التسول تسرب الفتيات المهمشات التعليم
article comment count is: 3

«التسوّل» سبب لتسرب الفتيات المهمشات من التعليم!

مع بدء العام الدراسي الجديد، تقف الفتيات من أبناء فئة المهمشين خارج أسوار المدارس، حالمات بكسر تلك الأسوار التي تشكل حاجزاً منيعاً بينهن ونور الحياة، إذ يُعتبرنَ الجنس الأكثر حرماناً من حق التعليم بين أفراد الفئة التي تواجه الأمَرّين، “الفقر والتمييز”…

الأسباب والعوامل متعددة، تلك التي تحول دون التحاق الفتيات بالمدارس وتساهم في تسربهنّ من التعليم في ظل سوء الأوضاع والأحوال المعيشية للمواطنين بالبلاد عموماً، والمهمشين على وجه الخصوص، لكن يبرز دائماً سبب معين لكل نتيجة، إما أن يكون خياراً، أو واقعاً مفروضاً.

التسوّل

في الوقت الذي يستعد فيه الطلاب من بنين وبنات، للذهاب إلى المدرسة، حاملين حقائبهم وما عليها من أحلام وأمنيات، تبدأ “مريم عبده” الفتاة التي يكبر اسمها سنها (18 عاماً)، رحلتها في التسوّل أو ما تسميه بلسانها “الطِلبة” للبحث عن المال، لكي تساعد أسرتها.

تجوب مريم شوارع مدينة تعز وتمد يدها لكل من يصادفها، وعندما يقع نظرها على طالبات المدارس صباح كل يوم، تشعر بالحسرة، لكنها تتذكر في ذات الوقت واقعها المؤسف، إذ لم تتمكن من دخول المدرسة نتيجةً للظروف الصعبة التي تعيشها أسرتها كما تقول.

وتضيف لمنصتي 30، “أرغب في الدراسة، لكنني مجبرة على الخروج للطِلبة (التسول)، لمساعدة والدي في مصاريف المنزل”، هكذا تعلل مريم عدم التحاقها بالمدرسة، وكان لزاماً عليها أن تترك التعليم مقابل جلب الأموال لوالدها الذي يعمل في خياطة الأحذية، وهي مهنة يعمل فيها معظم أبناء الفئة.

تقول مريم، إن عمل والدها الشائب لا يوفر لأسرتها المصاريف الكافية، ولا يلبي كل احتياجاتهم المعيشية، لذلك هي تتسوّل أيضاً لمساعدته ولو بالشيء القليل، وتصف أن توفير الأكل والشرب فقط أصبح شيئاً صعباً، فكيف بمستلزمات الدراسة.

تتابع: “المدرسة تحتاج رسوم وكتب ودفاتر وأقلام وأشياء كثيرة ومصاريف، وصعب أن أسرتي توفرها، و يالله نأكل ونشرب”، مضى 18 عام من عمر مريم وهي أُمّية لا تقرأ ولا تكتب ولم يسبق لها أن دخلت مدرسة، ولا يختلف وضعها على شقيقاتها الأربع، فهن لم يدرسن أيضاً.

فقر وغياب للوعي

ذلك حال الكثير من الأسر المهمشة في البلاد عموماً، لا  تختلف أوضاع معظمهم، خاصة تحت وطأة التمييز العنصري الذي يتعرضون له من المجتمع لأسباب عرقية، وكذلك التهميش والإهمال من الدولة، الأمر الذي أنتج لهم واقعاً مؤسفاً مزحوماً بالفقر والجهل وغياب للوعي.

وفي هذا الصدد، تقول الناشطة الحقوقية ورئيس مؤسسة كفاية لرعاية المرأة، مسك المقرمي، إن التسرب من التعليم منتشر بين أسر المهمشين، لا سيما الفتيات والنساء منهم، ويعود ذلك لأسباب كثيرة أبرزها الفقر وسوء الأوضاع المادية التي يعيشها أبناء الفئة.

وتضيف في حديثها لمنصتي 30، أن “الكثير من أولياء الأمور يعملون على إخراج بناتهم من المدارس ويجعلونهم يذهبن للتسوّل هذا في حال دخلت الفتاة المدرسة، وهناك من يدفعون بهن إلى الشوارع لجلب الأموال وهن طفلات وفي سن الدراسة”.

تذهب المقرمي أيضاً للحديث عن الأسباب الأخرى التي تقف وراء تسرب الفتيات من التعليم، وتعتقد أن ارتفاع رسوم التسجيل في المدراس ومتطلبات الدراسة يجعل الآباء يعزفون عن تعليم أبنائهم، إضافةً إلى الجهل وعدم الوعي بأهمية التعليم، وهو أمر سائد بين أفراد المهمشين.

وبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، فإن هناك مليوني طفل يمني لم يلتحقوا بالمدارس، فيما هناك حوالي 3.7 مليون آخرين، معرضين لخطر التسرب من التعليم، محذرةً من انهيار التعليم في ظل استمرار الحرب وتدهور الأوضاع في عموم البلاد.

آثار ومخاطر

ينجم عن تسرب الفتيات المهمشات من التعليم آثار على مستوى الحياة الاجتماعية في إطار البيئة المحيطة، خاصة مع النظرة التمييزية اتجاههن باستنقاص نوعاً ما، باعتبار أنهن أُميات وغير متعلمات، وهي نظرة تظل تلاحقهن بشدة طوال حياتهن وتربط بالأسرة مستقبلاً.

وهنا، يرى أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة تعز، الدكتور عمر إسحاق، أن للتعليم دور كبير في التخلص من تلك النظرة وبالدفع بالفتيات للاندماج مع المجتمع، وبالتالي يعتبر التعليم مهم جداً بالنسبة لهن، وينبغي أن يلتحقن بالمدارس، مشيراً إلى أن هناك ضرورة لدراسة أسباب التسرب بدقة مع تغيرات الأوضاع في البلاد.

ويتفق إسحاق مع أن التسوّل أحد الأسباب التي تجعل الفتيات المهمشات يتركن التعليم بدوافع ذاتية أو بدافع الحاجة نتيجة الفقر، لافتاً إلى الآثار والمخاطر الأخرى النفسية والجسدية التي قد تتعرض لها الفتاة والمرأة عموماً أثناء قيامها بالتسوّل.

وهنا تشير دراسة بحثية لمركز صنعاء للدراسات، نُشرت نهاية عام 2021، إلى أن النساء والفتيات المهمشات اللواتي يتسولن يتعرضن للعنف والتحرش اللفظي والجسدي والإساءات بسبب تواجدهن الدائم في الشوارع، وأيضاً لكونهن في مجتمع أبوي ومتحيز، كما تصف، مستعرضةً ضحايا ممن تعرضن لتلك المخاطر.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (3)