article comment count is: 17

 عنف التوليد في اليمن … الصارخات بصمت

 “ثلاث ممرضات قمّن بتوليدي، كانت كل ممرضة منهن تحاول أن تخرج الجنين وتفشل “.

ظلت القابلة لست ساعات وهي تحاول توليدي، وعندما طلبت المساعدة، قالت اسكتي سكتت نفسك محد قلك تتزوجي ” وتضيف ” لقد كرهت الإنجاب “.

 

في ولادتها الأخيرة والتي تسببت لها بمضاعفات صحية خطيرة أدت إلى هبوط المثانة ما يستدعي القيام بعملية جراحية، تقول هاجر سعد 35 عامًا، “قررت الطبيبة المتابعة لي منذُ فترة الحمل الأولى القيام بعملية قيصرية نتيجة الوضع العرضي للجنين وصعوبة الولادة الطبيعية، غير أنه عندما حان موعد الولادة أُغمي علي أكثر من مرة، وعندما وصلت إلى المستشفى كانت غرفة العمليات مزدحمة وتم توليدي بصورة طبيعية من قبل ثلاث ممرضات، كل ممرضة كانت تحاول أن تخرج الجنين وتفشل، استمرت العملية لأكثر من أربع ساعات وعند توليدي احسست بألم شديد استمر معي لأسابيع قبل إجراء فحوصات والتي بينت  لي بعد ذلك أني بحاجة لإجراء عملية لاستعادة المثانة لوضعها الطبيعي بعد هبوطها بسبب الولادة”.

بالمقابل تقول مريم علي (24عامًا) أنها كرهت الإنجاب بسبب تصرفات عنيفة تلقتها أثناء عملية الولادة، تعرضت مريم للربط والضرب واللوم وسوء المعاملة من قبل قابلة صحية تمتهن إجراء عمليات الولادة الطبيعية، استمرت عملية ولادة مريم ما يزيد عن ست ساعات  بدون السماح لأي أحد من عائلتها بمرافقتها، تقول مريم “طلبت منها مساعدتي بسبب الألم الشديد قالت لي “اسكتي، سكتت نفسك محد قلك تتزوجي وتجي تبكي”، تصف مريم ما تعرضت له بمنتهى القسوة وتقول “كان يأتيني المخاض حتى يغمى علي واسقط على الأرض وينقطع نفسي، لم تساعدني على النهوض مجددًا وسكبت على الماء بشكل مهين”.

هاجر ومريم وغيرهم المئات من النساء الحوامل اللاتي يتعرضن بشكل دوري لعنف التوليد ويقصد به: العنف الذي يمكن أن تتعرض له المرأة أثناء ولادتها وينتهك خصوصيتها أو يعرضها لألم نفسي أو عضوي من قبل مسؤولي الرعاية الصحية، ويمكن أن يعرض حياتها وحياة طفلها للخطر.

في مسح ميداني أجرته “منصتي 30” تبين أن هناك سبع من كل عشر نساء في اليمن تعرضن لعنف التوليد وتتعدد صور العنف التي تتعرض لها النساء بين العنف اللفظي والجسدي والتي قد تطال تأثيراته الجنين.

المسح الميداني تخلله تعبئة استبيان إلكتروني لنساء سبق لهن الحمل والولادة، وشمل المسح (147) امرأة من كل محافظات الجمهورية، وافقت (103) امرأة على المشاركة في الاستبيان، الذي أوضح تعرض(72) امرأة لعنف التوليد مقابل(31) امرأة لم تتعرض لإحدى صور عنف التوليد المرفقة بالاستبيان، وأوضح المسح أن النساء بين 18 سنة و25 سنة هن الأكثر عرضة للعنف من غيرهن وأن غالبية من اثبتن تعرضهن لعنف التوليد تعرضن لهذا العنف في مرافق حكومية خلال ولادتهن الأولى، إضافة إلى أن غالبية من تعرضن لعنف التوليد يحملن مؤهل ثانوي وجامعي.

تعلق الدكتورة هنا حسن السقاف دكتورة نساء وولادة، بأن ظاهرة عنف التوليد تأتي نتيجة جهل القائم بعملية الولادة، وأن نسبة كبيرة من هذه الحالات تأتي مع النساء حديثات الولادة والتي يجهلن كثيرًا عن الولادة ومدتها إلى جانب ضعف الوعي والكفاءة لدى القابلات والممرضات، وربطت السقاف ازدياد الحالات بالوضع الحالي للبلاد في ظل انعدام عمليات التدريب واختبارات الكفاءة والرقابة على العاملات في هذا المجال.

وتتعدد الآثار الناتجة عن عنف التوليد بين آثار نفسية تلحق بالأم والعائلة معًا قد تصل للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة وكرب ما بعد الصدمة والخوف الشديد والرهاب من الحمل مرة أخرى، قصة مريم علي نموذجًا، وأثار جسدية تلحق الضرر بالأم أو الطفل أو كلاهما، فقص العجان، وعمليات التوسعة دون مبرر طبي، والتوليد الطبيعي بالرغم من الحاجة للجوء الى الولادة القيصرية أو العكس قد يصيب الأم بأضرار جسدية تؤثر عليها على المدى البعيد، قصة هاجر سعد نموذجاً. بالمثل قد يتعرض الطفل إلى الضرر أثناء عملية الولادة تصل إلى الإضرار بالرأس أو خنق الطفل أثناء الولادة الطبيعية وتصل في بعض الأوقات إلى موت الطفل.

تقول الدكتورة زينب احمد اخصائية نساء وولادة ان الكثير من حالات عنف التوليد ضد النساء تتسبب في مشاكل عضوية لدى المرأة مثل قص العجان دون مبرر مما يستدعي إجراء عملية تجميلية لاحقًا، والبعض يلجأ إلى إجراء عمليات قيصرية أو تحفيز المخاض دون مبرر طبي مما يؤثر بالسلب على الأم، مؤكدة أن هناك الكثير من الحالات المرتبطة بعنف التوليد والتي غالبًا ما تؤدي إلى أضرار نفسية وعضوية لدى المرأة.

الصمت في مثل هذه الظاهرة يتيح للكثير من القائمين بعملية التوليد في الاستمرار دون ضوابط أو رقابة. وتقديم الشكاوي قد يشكل أداة ردع في سبيل التخلص من ظاهرة عنف التوليد ، إضافة إلى الحرص على اختيار المختص الصحي ذو الخبرة والكفاءة في متابعة الحمل والقيام بعمليات الولادة، ربما قد يشكل ذلك خطوة نحو حل المشاكل المتعلقة بعملية العنف والتخلص أو الحد منها.

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (17)

  1. محتوى مهم. لا ينبغي للولادة أن تكون عملية مهينة أو عنيفة، صحة الأم بعد الولادة ليست أولوية أبداً في مستشفياتنا العمومية.

    1. ليس العموميه وحسب حتى الخاصه ولكن يمكن ان نقول ان الخاصه اهون بقليييييل من العامه

  2. افضل منصة يمنية تهتم باراء الشباب كل الشكر والتقيدر للقائمين على هذه الصفحة….

  3. المنصه الوحيدة تهتم في الكثير من التفاصيل الذي صار نشوفها الشي الطبيعي وهي عكس ذلك اشكر كل القائمين على هذه المنصه الواعية ..اريد ان اضيف إن ما ذكره في تقرير صحيح انا شخصياً سمعات الكثير من المتزوجات يتكلمون عن تعنيف وسوء المعاملة اثناء عملية التوليد ودائماً يشتكون وليس فقط في المستشفيات إنما من يقوم بتوليد في المنزل ايضاً تتعرض للعنف وتجريح والفاظ جارحة ويتم كتم صوتها لان صوتها عبارة عن عورة لا يجب عليها صراخ حتى وان كادت تموت من الم المخاض وولادة في تلك الموقف للاسف قطع الصحي عندنا في انهيار حتى من ناحية اخلاقية وتعاملهم قبل وبعد الولادة ..المرأة اليمنية الاغلبية لما تتحدث عن الولادة فيها لا تريد تخوض في التفاصيل لان اثر تلك الشي كان عنيف جداً على صحتها النفسيه.

    1. موضوع جدا مهم وحساس فعلا هناك الكثير ممن يعانين من الإهانة وسوء معاملة بالرغم من إن الدعم النفسي مهم جدا وكذلك تهدئه المريضة وطمئنتها بالذات اذا كانت اول ولادة لها فعلا محزن ما نراه وما نسمع به يجب إعادة تأهيل الممرضات والقابلات عن كيفيه التعامل مع المريضة بإسلوب جيد ويترك انطباع جيد في نفس المريضة لا العكس ✏

  4. فعلاً هذي الظاهره موجوده عندنا بمدينة عتق بكثره وللأسف لايوجد رقابه لكن لابد من المرأه إللي يحصل لها تعنيف بأي شكل أن تتقدم بشكوى لتأخذ حقها ، لأن الولاده بحد ذاتها ألمها فوق المحتمل والطب قبل يكون مصدر دخل فهو إنسانيه

  5. لقد عانيت انا كثيرا من هذا التعنيف خااااصة بولادتي بأول ولادة طبيبعة على يد طبيبة روسية متأكدة أنها ليست طبيبة وتعد المستشفيات الحكومية البيئة الخصبة لمثل هذة التصرفات وكأنهم متفضلين عليكي

  6. موضوع مهم ورائع … مرا حبيت مع انه فضيع وبشع ومروع الشي يلي عاقدين يسوه وهذا الشي امي تعرضت له بعد 💔اتمنى ينتشهر هالموضوع ابدعتو 👏🏽👏🏽

  7. هذه نتيجة وضع الشخص الغلط في مكان لا يمت له باي صلة. اغلبية العاملات في مجال التوليد من”قابلات” لسن مؤهلات اطلاقا ونتيجة للوضع المأساوي الذي نعيشه نتيجة للاوضاع المعيشية الصعبة فاقم من نسبة الكراهية و الحقد على نطاق واسع لمن يشغلوا اغلب الوظائف الحكومية

  8. كذلك المستشفيات الخاصة ايضا هناك اهمال شديد من الطبيبات والممرضات وعدم الاهتمام بالحوامل وكذلك الجنين اثناء الولادة

  9. الموضع مهم لاثارتةولاكان دعنا ان لا نلقي بكل اللوم على الطقم الصحي الذي يبذل قصار جهدة ان يقدم خدمات في ظل انعدام الموارد الاساسية.

  10. فعلا هذه الظاهرة موجوده كما ان هناك مرضا قد انتشر بشكل مخيف وهو الناسور الولادي ويحتاج من يسلط الضوء عليه ورفع وعي المجتمع عن مخاطره