منذ اندلعت بوادر الأزمة في 2014، شهدت البلاد تعاقب خمس حكومات يمنية معترفٍ بها دولياً. تباينت تركيبة تلك الحكومات وخلفياتها السياسية إلا أنها جميعاً تشترك في حقيقة أنها غير منتخبة وشُكلت استجابة لظروف سياسية حرجة. ومؤخراً تم الإعلان عن تشكيلة حكومية جديدة، كان الشارع اليمني يترقب إعلانها منذ أكثر من عام، ويُرجى منها تخفيف التوتر المحتدم في مناطق سيطرة الشرعية. فماذا تعرفون عن الحكومات الشرعية التي أدارت ملفات الأزمة؟.
حكومة الشراكة الوطنية
وهي حكومة كفاءات أُعلنت عقب استقالة حكومة الوفاق الوطني، وكُلف خالد بحاح الذي شغل منصب وزير النفط والمعادن في حكومة الوفاق برئاستها. وتشكلت الحكومة على أساس من اتفاق سياسي يفضي إلى توزيع الحقائب بين المكونات السياسية بحيث يشغل المؤتمر الشعبي 9 حقائب، أحزاب اللقاء المشترك 9 حقائب، الحراك الجنوبي 6 حقائب و جماعة أنصار الله 6 حقائب. وكان يؤمل من هذه الحكومة أن تتمكن من تنفيذ مخرجات الحوار الوطني في مرحلة انتقالية يُقرّ فيها دستورٌ جديدٌ للبلاد، ليتمكن الشعب من انتخاب قيادة ساسية جديدة. إلا أن التشكيل الحكومي سرعان ما انسحب من المشهد حين قدمت الحكومة استقالتها احتجاجاً على “انزلاق البلاد في متاهة سياسية لا تعتمد على النظام و القانون” حسب بيان الاستقالة في إشارة إلى اتفاق تعديل الدستور وتقاسم السلطة الذي فرضته جماعة أنصار الله على الرئيس هادي قبيل استقالته بعد سيطرتها على صنعاء. بالتالي تكون حكومة الشراكة الوطنية هي الأقصر عمراً في التاريخ اليمني بشهرين ونصف فقط في الخدمة.
حكومة المنفى المصغرة
وهي حكومة استأنف خالد بحاح رئاستها عقب تمكنه من الالتحاق بالرئيس هادي في الرياض بعد رفع الإقامة الجبرية التي فرضتها جماعة أنصار الله عليه فور استقالته. وضمت الحكومة قائمة ضيقة من الوزراء الفاعلين الذين أوكلت إليهم مهمة إدارة ملفات الحرب و تطبيع الحياة في المناطق التي تبسط الحكومة عليها سيطرتها. وكانت هذه أولى الحكومات بعد انطلاق عاصفة الحزم التي شنتها دول التحالف العربي لاستعادة الشرعية. شهدت هذه الحكومة أولى محاولات عودة الشرعية لمباشرة مهامها من العاصمة المؤقتة عدن إلا أن الأوضاع الأمنية المتردية عرقلت تلك الجهود. بعد أقل من عام أقال الرئيس هادي خالد بحاح من منصبه في رئاسة الوزراء.
حكومة بن دغر
هي الحكومة الشرعية الثانية في الرياض التي عهد الرئيس هادي إلى الشخصية المؤتمرية البارزة أحمد عبيد بن دغر برئاستها مع ذات التشكيلة الوزارية لحكومة بحاح. وضمت هذه الحكومة تشكيلة كاملة من 36 وزيراً وشهدت تعديلات على مراحل. حكومة بن دغر هي الأطول عمراً خلال الأزمة. وكان من المأمول أن تعمل على تفعيل أجهزة الدولة وتحسين الأوضاع الاقتصادية في مناطق الشرعية. و هي الأخرى كانت قد سعت للعودة نهائياً إلى الداخل دون أن تفلح. وفي عهدها نُقل البنك المركزي إلى عدن وضُخت طبعة جديدة من العملة المحلية إلى السوق اليمنية لمواجهة أزمة السيولة المالية، الأمر الذي قابله انهيار حاد في الريال اليمني. ترافق الانهيار الاقتصادي مع توترات سياسية و عسكرية داخل الشرعية و فساد إداري ومالي عميقين. كل ذلك حافظ على تردي أداء أجهزة الدولة و أدى بالنتيجة للفشل في إيجاد حل نهائي لأزمات كالكهرباء، المشتقات النفطية و الرواتب. وعقب كل ذلك أقال الرئيس هادي بن دغر وأحاله للتحقيق.
حكومة معين
هي الحكومة الثالثة التي تقيم في الرياض ويرأسها وزير الأشغال العامة والطرق السابق معين عبدالملك الذي يُعرّف عن نفسه كشاب مستقل. وتتألف الحكومة هي الأخرى من ذات التشكيلة الوزارية التي رأسها بن دغر وأعلن معين عن نيته قيادتها لصالح إنعاش الاقتصاد وتحسين الوضع الخدمي. وعلقت على هذه الحكومة آمال في محاربة الفساد و إنقاذ العملة، إلا أن الجهود المعلنة لم تُلمس على مستوى الاقتصاد أو الخدمات مع معاودة العملة اليمنية مسلسل انهياراتها بعد تعافٍ مؤقت وعجز الحكومة عن الاستقرار في الداخل.
كما أن الصدام في المناطق المحررة بين المجلس الانتقالي والقوات الموالية للشرعية صدّر إلى الواجهة ملف الاستقطاب داخل معسكر الشرعية مما أدى بالرياض إلى عقد مفاوضات جمعت الشرعية بالانتقالي وأفضت إلى توقيع اتفاق الرياض القاضي بتشكيل حكومة جديدة. منذ ذلك الحين، تعتبر هذه الحكومة حسب اتفاق الرياض حكومة تصريف أعمال.
حكومة المناصفة
هي الحكومة الحالية، وجاءت بموجب اتفاق الرياض، الموقع في العام الماضي، إلا أن الحكومة الجديدة تأخر إعلانها نتيجة خلافات بشأن تراتبية تنفيذ بنود الاتفاق. لتلجأ الجهات الراعية للاتفاق إلى إعلان آلية لتسريعه في نسخة جديدة من الاتفاق وقعت في يوليو الماضي. وتم إعلان حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال حسب ما نص الاتفاق في يوم الجمعة الماضي، 18 ديسمبر. وتم تكليف معين عبدالملك برئاسة هذه الحكومة التي تراعي المحاصصة السياسية و تلتزم بمعايير الكفاءة كما تضم تشكيلة مصغرة من 25 وزيراً.
• إن التسميات المستخدمة وطريقة عرض المواد في هذا التقرير لا تعني التعبير عن أي رأي مهما كان من جانب اليونسكو أو صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام أو مؤسسة RNW Media بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة أو لسلطاتها، أو بشأن تعيين حدودها.