استطاعت النساء عبر التاريخ أن يتركن بصمتهن السياسية على عملية انتقال بلادهن إلى مرحلة السلام وأن يلعبن دوراً فاعلاً وحاسماً أحياناً في إعادة السلام والأمن إلى أوطانهن بعد أن كاد النزاع المسلح أن يقضي على كل مظاهر الحياة ويمزق النسيج الاجتماعي.
فتيات مأرب وصانعات السلام
تقول أمينة الثابتي عضو مؤسسة صانعـات السلام إن للمرأة دور أساسي ومهم في صنع السلام، وأصبحت المرأة تلعب أهم الأدوار الأساسية والسياسية لإرساء عمليتي السلام والأمن، حيث أثبتت المرأة مؤخراً بكل جدارة واقتدار بجهود مكثفة وإيجابية دورها الفعال في حل النزاعات وبناء السلام وإعادة الإعمار بعد الصراع، ووفق القرارات الأممية والدعم المحلي وبتمويل بعض المنظمات الدولية والمجتمع المدني استطاعت المرأة اليمنية “في مأرب” تأسيس مؤسسة فتيات مأرب والتي منها تأسست مؤسسة صانعات السلام حيث تدعم هذه المؤسسات وتؤهل المرأة وتمكنها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حيث أبرزت هاتين المؤسستين عدة أنشطة وفعاليات ومشاريع نموذجية والتي من شأنها دعم وتأهيل وتعزيز دور المرأة، وإشراكها في عملية السلام وغيرها من المجالات حسب القرار الأممي 1325.
وتابعت الثابتي: “تناول مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جدول أعمال النساء والسلام والأمن، حسب القرار 1325 للنساء والسلام والأمن التي تم التصويت عليها بالإجماع في شهر أكتوبر عام 2000، ووفق بنود هذا القرار الذي يدعو إلى إحداث تغيير في أربعة مجالات للنوع الاجتماعي والتي من ضمنها مشاركة النساء بجميع المستويات في عملية صنع القرار، حيث كان ضمن ما اندرج تحت هذا القرار هو مشاركة المرأة في مفاوضات السلام، كجنود وشرطة ومدنيين، وكذلك تعميم منظور النوع الاجتماعي في عمليات السلام، والذي اندرج ضمن إطاره تعيين مستشارات لشؤون النوع الاجتماعي في جميع عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة”.
قرارات أممية تنصف المرأة
قامت الأمم المتحدة بإصدار عدد من القرارات الدولية لدعم مشاركة المرأة في صنع السلام منها قرار مجلس الأمن رقم 1325 لعام 2000 حيث كان أول قرار يقر بالأثر غير المتكافئ والفريد للنزاعات المسلحة على المرأة، ومن هنا تأتي أهمية مشاركة وتمثيل المرأة في عملية السلام في اليمن على جميع المستويات وتناول قضاياها في اتفاقية السلام اليمنية الحالية ففي أثناء الحروب تتفاقم معاناة النساء بشكل خاص وتصعب المطالبة بالتغيير وإقرار وتنفيذ حقوق النساء، فنسمع الكثير من صناع القرار في اليمن عندما يشار إلى موضوع مشاركة المرأة في العملية السياسية وعملية صناعة السلام يكررون “الآن مش وقت المرأة، نحن الآن في فترة حرب”.
المرأة اليمنية وصناعة السلام
أروى الرمال مسؤولة وحدة المتطوعين في مؤسسة فتيات مأرب أكدت على أهمية مشاركة المرأة في عملية السلام بحسب ما نص عليه القرار الأممي 1325 حيث قالت: المرأة بطبيعتها مسالمة وتحب السلام، ولديها طاقة كبيرة لو وُظفت في مجال السلام لنجحت، وسيكون دورها فعال، فكما نص قرار مجلس الأمن رقم 1325 لحماية المرأة أثناء النزاعات ولكي لا تعيش المرأة في خوف و رهبة ورعب من الحرب، فقد نص أيضاً على ضرورة مشاركة المرأة في عمليات السلام وصنع القرار، فالمرأة تملك نشاط كبير في مجال درء النزاعات وحلها، لذى يجب اشراك المرأة في عملية السلام، فدورها كبير في إرساء أرضية صلبة تتسع للجميع، لكن للأسف يتم استبعاد المرأة في عمليات السلام القائمة، فهي أحد أهم العناصر الفاعلة لتحقيق السلام، ولكن حين يتم البدء في مفاوضات السلام الرسمية، فهي عضو غير مرحب به.
وتابعت الرمال: “بالرغم من أهمية هذا القرار و قدرته على إرساء السلام و الأمن فى معظم الدول التي تشهد الصراعات المسلحة، إلا أن الدول قد أهملت فى تطبيقه وتنفيذه، فمن أصل 192 دولة، لم يطبق هذا القرار حتى الآن سوى 21 دولة عضو في الأمم المتحدة، والسبب في هذا هو رفض معظم الدول ضمنياً لمشاركة المرأة في عملية المصالحة والسلام وصنع القرار، ورفض هذا القرار لأنه يمثل تتويج لنضال المرأة ويعترف بقدرتها على درء الصراعات و دورها في خلق السلام والأمن”.
تشير مساعي اليمنيات المستمرة إلى أهمية مشاركة المرأة في عملية صناعة السلام، وإتاحة الفرصة لها في المشاركة في مفاوضات السلام، وأن تكون جزءاً من العملية الانتقالية بعد النزاع، وفي صياغة مستقبل اليمن ما بعد النزاع.
- هذا التقرير ينشر بالتزامن مع منصة «هودج».
المرأة اليمنية ستظل تراهن بصبرها وخوضها غمار النزاع لإحلال السلام رغم كل العراقيل