تعد صنعاء القديمة من أقدم المدن على المستوى العالمي والضاربة جذورها في التاريخ إلى 3600 سنة، واشتق اسم صنعاء من الصنعة لكثرة الصنع والحرف التي عرفت بها منذ قديم الزمان، ومن أهم المعالم التي تتميز بها صنعاء القديمة أسواقها المختلفة حيث يوجد بها 35 سوقاً مختلفة منها (سوق المعطارة – سوق الحدادة – سوق الحبوب – سوق الزبيب – سوق الملح – سوق القماش – سوق الفتلة (بيع لوازم الخياطة) – سوق الجنابي – سوق المدر (الفخار)- سوق الفضة – سوق النجارة).
كما أن كل سوق مخصص لبيع منتجات معينة وما يميز هذه الأسواق هو أنها غير متداخلة مع بعضها البعض، وتبدأ الحياة في أسواق صنعاء القديمة من بعد صلاة الفجر وحتى ساعات متأخرة من الليل.
يتكون السوق من مجموعة من الحوانيت (دكان صغير) في الطابق الأرضي، ذات أبواب خشبية رائعة على طول أزقة صنعاء المتعرجة.
أكد الدكتور/ فرانك ميرمين أستاذ علم الاجتماع في معهد الهندسة المعمارية بفرنسا في القرن الثامن عشر أن أسواق صنعاء القديمة تمثل على المستوى الإقليمي مركزاً مهماً للإنتاج الحرفي ولتجارة المنتجات الريفية، كما كان لصنعاء تأثير في التجارة الدولية عبر القوافل التي كانت تربط موانئ البحر الأحمر والمحيط الهندي.
ما يميز أسواق صنعاء القديمة هو وجود شيخ لكل سوق يمثل المهنة التي ينتسب إليها، مثل شيخ الحدادين أو النجارين أو العطارين، ويكون دوره أنه مسؤول أمام الجهات المختصة بأي حالة غش تجاري أو سرقة أو حل الخلافات والمشاكل ما بين أصحاب المهنة والمواطنين ويتم انتخابه من قبل المنتمين لهذه المهنة.
سوق المحدادة أو الحلقة
ما إن تدخل إلى سوق المحدادة حتى تسمع أصوات ضرب الحديد من أجل تشكيله بأشكال رائعة تحت نار عالية يطلق عليها أفران الكير، ليخيل لك بأنك رجعت إلى العصور القديمة، ويتم تصنيع الكثير من المعدات الزراعية مثل المحاريث والفؤوس والمجارف وسلاسل المحاريث وأوتاد الخيام ومواقد الفحم وغيرها.
يحرص كثير من المزارعين اليمنيين على التوجه إلى سوق المحدادة بصنعاء القديمة لشراء الأدوات الزراعية التي تتميز بجودتها وقوتها، وهذا ما أكده لمنصتي 30 أحمد المهمداني مزارع، بقوله إنه يحرص على شراء هذه الأدوات المحلية باعتبارها أفضل بكثير من المعدات الزراعية الخارجية.
احمد الروضي، وهو حداد، يقول لمنصتي 30 إنه يعمل في هذا المجال منذ 30 سنة وإن هذه المهنة متوارثة من أجيال، ويعود عمر أسرته في هذا المجال إلى أكثر من 400 سنة في نفس هذا الدكان.
وعن الصعوبات التي يواجهها الروضي يقول إنه بسبب دخول المنتجات الصينية من المعدات الزراعية، أدى هذا إلى ضعف الإقبال على الأدوات التقليدية بسبب رخص أسعار المنتجات الصينية مقارنة بالمحلية، مما يهدد باندثار مهنة المحدادة في صنعاء القديمة، وقد ترك العديد من الحدادين هذه المهنة فعلياً وفتحوا محال لبيع الأدوات المنزلية من صحون وأكواب وثلاجات وغيرها في هذا السوق.
سوق المعطارة (العطارة)
يقودك إلى هذا السوق روائح العود والبخور، فتعرف أنك في سوق المعطارة، يتميز هذا السوق بحوانيته الصغيرة التي يتواجد بها مختلف أنواع البخور والعود والتي يصل أسعار بعضها إلى آلاف الريالات ويتم استخدامها في الأعراس والمناسبات المختلفة.
ومما يميز هذا السوق الأعشاب الطبية التي يتم جلبها من مختلف الجبال والوديان اليمنية، فتعتبر هذه الحوانيت صيدليات لعلاج كثير من الأمراض المختلفة ويقول خالد إبراهيم عطار لمنصتي 30 إن هذه المهنة قديمة منذ مئات السنيين فنقوم بعلاج بعض الأمراض مثل الطفح الجلدي وعلاج المغص والسعال والتهاب المسالك البولية وغيرها.
كما تحتوي هذه الحوانيت على ما يسمى بقهوة ولاد، وتستخدم بعد ولادة المرأة في فترة النفاس وهي مكونة من: سكر نبات، عناب، قشر (البن)، ينسون، وشمار، وقرفة وتعمل هذه القهوة على تنظيف الرحم من الأوساخ وتشربها الأم الوالدة بدلاً من الماء.
كما يتم في هذه الحوانيت بيع العطور التقليدية والعسل البلدي والخضاب الخاص بنقش الفتيات وغيرها من المواد المختلفة.
يشكو خالد إلى ضعف الإقبال على العطور التقليدية، وتفضيل الشباب اليمني العطور الحديثة التي يتم جلبها من الخارج، إضافة إلى عزوف الناس عن استخدام الأعشاب الطبية واستبدالها بالعلاجات الكيميائية.
سوق الحبوب
يتم عرض الحبوب بأشكال جميلة ورائعة، إذا يتم تعبئة الحبوب المختلفة في شوالات كبيرة وبشكل أكوام متراصة جوار بعضها البعض مما يرسم لوحات فنية متعددة الألوان لهذه الحبوب.
ومن أنواع هذه الحبوب البر (القمح البلدي)، الشعير، الدخن، الذرة البيضاء والصفراء، العدس، البقوليات، والبهارات.
وما يميز سوق الحبوب هو استخدام المكاييل مثل النفر، والربع، والثمن، والقدح بشكل كبير كوحدات للكيل بدلاً من الميزان، حيث يفضل كثير من اليمنيين وبالأخص القادمين من الريف الشراء بالمكاييل المختلفة باعتبار أنها أبرك وأفضل من الميزان بالكيلو.
واغلب الحبوب في السوق تأتي من الريف اليمني حيث يقوم الفلاحون بعد حصاد مزروعاتهم بالذهاب إلى سوق الحبوب بصنعاء القديمة لبيعها للتجار.
يقول مروان الجبوبي، تاجر حبوب، لمنصتي 30 إن إقبال المواطنين على الحبوب البلدية قلّ بشكل كبير، نظراً لارتفاع أسعار المشتقات النفطية، بالأخص الديزل، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة انتاج هذه الحبوب، بالإضافة إلى منافسة الحبوب الخارجية القادمة من الهند والصين وأسعارها المناسبة للمواطنين.
ويتم استخدام الحبوب في صناعة كثير من الأكلات اليمنية مثل الخبز، العصيد، الفطير، الهريش، واللحوح، وغيرها.
المعصارة (معصرة الزيوت الطبيعية)
تعد من أبرز معالم سوق صنعاء القديمة وسميت بهذا الاسم نسبة إلى عصر مختلف الزيوت الطبيعية مثل السمسم، الخردل، الحبة السوداء، اللوز الحلو والمر، بابونج، القرنفل، وغيرها، ويتم عصر هذه البذور بوضعها في حوض حجري ذي عمق يصل إلى نصف متر، ويقوم الجمل بسحب عمود المعصرة المصنوع من الخشب الموجود بداخل الحجر بشكل دائري وهو مغمض العينين حتى لا يصاب بالدوار كما أنه يعتقد بأنه يمشي في الصحراء وتستمر هذه العملية منذ الصباح وحتى المساء.
يقول أحمد الحدا إن 8 ساعات من الدوران المتواصل للجمل تنتج 5 لتر فقط من الزيت الطبيعي، وهي كمية قليلة جداً مقارنة بما تنتجه المعاصر الكهربائية والتي أدت إلى انخفاض عدد المعاصر في صنعاء القديمة من 200 معصرة إلى 5 معاصر فقط، ويضيف أن هذه المهنة التي توارثها عن الآباء والأجداد منذ مئات السنين مهددة بالاندثار في حال لم تهتم بها الجهات الحكومية.
تتميز الزيوت المعصورة بالطريقة التقليدية بكونها ذات جودة وطعم مميز عكس ما يتم إنتاجه عبر الآلات الكهربائية، وهناك طلب كبير على هذه الزيوت حيث النساء أكثر إقبالاً على هذه الزيوت الطبيعية لأنها تعمل على تكثيف الشعر وجعله أكثر نعومة، ومن فوائدها استخدامها لأمراض البرد والزكام والأمراض الجلدية المختلفة والروماتيزم وآلام المفاصل. كما يفضل الكثير استخدام زيت السمسم في القلي باعتباره زيت طبيعي، وخصوصاً المصابين بأمراض القلب والكولسترول وإضافته للفول يجعل له طعماً ومذاقاً مميزاً.
* يتم تمويل هذا المشروع من قبل الاتحاد الأوروبي. تقع محتويات هذه المادة على مسؤولية صاحبها وحده، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعكس آراء الاتحاد الأوروبي.
شكرا لكم ع إهتمامكم بتراث وطننا الحبيب فعلاااا منصه ممتازه يسعدني متابعتها لما تقدمه من معلومات وفيره في شتى المجالات تعرف الشباب بتراث بلدنا الحبيب تزود وتنمي مهارات الشباب تزرع في الشباب حب التراث والحفاظ عليه بإسلوب جميل لكم كل الود والإحترام
صنعاء جوت كل فن
فسلام لمعشوقتي صنعاء ❤❤
تاجر محاصيل زرعيه
جميل جدا
عمل رائع جدا .. تعرفت عن طريقة على صنعاء القديمة عن قرب
ايضا اضاف معلومات جديدة لموسوعتي الثقافية
شكرا فريق عمل منصتي 30
انتم رائعون
ردع
الشكر للاهتمامكـــم بالتراث واصل اليمن …
التي طالمـــا تم نسيانها من الجهات المختصه…
جيد
شكرا لجهودكم الرائعة وفريقكم المميز
الأسواق تشكل رائحة المدن العريقة وخصوصيتها الأجتماعية والأقتصادية والتاريخية…مقال مهم ويمكن أن يتحول إلى مشروع يحكي عن خصوصية كل سوق على حجا لاسيما سوق العطارين لأن اليمن أرض نباتات وشجر العطور ..اللبان والمر وغيرها شكرا لكاتب المقال