخر لعدم المساواة في الحقوق التي تحصل عليها المرأة مقارنةً بأقرانها من الرجال فيه.

تقول الخلاقي في حديثها لمنصتي 30: “حُرمت من تسويتي كمدير عام من الامتيازات التي يتمتع بها زملائي من الرجال، مثل المخصصات المالية، وبدل السفر، وتوفير سيارة، وأحيانًا حتى المكاتب الملائمة للعمل. في المقابل، يتوفر للرجال في نفس المنصب سيارات، مخصصات مالية تصل إلى 300 ألف ريال فصليًا، وسكن مدفوع”.

وبحسب الخلاقي، فإن الحال وصل بها للعمل كضيفة في مكاتب أخرى، ولم تتلقَ أي دعم من المسؤولين في المحافظة، رغم الأوضاع الإنسانية التي مرت بها، بما في ذلك سفرها لعلاج ابنتها المصابة بالسرطان. وأشارت إلى أنه يتم استخدام المرأة كواجهة لإظهار المساواة أمام المنظمات، بينما الواقع مليء بالتمييز والتهميش.

لا تختلف قصة أروى الخلاقي عن قصة وفاء الصلوي، التي أكدت، في حديثها لمنصتي 30، معايشتها التمييز على أساس الجندر في عملها. وقالت الصلوي إن المرأة في المناصب الحكومية الإدارية تواجه تمييزًا عنصريًا واضحًا وعلنيًا، وهو ما عايشته كمدير عام للشؤون القانونية في ديوان محافظة تعز.

أُقصِيت الصلوي من منصبها دون أي مسوغ قانوني بسبب مكافحتها لعدد من ملفات الفساد في المحافظة. وبرغم شغلها عددًا من المناصب لعقود من الزمن، إلا أن ذلك لم يشفع لها في ظل هذا التمييز والفساد الذي تعيشه البلاد. تقول: “النساء في الجهاز الإداري للدولة يعانين من تمييز واضح مقارنة بالرجال، ومن يتحدث عن تمكين المرأة في مناصب صنع القرار فهو واهم. كنت، على سبيل المثال، أستلم ميزانية تشغيلية تقدر بـ200 ألف ريال يمني فقط، عندما كنت أشغل منصب مدير مكتب الشؤون القانونية في ديوان محافظة تعز. وبعد إقصائي وتعيين رجل في المنصب، أصبحت الميزانية فجأة تقدر بـ 2 مليون ريال يمني”.

وبحسب الوصابي، فإن الأمر لا يقتصر فقط على النساء في مناصب صنع القرار الإدارية، بل ليس هناك عمل فعلي وواقعي للمرأة، سواء في اللجنة العليا للمرأة أو اتحاد نساء اليمن أو غيرها من الكيانات التي تمثل المرأة اليمنية. دائمًا ما تكون النساء مجرد واجهة، لكنهن لا يملكن فعليًا الصلاحيات لإصدار القرارات أو ممارسة حقوقهن القانونية في أعمالهن، حد وصفها.

أسباب التمييز

تعكس قصة الصلوي والخلاقي واقعًا مؤلمًا للتمييز الذي تعيشه المرأة في عملها في المواقع القيادية، مما يوضح الفجوة بين الادعاءات بالمساواة والواقع الفعلي الذي يفتقر إلى العدالة.

ورغم توقيع اليمن على اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة مع التحفظ على بعض بنودها، إلا أن التمييز على أساس الجندر مايزال متجذرًا ويمارس في مؤسسات الدولة نفسها.

“إن استبعاد المرأة اليمنية من تقلّد أي منصب وزاري في الحكومات المتتالية منذ أعوام، وغيابها في مناصب صنع القرار السياسي وطاولة المفاوضات، يُعدّ إغفالاً خطيرًا لحقوقها ومساهمتها الفاعلة في الحياة السياسية وبناء السلام، وسببًا رئيسيًا في تعميق الفجوة وزيادة التمييز ضدها”، بحسب ما أشارت إليه المدير التنفيذي لمركز “سوث24” للإعلام والدراسات، فريدة أحمد.

وأوضحت لمنصتي 30، أنه رغم وجود النساء اليمنيات في المناصب الإدارية التنفيذية لمؤسسات الحكومة، إلا أن وجودهن لا يكاد يُذكر، وتواجه المرأة تحديات تتعلق بالتحيزات الداخلية لكونها امرأة. فضلاً عن محاولة تهميش صوت النساء بحجة أنّ هناك أشياء أهم من بحثهن عن فرص متساوية مع الرجال في ظل الأوضاع الراهنة للصراع، أو كما درج كثير من الرجال بالقول: “مش وقتكم الآن”. حتى اللحظة، ما زالت المرأة تلعب أدوارًا استشارية في مكتب المبعوث الأممي، أو في هيئة المصالحة والتشاور، أو في الإدارات الأدنى في مؤسسات الحكومة.

من جهتها، قالت مستشارة الجندر والمجتمع المدني في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، بلقيس اللهبي، إن النساء في اليمن يواجهن عقبات متعددة تحول دون وصولهن إلى مواقع صنع القرار، في ظل بيئة إدارية يغلب عليها الطابع الذكوري والمحسوبية. ويعد الوصول إلى المناصب القيادية غالبًا نتاج مصالح شخصية ومحاصصات حزبية ومناطقية، وهي آليات تستبعد النساء بشكل واضح وتعمّق فجوة التمييز ضدهن.

كما أوضحت أن النساء لا يفضلن الانخراط في شبكات المصالح غير القانونية، مثل الرشاوى أو تمرير العطاءات غير المستوفية للشروط، ما يجعلهن أقل قدرة على التفاوض لتحقيق مكاسب شخصية. وأضافت: “تُدار القرارات غالبًا خارج الدوائر الرسمية، في لقاءات خاصة أو في مجالس القات، وهي أماكن يصعب على النساء التواجد فيها، مما يعمّق من تهميشهن. كما أن التعيينات القيادية في السنوات الأخيرة تفتقر إلى الالتزام بالتدرج الوظيفي، وغالبًا ما تُمنح لأشخاص من خارج المؤسسات، ما يضعف كفاءة الجهاز الإداري ككل”.

معالجة التحديات

ولمعالجة هذه التحديات، أوصت اللهبي بأن “المرحلة القادمة تتطلب مجموعة من التدابير الحاسمة، منها الالتزام الصارم بالقوانين واللوائح التي تضمن التدرج الوظيفي العادل، وإنشاء قنوات فعّالة لتلقي الشكاوى وحل القضايا الإدارية القائمة على التمييز. كما يجب العمل على إبراز قصص نجاح النساء القياديات وتكريم إنجازاتهن كنماذج يُحتذى بها”.

موضحة أن هذه الحلول تمثل خطوة أولى نحو بناء بيئة إدارية تضمن مشاركة عادلة وفاعلة للنساء في مواقع صنع القرار، بما يسهم في تعزيز المساواة والكفاءة في المؤسسات الحكومية.

من جانبها، قالت فريدة أحمد إن ضعف تواجد النساء في المناصب العليا عزز التمييز ضد المرأة، ويمكن تعزيز دورها على المدى القصير عبر “المفاضلة” في التوظيف والترقيات، وعلى المدى الطويل بتطبيق “كوتا التوظيف”.

كما أشارت إلى أهمية دعم وجود المرأة في مراكز القرار عبر شبكات ضغط نسوية، وفي الإعلام، وإشراكها في مفاوضات السلام لضمان تضمين قضاياها. وأضافت أن للمراكز البحثية دورًا مهمًا في تغيير التصورات السلبية ونشر الوعي بأهمية تمكين المرأة لتحقيق السلام والتنمية.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً