أدت الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015، إلى مفاقمة الظروف الإنسانية والاقتصادية والبيئية على حد سواء. إذ تسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم حسب وصف الأمم المتحدة. وقد تسبب ذلك بالضغط على موارد البيئة الطبيعية واستغلال الغطاء النباتي.
فخلال السنوات الأخيرة، برزت مشكلة التحطيب وقطع الأشجار في مناطق الأحراج وأراضي الغابات في البلاد، جراء أزمة المشتقات النفطية وشحة توفرها، وتحديداً مادة الغاز المنزلي واستهلاكها كوقود لأغراض الطبخ من قبل بعض السكان، وكذلك قطاع المطاعم والمخابز التقليدية.
أين تكمن المشكلة؟
بحسب ورقة سياسات أعدها الخبير الوطني المهندس محمد حسن مقبل، (حصل حلم أخضر على نسخة منها) فإن «هذا النوع من الاستغلال الذي تتعرض له الأشجار الحراجية في اليمن، له نتائج مدمرة للغطاء النباتي وخاصة في المناطق الجافة».
ويشير المهندس محمد مقبل، في ورقة السياسات تلك إلى أن: «ارتفاع سعر الغاز وانقطاعه جعل الكثير من الأسر وبعض القطاعات الخدمية الأخرى تتحول إلى استخدام الأحطاب كمصدر للطاقة لأغراض الطبخ، الأمر الذي أدى إلى زيادة الضغط على الغطاء النباتي».
تكمن المشكلة في غلاء أسعار مادة الغاز (غاز الطبخ) المعبأ في أسطوانات سعة (20 لتر) وعدم توفرها في نقاط البيع التابعة لـ الشركة اليمنية للغاز (وهي شركة حكومية) بالإضافة لصعوبة الحصول عليها وانعدامها أحياناً.
حيث أصبح الحصول على غاز الطبخ مرتبطاً بالحصص الشهرية التي يقرها عُقال الحارات في صنعاء وبعض المحافظات، مما يحد من توافره في السوق، كما كان في السابق.
أسعار الغاز ترتفع
وبحسب إعلان التسعيرة لمادة الغاز المنزلي لشهر يوليو/تموز الجاري، حددت الشركة اليمنية للغاز (في صنعاء) السعر الرسمي للمواطنين، ولمحطات تعبئة السيارات العاملة بالغاز، وأصحاب المطاعم بأسعار شهدت زيادة مفاجئة.
وجاء في بيان التسعيرة الذي نشرته الشركة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل (فيسبوك): «أن سعر اللتر الواحد من الغاز المنزلي بمبلغ 376 ريال يمني» (ما يعادل حوالي 0,6 دولار في مناطق سيطرة أنصار الله).
وقالت شركة الغاز: «إن سعر أسطوانة الغاز المنزلي ذات التعبئة 20 لتر، بمبلغ 7,520 ريـالاً». -(أي ما يعادل 13 دولار). في حين أن التسعيرة الرسمية لأسطوانة الغاز كانت قبل 3 أشهر بمبلغ 4,300 ريـال. (ما يعادل 7 دولار).
الضغط على الغطاء النباتي
يقول المهندس عبد الله أبو الفتوح، مدير عام التنوع الحيوي والمحميات الطبيعية بالهيئة العامة لحماية البيئة في صنعاء: «الاحتطاب في اليمن، يشكل ضغوطاً قوية على الغطاء النباتي، وعلى تناقص الأشجار في الأرياف والمدن الحضرية. وكمثال تعرضت غابات المانجروف في محمية جزيرة كمران بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، للاقتطاع والتحطيب الجائر. وفي منطقة “صعفان” في حراز بمحافظة صنعاء، شكا المواطنين لمسؤولي هيئة البيئة من زيادة احتطاب أراضيهم من قبل أناس باستمرار».
وقال أبو الفتوح في تصريح خاص لـ «حلم أخضر»: «من خلال مسح أولي قامت به هيئة البيئة في 2018، تبين وجود حوالي 722 مخبز من مخابز إنتاج الخبز في العاصمة صنعاء، على اعتبار أن كل مخبز يستهلك حمولة شاحنتين من الحجم المتوسط في الشهر. وكل شاحنة تقدر حمولتها بالحطب بحوالي خمسين شجرة تم تقطيعها».
زيادة الطلب على الحطب
نتيجة لذلك ازداد الطلب، وتحول الاحتطاب وصناعة الفحم إلى عملية تجارية واسعة في البلاد، حيث فتحت أسواق الأحطاب والفحم في مختلف المناطق وعلى الطرق الرئيسية ونتج عن ذلك إزالة مساحات كبيره من الغطاء النباتي.
ويقول محمد دبوان (44 عاماً) وهو مالك مخبز (التوكل) في منطقة هائل بصنعاء: «في البداية كنت أشتري حطب الأشجار في حمولة شاحنة نقل صغيرة بمبلغ 35,000 ريال (ما يعادل 60 دولار) لكن أسعار الحطب ارتفعت الآن بشكل كبير».
وأضاف دبوان: «اليوم نشتري شاحنة الحطب بسعر 130 ألف ريـال (220 دولار)، ونستهلك حمولة الحطب هذه خلال 6-7 أيام لإنتاج رغيف الخبر و(الكدم). وخلال أيام المدارس يزداد الطلب فنستهلك حمولة الحطب في 5 أيام، ويبلغ احتياجنا في مخبزنا هذا خلال الشهر الواحد ما لا يقل عن 4 حمولات من الحطب (4 شاحنات نقل صغيرة). وباليوم الواحد نستهلك من الحطب بقيمة 20 ألف ريال (ما يعادل 33 دولار)».
- هذا التقرير ينشر بالتزامن مع منصة «حلم أخضر».