مجتمع الذكورية الإيجابية
article comment count is: 1

النظرة التقليدية للمجتمع سيف مسلط على رقاب الذكورية الإيجابية

يواجه مفهوم الذكورية الإيجابية الرفض والعداء إلى حد كبير في المجتمع اليمني المحكوم بالعادات والموروثات التي يتناقلها الأجيال منذ زمن حتى أضحت تشكل وعي نسبة كبيرة من الناس، ما يجعل العديد من الرجال في المجتمع اليمني، ممن يمارسون الذكورية الإيجابية، يواجهون الكثير من الصعوبات نتيجة لهذه الممارسة وإيمانهم بأن المرأة شريك لها كامل الحقوق.

الافتقار إلى المعلومة الصحيحة

بينما يجد البعض أن تحقيق نظرة المساواة وتمكين المرأة متعارض مع ما يؤمنون به سواءً كان دين أو عرف، بالمقابل يجد البعض الآخر أن ذلك لا يتعارض مع ما تسعى إلى تحقيقه أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والتي وقعت عليها جميع الدول الأعضاء في الهيئة الدولية، كما أكد لنا الشاب زيد العلائي في حديثه لمنصتي 30.

العلائي شاب من مدينة عدن، يدرس القانون العام ومهتم ومطلع بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، يعتقد “أن المجتمعات العربية على وجه العموم تفتقر إلى المعلومات الصحيحة حول الجندر والاختلاف واحترام الأقليات والحقوق والمواطنة والديمقراطية وسيطرة المفاهيم الدينية المغلوطة على حياة المجتمع”.

هذا النقص برأي العلائي “يقوض من الجهود التي تسعى إلى تمكين المرأة في اليمن، وتسبب في خلق فجوة ما بين الحضارة الجديدة وإمكانية مواكبة التطور الحاصل”.

اتهامات ونظرة مغلوطة

الكثير من الاتهامات والأحكام توجه إلى كل من يجاهر بدعمه للمرأة في بعض الدول العربية، لكن الرجل اليمني ينال أضعافها، حيث يجد نفسه تارة يعتبر أنه الإنسان الذي ليس لديه حميّة على نسائه وتارة أخرى العربي الداعم للأفكار الغربية المنافية لعادات المجتمع.

هذه الممارسات تخلق ضغوطات اجتماعية على الأشخاص المنادين بحقوق المرأة وتسبب حالة من الإحباط واليأس لديهم.

وصف العلائي هذه الممارسات بأنها تجعلهم يبتعدون عن الظهور وأحياناً الخوف من التعبير، خصوصاً إذا ما تطورت هذه الاتهامات وأضحت تهديدات حقيقية.

فيما يختص بالاتهامات يضيف العلائي قائلاً: “الحقيقة أن مثل هذه الاتهامات تشعرني وغيري من المطالبين بالمساواة بالضعف، خصوصاً أنه لا توجد قوانين واضحة تردع هؤلاء، فأغلب القوانين التي صدرت بعد عام 1994 هي قوانين لا تتوافق مع القوانين والمواثيق الدولية التي وقع عليها اليمن قبل إصدار هذه القوانين وبعدها، بل إن نصوصها تكرس كبح جماح المرأة وتقليل من قيمتها في المجتمع”.

في السياق ذاته، محمود أحمد (34 عاماً)، من محافظة عدن، قال هو الآخر إن “المجتمع لا يتقبل الذكورية الإيجابية، وإن حياته الاجتماعية والعائلية غاية في الصعوبة، بل إنه وصل الأمر إلى حد التهديد بالعنف”.

لكن ورغم ذلك، استطاع الشاب محمود أن يقود حياته بمنظور مختلف، وحاول لسنين طويلة أن يوعي المجتمع من حوله ويساعد أهالي مدينة عدن، على فهم أن المرأة شريكة الرجل في الحياة يجب احترامها.

كفاح رغم الصعوبات

يحاول العديد من الرجال اليمنيين تغيير هذه المفاهيم التي اكتسبها المجتمع نتاج الأدلجة الموروثة على مر السنين، محاولين كسرها لخلق مجتمع يسوده الوئام والسلام.

الشاب أحمد أكد لـ”منصتي 30“، وجود صور عديدة للصعوبات التي يواجهها هو وجميع الممارسين للذكورية الإيجابية، كون المجتمع المحيط به كالأسرة والأصدقاء يمارس شتى أنواع الضغط في محاولة دؤوبة منهم لتغييره. كذلك لا يختلف الأمر عن ردود الأفعال التي يتلقاها ما إن يشارك أفكاره في مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب قوله.

وصف أحمد الآراء التي يتلقاها عبر هذه المواقع بأنها أكثر لؤماً وتحمل في طياتها الكثير من الكراهية والأحقاد له من أناس لا يعرفهم، لكن ورغم تلك المساوئ التي يواجهها إلا أنه لم يحِد يوماً عن إيمانه بمبادئه.

وفي خصوص ذلك أشار أحمد إلى أنه: “يجب على الرجال اليمنيين تجاهل كل ما يقال عنهم بخصوص ممارستهم للذكورية الإيجابية وألا يقفوا عند المضايقات حتى يستطيع الفرد منهم أن يعيش في المجتمع مثلما يحب، وأنه كلما واجه الرجل رفقة المرأة صعوبات التقاليد وقيم المجتمع الموروثة يجب أن يجعله ذلك أكثر إصراراً على الحياة”، حد وصفه.

التنشئة الخاطئة

قيود مجتمعية عدة رسختها الأعراف والتقاليد في عقول الكثير وباتت هي السائدة والمحصنة من أن يمسها أي تغيير.

المختص في الشؤون الاجتماعية، أمين المنصوري، قال في حديثه إلى “منصتي 30“: “إن الكثير من الرجال الممارسين للذكورية الإيجابية في المجتمع اليمني يواجهون اليوم الكثير من المشاكل، وهذه النظرة الخاطئة لهم ناتجة عن تنشئة خاطئة لا أكثر”.

ولفت المنصوري إلى وجود الكثير من الرجال الراغبين في ممارسة الذكورية الإيجابية لكنهم لا يفعلونها خوفاً من الانتقادات التي قد توجه لهم من المحيط الذي يعيشون فيه، لهذا يعزفون عن ممارستها”.

مجتمع صحي

تكمن أهمية هذه ممارسة الذكورية الإيجابية في بناء علاقات اجتماعية صحية وسليمة، كما أنها ضرورة لخلق جو من الود والاحترام بين أفراد المجتمع الواحد، كما أوضح الأخصائي المنصوري الذي وجه نصيحته إلى كل رجل بعدم الاكتراث لما يقال له أو عنه، كون ذلك لا ينقص منه بل يرفع من شأنه أمام أهله.

وأشار المنصوري في حديثه إلى أهمية تفعيل دور الخدمة الاجتماعية وتأهيل المتخصصين في هذا المجال وإكسابهم الخبرات اللازمة لمواجهة مثل هكذا مفاهيم، إلى جانب العمل على فتح مكاتب للإرشاد الاجتماعي وبعدها توعية المجتمع بخدماتهم.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (1)

  1. تحمل الذكورية الإيجابية عدداً من المعاني التي تناهض المفهوم الخاطئ للرجولة، ما يفاقم العنف ضد النساء حيث تتمثل الرجولة بالمواقف المشرفة والأخلاق العالية واحتواء المرأة ومساندتها والأخذ بيدها لطريق النجاح، وتناهض العلاقات التي تقوم على الهيمنة والتبعية بين الرجال والنساء وبين الرجال أنفسهم والنساء أنفسهن.