ارتبط شهر رمضان بعادات جميلة وضاربة في العمق الثقافي، والاجتماعي اليمني منذ عقود طويلة، لكن هذه العادات تلاشت تدريجياً بفعل جملة من الأسباب، كالحرب الجارية في البلاد، والتقدم التكنولوجي، وحالة الفقر المستشرية، وغيرها، وأصبحت هذه العادات جزءاً من الماضي، وسنتناول هنا بعض من تلك العادات التي ستظل بلا شك جزءاً من الفلكلور اليمني العريق.
مدفع رمضان
يعد المدفع تراثاً شعبياً في اليمن، اعتاد عليه اليمنيون كوسيلة لمعرفة موعدي الإفطار، والإمساك خلال أيام الشهر الفضيل، وهو مدفع حربي يعود إلى العهد العثماني، وظل لعقود طويلة واحداً من أهم وسائل التوقيت المستخدمة في غالبية مدن اليمن، خصوصاً صنعاء، وارتبط رمضان في أذهان أهالي صنعاء بصوت قذائف المدفع.
تقول وفاء ناصر لموقع “منصتي 30”: “كان خالي علي الرحبي مسؤولاً عن ضرب المدفع الرمضاني من جبل نقم، كان يذهب في أيام رمضان إلى جبل نقم -موقع المدفع- لإطلاق قذائف المدفع في موعد الإفطار، ويعود إلى البيت بعد المغرب، وكذلك يفعل في وقت السحور، وكان يحظى باحترام الناس، وحبهم، وكان فخوراً بهذه المهمة التي أوكلت إليه، لأنها تدخل السرور إلى قلوب الصائمين، كما أنها جزء من الطقوس الرمضانية في بلادنا”.
أما اليوم فقد اختفى صوت المدفع تحت وطأة أسباب عديدة كالتقدم التكنولوجي، والتسارع العلمي في مجال أدوات التوقيت، والمنبهات، وتخلي المجتمع عن العادات القديمة، بمبرر مواكبة الحداثة.
فوانيس رمضان
كانت الفوانيس جزءاً من طقوس اعتادها الأطفال في رمضان في عدة مناطق يمنية كما هو الحال في صنعاء القديمة، إذ يشعل الأطفال فوانيس صغيرة، ويعلقونها على البيوت، وعلى صدورهم، أو يحملونها في أيديهم، ويجوبون الأزقة، ومداخل البيوت، لإظهار فرحتهم برمضان، ومن ثم يؤدون أهازيج شعبية تُعرف بالتماسي، بغرض الحصول على بعض النقود من قبل الأهالي، ومن أشهر تلك الأهازيج التي يرددونها (يا رمضان يابو الحمائم.. أعطي لأبي قُرعة دراهم.. يا رمضان يابو المدافع.. أعطي لنا مخزن بضائع)، أما اليوم بسبب الأوضاع المتردية، فقد اكتفى الأطفال بصنع فوانيس ورقية تجسيداً للوضع القائم في بلادهم، وتخلوا عن الممارسات التي اعتادوها من قبل.
الجلسات الجماعية وترديد الموشحات
عادة رمضانية كانت تنشط في تعز، وإب، إذ يجتمع أبناء الحارات، والقرى في جلسات ليلية رمضانية عند شخص من أبناء المنطقة، ويرددون التسابيح والموشحات العلوانية، وتلاوة القرآن، كما يخصصون أوقاتاً لحل الخلافات الأسرية، ومناقشة مشاكل منطقتهم من أجل حلها، وهي واحدة من أهم العادات الاجتماعية الرمضانية في اليمن، وفي هذا الصدد يقول الحاج محمد قاسم، تربوي متقاعد من أبناء مديرية المواسط بتعز لمنصتي 30: “كنا نجتمع في حلقات رمضانية في البيوت، والمساجد نقرأ القرآن، ونؤدي الموشحات، ونصلح بين المتخاصمين من أبناء حاراتنا”، ويضيف: “لقد كانت أحلى ذكرياتنا نحن الكبار، ولا ننساها ماحيينا”، لقد اختفت هذه العادة، وتلاشى أثرها الاجتماعي في العديد من مناطق البلاد، بسبب سوء الظروف المعيشية التي دفعت الناس إلى الهجرة من القرية صوب المدينة بحثاً عن مصادر رزق، بعد توقف رواتبهم، وتعطل مصالحهم في ظل الحرب.
تبادل أطباق الطعام
في الكثير من المناطق اليمنية، وفي محافظة حجة بالتحديد، تحرص المرأة على إرسال أطباق طعام مما تجيد طهيه إلى بيوت الجيران، وإلى الأسر الفقيرة التي لا تقوى على توفير أنواع الأطعمة، ويقوم الجيران بإعادة تلك الأطباق مملوءة بأطعمة أخرى مما يجيدون طهيه، في عملية تبادل ديناميكية ارتبطت ببيوت اليمنيين منذ زمن طويل، لكن تلك العادة تلاشت هي الأخرى بفعل الحرب، وغلاء المعيشة، وحالة الفقر المستشرية في عموم البلاد، وحول هذا تقول أمل ناصر، وهي معلمة من محافظة حجة: “كنت أطبخ مخلوطة يحبها كل جيراني، وأرسل جزءاً منها كل يوم لواحدة من جاراتي، وهن يرسلن لي السمبوسة، والمحلبية، وغيرها من الأكلات، لكن هذي الأيام ما عاد نطبخ الكثير من تلك الأطباق، بالكاد نوفر حاجة عيالنا، وكذلك جاراتي ما عاد يرسلن لنا شيء إلا نادراً”.
المشاهرة
واحدة من العادات الرمضانية العريقة في محافظة حضرموت جنوب البلاد، ففي آخر أيام شعبان يقوم الأهالي بذبح الأغنام، ويوزعون لحم الذبائح على الأقارب، والجيران، والفقراء في المنطقة، وبعدها يتبادلون الزيارات المسائية لتبادل التهاني بقدوم شهر رمضان، ويقضون جزءاً كبيراً من أمسياتهم في جلسات مصغرة للتناقش حول البرامج، والأنشطة التي سيقيمونها خلال أيام الشهر الفضيل، ولكن هذه العادة طالها التلاشي في ظل تسارع عجلة الحياة، وحالة التمدن التي قضت على الكثير من الموروث الثقافي الرمضاني في هذه المنطقة التاريخية، أضف إلى ذلك سوء الأوضاع المعيشية، التي وقفت حائلاً دون قدرة الأهالي على توفير تكاليف عادة المشاهرة.
يقول خالد باصهيب، عضو جمعية خيرية في المكلا، لمنصتي 30: “المشاهرة تظل عادة رمضانية متميزة في حضرموت، والكثير من مناطق الجنوب، لكنها بدأت في التلاشي منذ بداية العقد الثاني في الألفية الثالثة بسبب إهمال العامة للموروث، وعسر حال الناس، وأيضاً بسبب جفاف الدعم الذي كانت تقدمه المؤسسات الخيرية، ورجال الأعمال لتغطية تكاليف هذه العادة، فشراء الأغنام، وباقي المستلزمات يتطلب موارداً ليست بالقليلة، لكن المشاهرة تبقى جزءاً من فلكلور المنطقة، ومازالت حاضرة في قلوب الأهالي، رغم جريان السنين”.
اختفت هذه العادات الرمضانية وغيرها، وغابت عن رمضان في مختلف مدن اليمن، بفعل عوامل عديدة، أهمها الحرب التي جلبت معها الفقر، والجوع، والمرض، وطال أثرها مجمل مظاهر الحياة في البلاد، لكن تبقى هذه العادات إرثاً ثقافياً خالداً في الذاكرة اليمنية، يصعب إزالته بتقادم السنين.
المسامحة والغفران للناس كما يطلب أحدهم المسامحة من الاخر …. ونجد
اللافتات الخيريه، وكذلك المنشورات في مواقع التواصل الإجتماعي كـ الفيس بوك والواتس آب، حيث تقوم العديد من الجمعيات ورجال الأعمال وفاعلو الخير بالعمل الخيري
عادات جميله ورائعه جدآ
تبادل الأطباق ندثر يوم بعد يوم ونحن بحاجتها لتستمر مع صعوبة الوضع في البلاد لابد من تفاقد الجار والمحتاج
في طلوع الهلال في رمضان
في طلوع الهلال في رمضان