أصبحت منيرة حسان، محل إشادة الرجال والنساء بمنطقة الضباب غرب مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، ومحط أنظار وسائل الإعلام، بعد أن حوّلت جزءاً من منزلها إلى مركز لمحو أمية الكبار.
منذ نحو عقد من الزمن تتطوع منيرة في تعليم نساء القرية رغم الصعوبات التي تأتي في صدارتها الحرب الدائرة في البلد والتي ألقت بقطاع التعليم في مرمى تأثيراتها الخطيرة.
تشكّلت المبادرة عقب تخرج هذه الشابة الثلاثينية من الثانوية العامة وتفرغها لتعليم الأطفال لفترة وجيزة قبل أن تلتحق بالمعهد العالي للمعلمين بمحافظة تعز.
“تدني نسبة تعليم الفتيات في الريف وحرمانهن من مواصلة الدراسة وعدم وجود وظائف لخريجات”، كما تقول، يعد من أبرز الأسباب التي دفعتها لتخصيص جزء من منزلها إلى مركز لتعليم عشرات النساء مهارات القراءة والكتابة، بمساعدة ودعم شقيقها.
يرجع اختيار تحويل المنزل إلى مكان للتعليم إلى عدم توفر مكان آخر ملائم لذلك و “مع اندلاع الحرب رأيت أن المنزل أكثر أماناً” تضيف في حديثها عبر الهاتف لـ”منصتي 30“. لافتة إلى أن عدد الخريجات من المركز الذي تديره بلغ 350 امرأة.
بسبب النزاع، تضرر أكثر من 2500 مدرسة في البلاد غير صالحة للاستخدام، وفق منظمة أنقذوا الأطفال، إذ تم تدميرها أو تحويلها لأغراض عسكرية.
كان الإقبال في البداية محصوراً على منطقتها فقط قبل أن يتوسع النطاق الجغرافي بعد أن أدركت النسوة أهمية التعليم واستفادة أخريات من المبادرة.
ترى منيرة أن “تعليم النساء والفتيات في الريف مهضوم تماماً، وأن المرأة غير المتعلمة لا تستطيع القيام بأي عمل أو تحقيق حلمها وإعالة أسرتها”.
بحسب آخر بيانات رسمية متاحة، فإن نسبة الأمية بين الإناث في اليمن تبلغ نحو 65 بالمئة، فضلًا عن وجود ما يزيد عن مليوني فتاة وفتى في سن الدراسة في اليمن خارج المدرسة بسبب الفقر والصراع ونقص الفرص التعليمية، حسبما ذكرت منظمة الامم المتحدة للطفولة يونيسف.
إلى جانب تعليم القراءة والكتابة تُقدّم منيرة دروساً في الخياطة والحياكة لإكساب الفتيات حرفة كي يتسنى لهن من خلالها تحسين وضعهن الاقتصادي.
“لم أجد من يدعمني بمكائن خياطة. استخدمت ماكينتي الخاصة لتدريب الفتيات لإكسابهن مهارة يدوية”.
وبالنسبة لنساء المنطقة، يشكّل منزل منيرة الفرصة الوحيدة لتعلم القراءة والكتابة “بعد أن فقد البعض منهن الأمل في الالتحاق بالتعلم بعد أن تقدمن في السن”، كما تقول أم عبدالرحمن لـ”منصتي 30”. وتضيف “لم أكن أتصور أنني بعد 55 سنة قادرة على إمساك القلم والكتابة بعد أن ارتبطت حياتنا بالأعمال الريفية”.
واجهت منيرة صعوبات في الحصول على وسائل ومستلزمات تعليمية في ظل عدم تجاوب الجهات المعنية. وتشير إلى أن إدارة محو الأمية وتعليم الكبار بمكتب التربية والتعليم بتعز سبق أنْ خصصت لها راتب 60 ألف ريال في السنة، لكنه انقطع عنها مع اندلاع الحرب عام 2015.
ووفق تقديرات أممية فإنّ أكثر من ثلثي المعلمين في اليمن -ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة- يحصلون على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016 أو أنهم انقطعوا عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.
تتطلع منيرة لتطوير واستئناف نشاط مبادرتها التي توقفت مؤخراً لـ”ظروف خاصة”، حسب تعبيرها، موضحة أنها لا تزال على اتصال مستمر مع طالباتها “لتزويدهن عن بُعد بالنصائح وبعض المهارات”.
وتنصح كل امرأة قادرة على خدمة المجتمع بـ “المبادرة ومساعدة الآخرين ووضع بصمة يتذكرها الناس من خلالها”.
مجيد الضبابي، صحافي و أحد سكان منطقة الضباب، يرى أن مبادرة منيرة “أثبتت بأن المرأة الريفية التي حُرمت من التعليم قادرة على استعادة الثقة في نفسها وتعلم القراءة والكتابة واستطاعت أن تذلل كل الصعاب وتجعل هذا الحلم واقعاً”.
وفي حديثه لـ”منصتي 30″ يصف المبادرة بـ”الفريدة من نوعها”، مؤكداً أنه “في الوقت الذي غاب العاملون في القطاع التربوي في أوج سنوات الحرب حضرت منيرة وفتحت منزلها وجندت نفسها لتعليم النساء”.
تستحق لقب رائدة محو الأمية
الغعخوالد
تستحق الدعم للاستمرار
ويجد مثلها كثير م من الفتيات