يعتبر دمج النساء في المجتمع، وحصولهن على حقوقهن، وكذلك مساواتهن في كافة الفرص، مع إزالة كل أشكال التمييز من ضمن أولويات العصر الحديث، وقد تم تعزيز ذلك التوجه بالقرار الشهير 1325 الصادر عن الأمم المتحدة مع بداية الألفية الجديدة، وحصل ذلك، بعد مراجعة كبيرة مع ماضٍ تم فيه ممارسة اضطهاد كبير لهذه الفئة، ولأن وضع النساء في اليمن يعتبر أصعب وضع في العالم كما تصفه التقارير الدولية، ثمة حاجة ملحة لتطبيق نصوص القرار على أرض الواقع، ولأجل هذا الأمر، تم في عام 2018 صياغة خطة وطنية لتنفيذ القرار 1325، بعد اجتماع لممثلي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مع هيئة المرأة، وكذلك اتحاد نساء اليمن، وفيما بعد، تمت المصادقة على تلك الخطة من قبل رئاسة الوزراء، وفي سياق هذا التقرير، سيتم نقاش مدى أهمية هذه الخطوة، وما الذي قامت به اللجنة واقعياً، مع ما يجب فعله مستقبلاً..
أهمية وجود الخطة
في اليمن، وللحاجة المضاعفة للتطبيق، تشكلت الخطة الوطنية لتنفيذ قرار 1325 الخاص بالمرآة، والتي لا تختلف مبادئها عن مضمون القرار القائم على المشاركة، والحماية، والوقاية، والإنعاش والإغاثة، وفي مدى أهمية ذلك الأمر، تجد الناشطة مها عوض، وهي تعمل ضمن اللجنة الاستشارية للخطة، بأنها شيء إيجابي، ومهم، بل إنها قد تكون خطوة متأخرة، وتضيف: “الخطة التزام حقيقي لمضمون القرار، كما أنها مهمة لعمق المحتوى الموجود في القرار، والذي ينص في القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، إعلان برنامج عمل يتعلق بالكثير من القضايا المرتبطة بتحسين أوضاع النساء، وكذلك مسألة الحماية، بالإضافة إلى تفصيلات أوسع للمحاور الرئيسية التي أتت في القرار باعتباره المرجع”.
هناك آراء كثيرة حول هذه الخطة الوطنية، ومنها ما هو مناهض لها، ولا يرى بأنها قد تنتج شيئاً واقعياً، من هؤلاء الناشطة وميض شاكر، والتي سبق وعملت ورقة سياسات على الخطة الوطنية، تصرح في هذا الأمر، لمنصتي 30، قائلة: “أحياناً كثيرة يحدث بأن الموضوع يتم حوله ضجة، ويمضي ليس لأن وجوده مهم، أو لإمكانية تحقيق شيء، بل لأسباب أخرى تماماً، وأعتقد أن إنشاء الخطة الوطنية تم لأجل هذا الأمر، مثل كسب التمويلات، والمنح، والسفريات، بينما لا توجد خطة وطنية في البلد، أو على أرض الواقع”.
إنجازات الخطة الوطنية
مضت أربعة أعوام منذ أن تمت الموافقة من قبل رئاسة الوزراء على الخطة الوطنية لتنفيذ 1325، وهي الآن في عامها الأخير، وعن إنجازاتها خلال الفترة الفائتة، تقول مها عوض إنه “للأسف تأخرت ترجمة هذه الخطة، لكن ما تم من عام 2020، حتى الآن، وضمن مشروع يتبع الأمم المتحدة تم تنفيذ الهيكلية المؤسساتية، ومن خلال متابعة أعمال هذه الهيكلية، وتشكيل اللجنة الاستشارية، ولجنة الفريق الوطني، ولجنة المحافظة مؤخراً، والتي أخذت لتصميم نموذج تجريبي فيما يتعلق بمحافظة عدن”، وتضيف: “عملياً؛ أي ترجمة القرار على أرض الواقع لم يحدث، لأنها مازالت مسألة قيد البحث، والتشاور، أما الترجمة الفعلية في التنفيذ، لا يوجد، وما هو موجود بالواقع من برامج وأنشطة ذات صلة بالقرار هي منفصلة، ولا يوجد علاقة بينها، وبين الالتزامات بالخطة بشكل فعلي ضمن هذه الشراكات الواسعة”.
عن الفترة المنقضية، والتي تقدر بأربعة أعوام على عمل الخطة الوطنية لتنفيذ القرار 1325 تتحدث وميض شاكر، قائلة: “أنا عملت على ورقة سياسات خاصة بالخطة التنفيذية، ولا يوجد شيء تم إنجازه سوى الوثيقة التي عملوا عليها في البداية، وهي بشكل عام غير مرضية، ولا يوجد فيها أي موضوعية، ولا تمت للقواعد، والمعايير، ولا احتياجات الناس بصلة”.
صعوبات الخطة التنفيذية
هناك صعوبات تواجه تنفيذ هذه الخطة، وجعلها واقعية كما تنص أهدافها، وفيما إذا كان عدم تحقيق إنجازات كبيرة فيها حتى اللحظة يعود لتقصير القائمين، أم العوائق على أرض الواقع، تقول وميض شاكر: “الإشكالية تقع على نهج العمل، والقائم على أطر نظرية فقط، ومثل ما هو موجود في القرار نفسه، أي أنهم أخذوا القرار على هدف، هدف، مثل ما هو مكتوب، ووضعوه كخطة، ولا يوجد أي تحرك واقعي، أي أنها وثيقة نظرية فقط، وإذا كان الأمر سيقتصر على هذا، فهذا يعني أن نأخذ بالقرار ذاته، والذي هو مليء بالمعايير، والخلفيات، ولا نحتاج لخطة لتنفيذه إذا كانت هذه الخطة لن تفعل شيئاً واقعياً”.
من الواضح أن الخطة التنفيذية للقرار لم تمضي حتى اللحظة بالشكل المطلوب، عن ذلك الأمر تتحدث مها عوض بأن هناك فجوات في الخطة نفسها، وتحتاج إلى إصلاحات لأجل التعامل مع محاور القرار التي يجب أخذها بعين الاعتبار، وتضيف: “لا يوجد وعي كافي، ولا التزام بمضمون الخطة لدى كافة القطاعات المعنية بهذه الخطة، وهذا يؤثر كثيراً، بالإضافة إلى عدم رفد الخطة بموازنة، وكان يفترض بالحكومة عند الموافقة أن تفعل ذلك، ليتم تحويل الخطة إلى مشاريع، وأنشطة على أرض الواقع، ولكن ذلك لم يحدث”.
توصيات مستقبلية
لأنه، وحتى اللحظة، لا يوجد شيء ملموس لهذه الخطة الوطنية، ما المطلوب إذن لتصبح هذه الخطة مثمرة أكثر، وتحقق الهدف الذي تم تأسيسها لأجله، عن ذلك تقول وميض شاكر: “المسألة مختلفة، وتحقيق نصوص قانونية على أرض الواقع ليس بالأمر السهل، بل يتطلب مجهود، وعمل، بينما الخطة تم العمل عليها، ووضعها في الأدراج، أما التنفيذ يتطلب المسك بالجرح، ومعالجته واقعياً”.
بينما، وبحسب مها عوض، فإن العائق يتمثل بأنه مازال الالتزام ضعيف، سواءً الالتزام الحكومي، أو المنظمات الدولية”، لذا، وضع الخطة موضع الالتزام سيساعد في عكسها واقعياً، وتضيف: “ونحن في السنة الأخيرة لتنفيذ هذه الخطة، يجب أيضاً؛ التفكير في تطوير هذه الخطة، والتفكير أكثر في وضع آليات التنفيذ، وآليات المراقبة والتقييم حتى يكون هناك نوع من المساءلة في تنفيذ هذه الخطة”.