يومياً، تطالعنا الصحف والبرامج الصباحية بنشرة الأبراج والتي تكشف عن طالع حظنا، طبيعة مزاجنا وتستبق كل ذاك بالتحذيرات والنصائح. لا يستغني الملايين من الناس حول العالم عن توجيهات خبراء الأبراج، ففي الولايات المتحدة وحدها تدير نشاطات التنجيم المختلفة تجارة بحجم 2.1 مليار دولار وهي في اتساع. لكن هل تعرفون ما هي الأبراج؟ وكيف تغلغل التنجيم بها عميقاً في الثقافة المعاصرة؟
أصل الأبراج
منذ عصور سحيقة وبمراقبة السماء لاحظ البشر الأوائل أنماطاً تكرر نفسها في حركة الشمس، القمر، الكواكب وحتى النجوم. ومع ظهور الزراعة والملاحة البحرية احتاج البشر لدراسة دقيقة لهذه الدورات لتصبح السماء ساعاتنا وبوصلاتنا الأولى، فظهر علم الفلك.
في هذا السياق، يُعرّف الفلكيون اليوم 110 كوكبة نجمية تُرى بالعين المجردة فيما يُشبه الخارطة السماوية. كل كوكبة منها تتكون من نجوم ذات أحجام مختلفة واقعة على أبعاد مختلفة منّا، إلا أن زاوية إسقاطها على القبة السماوية للأرض –أو السماء التي نرى ليلاً– تجعلها تبدو متجاورة وعند دوران الأرض حول محورها فإن هذه النجوم تبدو كما لو أنها تتحرك معاً من الشرق إلى الغرب.
ولأن الأرض تدور حول الشمس أيضاً، فإن هذه الأخيرة تظهر لنا كما لو أنها تتنقل من شهر لآخر بين الكوكبات المتراصة على طول مسار دورانها في القبة السماوية. وبغرض وضع تقويم زمني دقيق لدورة الشمس، قُسم مسار الشمس السنوي أو فلك البروج إلى اثني عشر جزءاً متساوياً بسعة 30 درجة فلكية يُعرف الواحد منها بالكوكبة التي تشغله، فظهرت الأبراج الاثنا عشر. وعندما اعتمد البابليون النظام للمرة الأولى جعلوا بدايته مطابقة للاعتدال الربيعي في الـ 21 من مارس حين تبدأ كوكبة الحمل باختراق الشرق منطبقة على مسار الشمس لشهر تقريباً.
يضاف إلى ذلك ميزة قرب فلك الأبراج من خط الاستواء السماوي للأرض، حيث تظهر الأبراج في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي بعكس غالبية النجوم التي تخص إحدى النصفين فقط. والمفارقة هي أن ظهور الجوزاء لأول مرة في سماء الليل كان نذيراً على اقتراب فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الشمالي، أما بزوغ العقرب فكان ينذر بالأيام الرطبة الحارة للصيف. في حين أن الدلالات معكوسة بالنسبة للنصف الجنوبي، فدنو الشتاء يترافق مع بزوغ العقرب أما الصيف فمن مؤشرات الجوزاء.
يشير المؤرخون إلى أن التنبؤ بالطقس والتحكم في الدورات الزراعية كان عاملاً حاسماً في ظهور الحضارات وذاك بفضل من المعارف الفلكية المرتبطة خصوصاً بالشمس والأبراج. فلا عجب أن ترتبط الحضارات الأولى بهذه الأجرام روحياً فتؤلهها أو تنسب إليها قوى سحرية خاصة، فظهر التنجيم كممارسة دينية توأماً ملاصقاً للفلك. فلو أن أحدهم ولد في وقت من العام يتقاطع فيه مسار الشمس مع برج ما، فإنه يصبح خاضعاً لهذا البرج وترتبط أقداره بعلو البرج في السماء وانخفاضه وتقاطعه مع بقية الأجرام.
تقادم الاعتدالين
إن كنت من متابعي نشرات الأبراج فأنت غالباً تتبع البرج الخطأ. فالأبراج الفلكية اليوم لم تعد تطابق النظام المتعارف عليه في أدبيات التنجيم المتوارثة عن الحضارة البابلية. فالبابليون اعتقدوا وقتها أن الدورة الشمسية تحدث على خلفية من المجموعات النجمية الثابتة إلا أن مئات السنين كانت ضرورية للكشف عن دورة أوسع تنزاح خلالها الأبراج بالنسبة لنقطة الاعتدال الربيعي في دورة بطيئة تكرر نفسها كل 26 ألف سنة.
فنتيجة لشكل الأرض غير المستدير تماماً وتوزع كتلتها بصورة غير منتظمة فإنها تتفاعل مع قوى الجذب المختلفة من الأجرام من حولها بالتأرجح ببطء شديد مسببة ما يعرف بتقادم الاعتدالين، حيث يدور محورها القطبي مما يغير اتجاه ميلانها بالنسبة للقبة السماوية فتبدو مواقع النجوم بالنسبة لنا كما لو كانت تنزاح مع مرور القرون في دائرة.
اليوم وبعد مرور ما يقارب الـ 2400 سنة منذ قُرن برج الحمل بالاعتدال الربيعي فإن تقادم الاعتدالين أدى إلى انزياح مسار الشمس عن فلك البروج بمقدار علامة كاملة جاعلة من ظاهرة الاعتدال الربيعي مقترنة ببرج الحوت وقريبة من برج الدلو. مما يعني أن البرج الذي اقترنت الشمس به يوم مولدك هو غالباً البرج السابق لبرجك التقليدي؛ فمواليد فبراير الجاري ليسوا من برج الدلو كما هو شائع، ولكن باتباع القاعدة الفلكية للبابليين فهم من برج الجدي. يضاف إلى ذلك أن مسار الشمس يتقاطع جزئياً منذ قرون مع كوكبة إضافية، الأمر الذي أثار الحاجة لبرجٍ ثالث عشر الآن!.
التنجيم بالأبراج و العلم
بالتالي ولأزيد من ألفي سنة كان المنجمون يخطئون في تطبيق المعتقد البابلي، وبالرغم من المحاولات العديدة ومنذ عصر الإغريق لتصحيح ممارسات التنجيم إلا أن المعتقد القديم حافظ على بنيته الأولى. صحيح أن التنجيم كان حافزاً جيداً لتطور علم الفلك حتى أنه كان لا يُفصل بينهما في الجامعات الأوروبية حتى القرن السابع عشر، إلا أنه أصبح حاسماً غياب أي أساس منطقي أو تجريبي لارتباط أقدار البشر بمجموعة النجوم التي تشرق عليها الشمس كل شهر.
يستطيع المرء مطالعة عشرات الأبحاث والإحصاءات التي تثبت أن التنجيم خرافة وليس علماً من أي نوع. إحداها للباحث النفسي سيلفرمان من جامعة ميشيجن و الذي قارن بين 2978 زيجة و478 حالة طلاق ليستنتج أن الثنائيات التي ترشح الأبراج نجاح ارتباطها كانت تواجه الطلاق بذات الاحتمالية للثنائيات الأخرى.
على الرغم من أن المؤمنين بالانقياد للأبراج كثر اليوم، إلا أن نشراتها في معظم الأحيان تصنف كوسيلة للتسلية. في جميع الحالات يبدو أن التنجيم بالأبراج سيبقى طويلاً تراثاً بشرياً يجتذب الاهتمام.
دائما يقال ان السهل الممتنع هو افضل اسلوب جذاب
اما المقالات الاكاديميه فمكانها كتب التعليم الجامعي
مسسسسساءاللللللخخخخخخخيييييير
ممكن حساب الايميل تبعك يادكتورة من اجل الاستفسار عن بعض المعلومات
يبدو أن البروج فقط تظهر في ألنصف الشمالي او الجنوبي من القبة السماوية