يستخدم العالم الفوتوشوب وتطبيقات تركيب الصور لأغراض فنية تخدم مطالب العلم الحديث، لكن البعض يستغل هذه التطبيقات لأهداف سياسية، من بينها أذية المرأة المشاركة في الشأن السياسي وابتزازها، فالنساء في المجتمع اليمني يقاس ميزان شرفهن كلما كنّ منزويات أكثر عن العالم الخارجي، الأمر الذي يجعل المرأة السياسية تحت تأثيرات نفسية ومجتمعية وأسرية عنيفة إزاء ما تتعرض له من القذف والشتم، لكونها قررت أن تشارك الرجل مقاعده في الشأن السياسي والمجتمعي.
تقول الصحفية سامية الأغبري (34 عاماً)، وتمارس العمل السياسي منذ العام 2006: خلال عملي الصحفي الذي بدأته وأنا في الثانوية وحتى الآن تعرضت كثيراً للسب والشتم، وهناك كثير قاموا بفبركة صوري وتركيبها على أجساد أخرى عبر الفوتشوب، أو تركيبها بطريقة مخلة ومن ثم تهديدي ومحاولة ابتزازي في نشرها”.
تواصل سامية شرح قصتها “لـمنصتي 30” قائلة: “على مدى عمر طويل في المشهد السياسي قامت حسابات مختلفة على فيسبوك بدبلجة صور لي على المواقع الإخبارية الممولة من الدولة ومواقع التواصل الاجتماعي منها أسماء حقيقية ومنها المستعارة، وقاموا بنشر صورة شخصية لي مع عبارات مسيئة مثل(العاهرة)، (العجوز الشمطاء)، (تبحث عن زوج)، (مسترجلة)، (عانسة)، هذا غير التعليقات التي فيها إيحاءات جنسية من بعض زملائي الصحفيين، ومن غير زملائي والكلمات البذيئة التي تطلق عليّ.
تقول سامية إن أول شتيمة تعرضت لها كانت في صحيفة الدستور، فقد كتبوا عنها كلاماً بذيئاً حد قولها، وكان من ضمن ما كتب في الصحيفة أنه لا يحق لبنت الأغبري التحدث عن التغيير السلمي بل عن أنواع العطور والبسبوسة، وهذا استنقاص من الرجل لصوت المرأة ومشاركتها في الإدلاء بالرأي.
تبيّن سامية أنها أيضاً خلال مسيرتها تعرضت لمحاولة اقتحام لمنزلها وتهديد بالقتل وحتى بعد سفرها ظلوا يهددونها بأسرتها، بالإِضافة إلى أنّها تعرضت لمحاولة اختطاف.
سامية هي الصورة الظاهرة عما تتعرض له النساء المشاركات في المشهد السياسي اليمني، فهناك الكثير في المجتمع لا يقومون بمخالفة الرأي بالرأي عندما تكون مقدمة الرأي امرأة بل يتصرفون إزاء آراء المرأة بسلوكيات غوغائية لمحاولة كسر المرأة؛ ولأن المجتمع اليمني مجتمع محافظ ويعتبر فيه أن سمعة المرأة هي رأس مالها، يلجأ البعض إلى نقطة الضعف هذه في محاولة لقمع المرأة، وإثنائها عن ممارسة حقوقها السياسية.
جذور ثقافية..
تلعب الثقافة في البيئة المحلية دوراً سلبياً ومتفاوتاً في مصادرة هوية المرأة هويتها ووجودها وتنميط دورها، وهو ما يعزز الأسباب التي خلقت لدى بعض الرجال إحساساً بأنهم أفضل، ما يدفعهم بسلوك لا واعي إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم اللا أخلاقية بحق المرأة.
تقول دكتورة علم الاجتماع “ألفت الدبعي” وعضو مبادرة نساء تعز من أجل الحياة، في أن دخول المرأة في مجال السياسة يجعلها عرضة للتشويهات مثلها مثل الرجل لتداعيات الصراعات السياسية ووسائلها والتي يكتوي بنارها الرجال والنساء على السواء في ظل بيئة اجتماعية يمنية وعربية مازالت فيها قيم الديمقراطية والحرية واحترام الآخر وإدارة ثقافة الخلاف ضعيفة جداً”.
تضيف ألفت “لـمنصتي 30” أن “الأسباب التي تدفع الرجل إلى استخدام التشويه والقذف عند معارضة المرأة في الرأي تعود للثقافة المجتمعية التي لا تحترم الرأي وتنظر للمرأة من جانب الجسد والفضيحة والأخلاق بالتزامن مع عدم تمتع المجتمع بالوعي الكافي أو الوصول إلى النقطة التي يرى فيها المرأة إنساناً مثلها مثل الرجل”.
تأثيرات نفسية ومجتمعية
اختصاصيون نفسيون يثبتون أن المرأة التي تتعرض للاحتقار والطعن والتشويه تتكوَّن لديها آثار نفسية قد تدخلها في حالات من الانطواء إذا كانت لا تمتلك وعياً كافياً بجهل المجتمع.
من هذا الجانب توضح الدكتورة النفسية منى الشرجبي لـ”منصتي 30″ قائلة إن بعض النساء المشاركات في المشهد السياسي قد يصبن باكتئاب حاد إزاء تعرضهن للقذف والشتم والتشويه، ولكن التأثير النفسي يكون عليهن أقل لأنهن يمتلكن وعياً كافياً لمجابهة التشويهات.
تتابع منى حديثها: “النساء المشاركات بالمشهد السياسي يتأثرن نفسياً، لكنهن يستطعن التغلب على كل التأثيرات ومن الطرق التي يلجأن إليها هي أخذ جلسات دعم لتعزيز الثقة بالنفس”.
من جانب التأثيرات المجتمعية
الدكتور ياسر الصلوي يقول إن “مشاركة المرأة اليمنية في المشهد السياسي، مشاركة ضعيفة إلى حد كبير، وحضورها يكاد يقتصر على مشاركتها بالمستويات الدنيا للعمل السياسي، المتمثل بالاهتمام بالشأن العام والادلاء بالرأي في قضايا الشأن اليمني، ما يسبب لها تأثيرات مجتمعية وأسرية إزاء مشاركتها”.
في تصريحه لمنصتي 30 يقول: “تعاني المرأة اليمنية من التأثيرات المجتمعية بسبب افتقار غالبية أفراده للوعي، ومسميات المجتمع المحافظ والتقليدي، وتبرز الكثير من الشائعات التي تستهدف تشويه المرأة بالنقل المزيف أو تحريف التصريحات لتقع المرأة تحت رحمة هذه الشائعات والتي تلاقي رواجاً واسعاً فيه”.
وتعد مشاركة المرأة في المجال السياسي حديثة، فقد استثنيت المرأة اليمنية من انتخابات 2006 وقد كان هناك تناقضاً مع الدستور الذي ينص على المساواة بين الرجل والمرأة سياسياً. وتشير الإحصائيات إلى تدني مشاركة المرأة اليمنية فى مختلف المجالات السياسية قبل ثورة 2011 سواءً فى تمثيلها فى المجالس النيابية المنتخبة أو فى مؤسسات المجتمع المدنى، وكذا فى شغل المواقع القيادية والمناصب العليا فى الدولة.
بين الحلول وتأخر الحضارة في اليمن
يشارك الصحفي والكاتب محمد دبوان المياحي في وجهة نظره عن الحلول التي يمكن أن تخلص المرأة السياسية مما تتعرض له من اتهامات ومحاولات لابتزازها وإعاقتها بجسدها إذا يقول في حديثه لـ “منصتي 30” إن “ما تتعرض له المرأة المشاركة في المشهد السياسي هو زاوية امتداد للسلطة الذكورية التي تقوم باستغلال نقطة ضعف المرأة في المجتمع وهي سمعتها، ويرى المياحي أن الحل سيكون بمصادرة السلطة الذكورية بالمعنى الذي لا يجب فيه أن تكون المرأة وسمعتها وجسدها مدخلاً لتشويهها، ولقمعها عن مشاركة حقوقها السياسية.
يوضح المياحي طرق تنفيذ هذه الحلول قائلاً: “لن نستطيع أن نحمي المرأة من هذا التعسف الذي يستغل سمعتها إلا بتفكيك العقد المجتمعية فيما يخص المرأة وبالتالي الأمر يحتاج وقتًا طويلاً لتفكيك عقدة الجسد”.
يضيف المياحي: “الأمر وإن كان بدائياً إلا أنه يبقى مؤثراً على المرأة من حيث أنه اكتسب سلطة اجتماعية عبر الزمن، وبالتالي الأمر يحتاج سلطة وعي تفككه بهدوء، كما يحتاج أن نحمي المرأة من أي ممارسات ابتزازية”.
وينص الدستور اليمني على حق مشاركة المرأة في المشهد السياسي والقانوني والمجالات العامة، لكن الواقع العملي يثبت أن هذا الحق معطل عن رقابة الدولة وحمايتها، الأمر الذي يجعل النص الدستوري والقانوني يبدو وكأنه حق نظري فقط، فالبيئة السياسية والحكومية لا تعمل على تأهيل المرأة وحمايتها بما يجعلها قادرة على ممارسة حقوقها بالشكل المطلوب.
المحامية “هبة عيدروس” تقول إن “ما تتعرض له المرأة السياسية من تشويه لسمعتها وفبركة صورها يعتبر جرائم رقمية، وإن انعدام القانون الرقمي في اليمن يسهل على أي شخص ارتكاب مثل هذه الجرائم”، وتشير في حديثها لـ “منصتي 30” إلى أن “اليمن يفتقر للقضاء والنيابة المؤهلة في أجهزة البحث والرقابة الرقمية التي كانت ستحد الكثير من هذه المحاولات كما في بعض الدول”.
وتقول عيدروس إنه يمكن للمرأة الرجوع لنصوص قانون العقوبات في بند الابتزاز وتشويه السمعة والتشهير إذا ما تعرضت لتشويه معروف مصدره، وبالتالي تقديم شكوى تكون حلاً قانونياً لمحاسبة الشخص المرتكب لجريمة التشهير”..
جميل
حابه اعرف ايش تخصصي
فعلاً تتعرض المرأة بمجرد التفكير أنه تأخذ أحد مقاعد السياسيه للأسف.لكن ،،لازم تعطى للمرأة اليمنيه فرصه فقد تشكل منعطف يقود نحو الأفضل .
فعلاً تتعرض المرأة بمجرد التفكير أنه تأخذ أحد مقاعد السياسيه للأسف.لكن ،،لازم تعطى للمرأة اليمنيه فرصه فقد تشكل منعطف يقود نحو الأفضل،ونزول أشد العقوبات لما قد تتعرض له من تشوه بدون وجه حق ،،واخيراً أتمنا من المجتمع اليمني تغير تفكيره من هذه الناحيه حتى نصبح مجتمع منصف وراقي.