تخلو العاصمة اليمنية صنعاء من أي وجود للكنائس؛ ولهذا فإن الأجانب المسيحيين وبعض اليمنيين الذين انتقلواْ إلى المسيحية يمارسون طقوسهم الدينية في بيوت خاصة.
إلا أن التاريخ اليمني يحكي حكاية أخرى ابتداء من “القليس” وهي كلمة “إغريقية” تعني الكنيسة؛ وقد بناها أبرهة الحبشي في العاصمة اليمنية “صنعاء” عام 525م. ووفقاً لبعض المصادر التاريخية فقد كانت تلك الكنيسة هي الأكبر بين كنائس العالم العربي في ذلك الحين، وكانت من أعظم التحف المعمارية في وقتها، ولكن الوقت في الحاضر لم يبق في موضعها الأصلي سوى حفرة تُعرف بـ”غُرقة القليس”، و”الغرقة” في لهجة أهل صنعاء هي الحفرة، وتقع في حارة بداخل مدينة صنعاء القديمة.
على الرغم من توقيع اليمن على الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي ينصّ في المادة (18) على أن “لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين” لا تزال فيها حرية التدين وتغيير الديانة من القضايا التي تُثير الكثير من الجدل بسبب النزعة المحافظة للمجتمع الذي ينتمي أغلبيته الساحقة إلى الإسلام.
كنائس عدن
توجد في مدينة التواهي بعدن كنيسة اسمها “كنيسة المسيح”، ويرجع إنشاؤها إلى فترة الوجود البريطاني في عدن (منتصف القرن الماضي)، ويوجد في الكنيسة مركز طبي كنسي ملحق بها يقدم الخدمات الصحية، أمّا في مدينة كريتر فقد تحولتْ الكنيسة المعمدانية إلى منشأة حكومية.
تشكيك
لم تشارك الأقليات الدينية والمذهبية في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن؛ وقد اكتفتْ بمراقبة المشهد عن بُعد، بل وتشير القرارات الصادرة عن المؤتمر إلى عدم الاعتراف الصريح بوجودها. ففي المادة (183) من تقرير فريق الحقوق والحريات نجد هذا النص: “تلتزم الدولة باتخاذ تدابير تشريعية لتعزيز الحريات الأساسية والحقوق السياسية للمواطنين المنتمين للأقليات (إن وجدت)”.
كلمة “إن وجدتْ” توحي بتشكيك واضح في وجود الأقليات؛ رغم أن وجودها لا يختلف عليه اثنان في اليمن.
حق مكفول
لم يخلُ مؤتمر الحوار من إشارات إيجابية بخصوص الحريات الدينية؛ فالمادة (78) من تقرير فريق الحقوق والحريات تنصُ على أنّ: “ممارسة الشعائر الدينية حق مكفول لكل المواطنين بقوة الدستور ويجرم كل فعل من شأنه المنع أو الفرض أو الانتقاص أو الازدراء من هذا الحق”، كما تؤكد المادة (137) على “حرية ممارسة الشعائر الدينية لكل مواطن بحسب دينه ومعتقده ومذهبه”.
صعوبات كثيرة
الشاب اليمني (أ س)*، يتحدث عن المعاناة التي واجهها بعد انتقاله من الإسلام إلى المسيحية، فيقول: “واجهت صعوبات وتهجير متواصل، أتمنى لنا جميعا السلام الاجتماعي”. وعن مؤتمر الحوار وآماله في مخرجاته يقول: ” المسيحية ديانة لله، والحوار قرار سياسي يحدد حياة الكثير، فكل البشر سواسيه في المجتمع، ولن نقتسم المجتمع على أساس دين أو مله، فيمكن للمسيحي أن يغلق عليه بابه ويصلي، كما اضطررنا لفعل ذلك”.
الحال لم يتغير
لم يتغير الحال في اليمن بعد انتهاء مؤتمر الحوار. هذا ما يؤكده أستاذ التاريخ السياسي المعاصر، الدكتور نجيب إبراهيم سلمان، بقوله: “لا يستطيع أحد من المسيحيين أن يجهر بتدينه في اليمن في الظروف الراهنة، قبل الحوار وبعد الحوار. في ظل هذه الأوضاع العدائية والخلل الثقافي المنكفئ على الذات العقائدية المتشددة”، ويضيف: “اليوم لا يوجد ما يدل على وجودٍ للمسيحية العلنية في الوسط المجتمعي اليمني”.
تجربة
السيد لوران، باحث فرنسي متخصص في الدراسات الاجتماعية والثقافية، عاش لسنوات في اليمن، يتحدث لهنا صوتك عن الفترة التي عاشها هناك فيقول: “أنا شخصياً كمسيحي وأجنبي لم أواجه صعوبات حقيقية، ولكن وكما هو الحال في كل البلدان المسلمة بعض الناس يحاول إقناعك باعتناق بالإسلام”، وعن معاناة من ينتقلون إلى المسيحية من اليمنيين يقول: “سمعت حكايات عن اليمنيين الذين يتحولون الى المسيحية ويبدو أن أوضاعهم صعبة”.
عدد المسيحيين
لا تتوفر إحصائيات رسمية عن عدد المسيحيين في اليمن؛ إلا أن أحد الباحثين المتخصصين في الشأن المسيحي في اليمن، الدكتور محمد النعماني، أشار في مقال له على موقع الحوار المتمدن، إلى أن عدد المسيحيين اليمنيين يصل إلى 2500 شخص، فيما تورد الموسوعة الحرة ويكيبيديا أن العدد الإجمالي يتجاوز 41 ألف نسمة.
*(تم التحفظّ على الاسم بناءً على طلبه).
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟