تبقى المرأة اليمنية في رحلة كفاح مستمرة من أجل تحقيق ما تريد الوصول إليه على المستويين الشخصي والعام، فمن مشقة الأسرة رعايةً واهتماماً إلى تبعات العمل والبحث عنه في ظل متلازمة تردي الأوضاع الاقتصادية التي تدفع المرأة فاتورتها بشكل باهظ، خصوصاً تلك التي فقدت من يعيلها، ومصدر دخلها، وتلك التي تناضل لتحقيق طموحاتها وأهدافها من أجل مساعدة أسرتها وخدمة مجتمعها.
وضع يصطدم بضعف الثقة، وقلة إمكانيات التأهيل والتدريب الموجهة للنساء كي يحصلن على فرص كافية للتمكين المبني على الكفاءة والقدرة بعيداً عن العواطف ومشاعر التقدير المؤقتة التي صنعتها العادات والتقاليد.. هذه المادة تركز على المهارات القيادية التي تحتاجها النساء من أجل الوصول إلى مراكز صنع القرار، وتبوء مناصب قيادية.
الحاجة لوعي جمعي
منطلق التغيير المطلوب من أجل بناء قدرات قيادية للنساء اليمنيات ينبع بإدراك الواقع والبناء عليه من منطلق أساسي، هذا ما تراه الدكتورة والباحثة في النوع الاجتماعي نهى الكازمي، التي تضيف أنه: “يُمكن لمنظمات المجتمع المدني المحليّة، والمنظمات الدوليّة العمل على حزمة مشاريع مشتركة تسهم في تمكين المرأة، هذه المشاريع إذا ما أُريد لها أن تكون مؤثرة وتسهم في إحداث تغيير حقيقي، يجب أن تنطلق من وعي جمعي بجملة العقبات التي ستواجه هذه المشاريع لا سيما في المجتمعات المحافظة، والتي أبرزها العادات والتقاليد التي تحد من تمكين المرأة، وتحصر دورها في إطار وظيفي محدد، وتجاهل هذه العقبة لا يمكن أن يقابله تغيير إيجابي لصالح المرأة”.
الكازمي توصف الوضع بقولها: “الاستثمار في التعليم والتثقيف هو القطاع الذي لا يبنى عليه في المشاريع القائمة في اليمن، عندما نتحدث عن التعليم والمنظمات الداعمة غالباً ما ينحصر دورها في المدارس والمناهج، لكن الدور الأكاديمي، والمنح للتخصصات النادرة في المجالات العلمية والإنسانية تكاد تكون معدومة، فكيف ستُنافس النساء في المجالات التي تحصر بالرجال إذا لم تمتلك حصيلة تعليمية كافية في المجال المستهدف؟”.
وتنصح الكازمي المشاريع التي تقع تحت بند تمكين النساء، أن تركز على التمثيل السياسي للمرأة وهو الدور الذي لا يُستهدف إلا جزئيًّا، فالتأهيل والتثقيف السياسي، للنساء في هذا المجال مطلوب، طالما التمثيل السياسي للمرأة محدود، وتشدد أن تقوم المرأة نفسها بهذا الدور إلى جانب الرجل، حيث يجب أن تستهدف النساء الفاعلات في مجتمعاتهن ليشاركوا في عملية التغيير الجمعي، والدفع بتمكين النساء، ليس كمتلقي، ولكن كفاعل وموجه في الوقت ذاته.
اكتشاف الذات!
أظهر تقرير صادر عن منصة “إس سي آي كيه إي واي” (SCIKEY) للبحوث، أن النساء يتفوقن في التطوير التنظيمي وتدريب المواهب مقارنة بالرجال. وذلك لأن القائدات يسعين وراء تحسين موظفيهن بشكل متكرر أكثر مقارنة بالرجال. التقرير الذي أجري في الهند عام 2020 بعينة تجاوزت 5 آلاف متخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات أكد أن القائدات لديهن قدرة عالية على إدارة النزاعات والأزمات مقارنة بالرجال، كما أن النساء أكثر فاعلية في التعامل مع الآخرين.
لكن الوضع يتغير كثيراً في اليمن؛ ففي كثير من الأحيان لا يُنظر إلى النساء على أنهن يتمتعن بالمهارات أو المعرفة أو الوضع الاجتماعي اللازم لإحداث التغيير في بيئات ما بعد الصراع، وفقًا للدكتورة نبيلة الحكيمي، رئيسة شبكة إعلام للسلام.
وترى الحكيمي أن قوة منصات التواصل الاجتماعي الكامنة ظهرت في قدرتها على جذب الانتباه إلى الأدوار التي يمكن أن تلعبها المرأة بوصفها عاملاً قادراً على إحداث تغيير في المعادلة لا بوصفها ضحية، ليشكل ذلك فرصة لإعادة بناء تصورات مغايرة حول واقع تمكين المرأة وضرورة تكاتف المؤسسات الدولية للوقوف ضد تلك المعاناة.
كما أن تحسين وصول النساء إلى المعلومات عبر الإنترنت من خلال المنصات المختلفة، طور لديهن درجة أكبر من الوعي، وفتحت المنصات الرقمية، والوسائط التعليمية، والمدونات، ومقاطع الفيديو مساحة افتراضية منحتهن سبلاً لتطوير الذات، وتنمية القدرات، وفقًا للحكيمي التي ترى أنه على الرغم من معاناة المرأة في أوقات الصراع، فإن نساء اكتشفن أنفسهن من جديد، وبتن في صدارة المشهد بكل جدارة واقتدار.
أهم المهارات
وتحتاج المرأة من أجل الوصول إلى الجاهزية القيادية لكسر الأسقف الزجاجية أو ما تعرف بالحواجز غير المرئية كالتمييز بين الجنسين، والتنميط، والتحيز، ونقص الإرشاد، وكلها أسباب تحد من تقدم المرأة، كما أن التمتع بالذكاء العاطفي من خلال الوعي، والتنظيم الذاتي، والوعي الاجتماعي، وإدارة العلاقات سيمكنها من التواصل مع مختلف أصحاب المصلحة، وبناء الثقة والتعاون، ويبنى على ذلك فعل ميداني له أثر يتمثل في بناء فرق عمل قوية، وتعزز كل هذه الجوانب بقدرتها على المرونة والتكيف والمواجهة.
من المهمّ إنشاء بيئة شاملة وتوفير مساحات للتعاون تتضمّن تخصصات ومواهب وخلفيات متعدّدة تعزز القدرات النسائية، إضافة إلى توفير مساحات آمنة تعنى بالتعلم والتعاون والعمل، ففي كثير من الأحيان لا تشارك النساء في بعض النشاطات على الرغم من عدم استبعادهن رسمياً، وذلك لأنهن لا يشعرن بالأمان، ولن يتحقق ذلك إلا بإيجاد فرص تعليمية للنساء حتى يتمكنّ من تعزيز مهاراتهن ويكن أكثر استعداداً للقيادة والابتكار، ويعزز ذلك بتصدير نماذج نسائية ناجحة تواجه بالقبول الاجتماعي الذي يتحول مع مرور الوقت إلى فعل داعم ومساند تحتاجه المرأة اليمنية أكثر من أي وقت مضى.
نتمنى لكم التوفيق
نتمني النجاح لكل امراءة