للمرة الثانية تفقد ليلى عمر ٢٩ عاماً -والاسم الثاني هنا مستعار- جنينها بعد أن كشفت لهم الطبيبة المختصة أن جنس الجنين أنثى، تحكي ليلى أن لديها طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات وهي الأولى، وأن زوجها وعائلته يصرون على أن يكون جنس المولود القادم ذكر وأنهم لا يريدون أنثى مرة أخرى، وأضافت أنه بعد اكتشاف زوجها لجنس الجنين أنه أنثى أصر على تناولها لكميات من العسل والأدوية لإجهاض الجنين في المرتين، وقالت “زوجي مصر على ذلك حتى يأتي الولد”.
تتعرض ليلى لضغوط نفسية وأسرية في ضرورة إنجاب الطفل الذكر، لإرضاء زوجها وعائلته التي تستند إلى مجموعة من الأعراف والعادات والتقاليد، وقالت إنها تتعرض لضغط نفسي وتهديد زوجها لها بالزواج من ثانية لإنجاب الطفل وهو الأمر الذي جعلها تحمل على عاتقها عواقب صحية وأخرى نفسية بسبب الإجهاض الانتقائي حسب الجنس، عن هذا الموضوع وأبعاده الصحية والنفسية وكيف يمكن تجاوزها والتوعية بمخاطرها؟ في سياق هذه المادة.
ما هو الإجهاض الانتقائي؟
يعرف الإجهاض الانتقائي بأنه الإجهاض القائم على نوع الجنين، وتغلب هذه الظاهرة في المجتمعات والثقافات القائمة على ترجيح إنجاب الذكور على الإناث، تتبع معد المادة مجموعة من الآراء لأطباء يعملون في مجال العقم والصحة الإنجابية، ووضحت هذه الآراء أن هذه الظاهرة ليست منتشرة بشكل كبير في اليمن كما هو عليه الأمر في بعض الدول الآسيوية، ولكن تظل هناك حالات موجودة في القرى والأرياف يصعب حصرها نظراً لحساسية الموضوع وتكتم ذوي العلاقة، وقالت الدكتور وفاء حزام اختصاصية نساء وولادة أن الإجهاض الانتقائي في اليمن يحصل بصور تقليدية عن طريق تناول بعض المكونات الطبيعية وهناك حالات وصلت إليها تطلب الإجهاض بعد كشف نوع الجنين.
الأبعاد النفسية للإجهاض الانتقالي
يقول الدكتور جهاد السماوي اختصاصي نفسي أن عملية الإجهاض وخصوصاً القائمة على الأسباب الاجتماعية ومنها اختيار نوع الجنين تؤثر بالسلب على صحة المرأة النفسية عوضاً عن تعرضها لآثار صحية أخرى، وأضاف: “من المخجل أن يتم التخلص من الجنين، لأن الرجل أو العائلة تريد الحصول على مولود ذكر، بينما أثبتت الدراسات أن الهرمونات المحددة للجنس يتحكم بها الرجل”، وقال إن أبعاد الأمر النفسية والاجتماعية قد تتسبب بإصابة الحامل بتأثيرات نفسية وعصبية خطرة، إضافة إلى تأثير مثل هذه التصرفات على البنية الاجتماعية والسكانية، العائلة والمجتمع.
ماهي المضاعفات الصحية للإجهاض الانتقائي؟
وعن المخاطر الصحية التي قد تصيب المرأة الحامل بسبب الإجهاض الغير ملزم صحياً، والإجهاض المتكرر تقول الدكتورة زينب أحمد اختصاصية أمراض النساء والولادة، إن البنية الجسدية للمرأة تتأثر بشكل ملحوظ بسبب الإجهاض، وقالت: “تختلف الإصابات حسب نوع عملية الإجهاض والفترة الزمنية التي تتم فيها عملية الإجهاض”، وأضافت أن “الإجهاض المتكرر وغير الملزم قد يصيب المرأة بعدة مضاعفات منها ثقب الرحم والالتهاب الحوضي وتمزق الأوعية الدموية بالإضافة إلى تمزق الرحم والحاجة في بعض الحالات لإجراء عمليات للتخلص من بقايا المشيمة في الرحم، إضافة إلى مضاعفات أخرى”، وقالت: “نلجأ إلى عمليات الإجهاض للضرورة الطبية وفي حالات عدم الرغبة في الحمل نقوم بهذا الأمر قبل الأسبوع السابع عن طريق تناول بعض الأدوية”.
الإهمال والحرمان من الفرص
يقول صندوق الأمم المتحدة للسكان إن ظاهرة الإجهاض الانتقائي منتشرة في كثير من الدول وبنسبة قد تصل إلى 25% من حالات الإجهاض، واضاف الصندوق أن عواقب تفضيل الأبناء والتحيز للجنس في الحمل قد يشكل مخاطر اجتماعية بعيدة المدى. وأضاف الصندوق أن هذه التقاليد والعادات الاجتماعية تضع ضغطاً هائلاً على النساء لإنجاب الأبناء وقد تعرضهن للهجر والعنف. وأظهرت دراسات حسب الصندوق إلى أن “الفتيات غير المرغوب فيهن قد يتعرضن للإهمال أو يُحرمن من الفرص مما يثني الأمهات عن إنجاب بناتهن، لأنهن لا يرغبن في رؤية أطفالهن يعانون. يؤثر تفضيل الأبناء في نهاية المطاف على حياة النساء الجنسية والإنجابية، مع ما يترتب على ذلك من آثار على صحتهن وبقائهن على قيد الحياة”.