المخدرات التوعية الشباب النساء الأطفال علاج الإدمان سعاد علوي
article comment count is: 0

انتشار المخدرات ودور النساء في مكافحتها.. سعاد علوي أنموذج!

انتشرت المخدرات بكافة أنواعها في أوساط المجتمع اليمني بشكل لافت خلال فترة الحرب المندلعة في البلاد منذ أكثر من عشرة أعوام مضت، وفي وقت مبكر استشعرت سعاد علوي وهي ناشطة من مدينة عدن خطر هذه الآفة المدمرة لصحة وحياة الإنسان، فكانت أولى الخطوات التي عكست رغبتها في مكافحة المخدرات توعية المجتمع بمخاطرها، وكانت قبل اثنى عشر عامًا وماتزال حتى الوقت الراهن تجوب الميادين لتنبيه محيطها المجتمعي بالخطر الذي يداهمهم.

في أبريل/ نيسان الفائت اعترف شخص بأنه كان يستخدم محل إكسسوارات نسائية يعمل فيه بمنطقة كريتر، مدينة عدن، كتمويه من أجل ترويج وبيع المخدرات للنساء بشكل خفي وسري، اعترافات ذلك الشخص كانت للإدارة  العامة لمكافحة المخدرات بعد أن تم إلقاء القبض عليه من ذات الإدارة الأمنية، نفس الشخص اعترف أيضاً أنه كان يقوم بعملية بيع الحشيش للنساء من داخل منزله، وفقاً لتصريح صحفي لمدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، المقدم مياس حيدرة.

لم يكن أحد يصدق أن تجارة وتعاطي المخدرات ستطال النساء في مدينة عدن، أو أن النساء ستشارك في عمليات تهريب المخدرات لليمن بتلك الوسائل، ففي يونيو/ حزيران الماضي تم إلقاء القبض على امرأة صومالية الجنسية كانت في طريقها من صنعاء إلى عدن، وبحوزتها (687) شريطاً من الحبوب المخدرة. تم إحالة المرأة المضبوطة إلى إدارة البحث للتحقيق معها، ولمعرفة مصدر هذه المواد المخدرة، وشبكة التهريب التي تعمل بها. بحسب العقيد نصر جعوال.

البذرة الأولى والنزول للميدان

بدأت سعاد علوي نشاطها في مكافحة المخدرات والتوعية بمخاطرها من مقر سكنها، وفي العام 2011، اتجهت إلى ساحات المظاهرات الشعبية بمنطقة المنصورة مستغلة تجمع الناس بهدف التوعية، ذاع صيت سعاد وتمت دعوتها لإلقاء أول محاضرة لها في كلية المجتمع، وبعد عدة مشاركات لها اقترح عليها بعض رفاقها بأن تنسق جهودها من خلال تأسيس مركز للتوعية وهو الأمر الذي استجابت له وأسست “مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات“، في يناير/كانون الثاني 2013.

على مدى 12 عامًا منذ أن أسست علوي مركزها تم تنظيم عدد من الندوات وورش العمل الخاصة والفعاليات والحملات الشاملة في المدارس والجامعات والأندية الرياضية والساحات العامة والحدائق والمساجد ومقرات بعض الجمعيات ومراكز الدراسات الخاصة، وأماكن تجمعات الشباب بهدف التوعية بمخاطر المخدرات، في مناطق عدن ولحج ويافع وزنجبار وجعار وموديه وشقرة و لودر والضالع وشبوة والمكلا وسيئون، كما تم تنفيذ حملات في كليات جامعة عدن، وبالتوازي أطلقت علوي حملات توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وساهمت في تنظيم أول مؤتمر دولي لمكافحة المخدرات وتداعياتها على الشباب في عدن في نوفمبر 2024، وكانت قبل ذلك قد أسست مع قريناتها من الحقوقيات العرب الهيئة العربية لمكافحة المخدرات في العام 2017 في منطقة طرابلس بلبنان، وعقب هذا النشاط دُعيت علوي لحضور مؤتمر تحديات العلاج من الإدمان العام 2018 في مدينة الخرطوم السودانية.

ضعف المكافحة

بعد أن ذاع صيت سعاد في عدن ومختلف المناطق الجنوبية، كانت تستقبل مدمني المخدرات في مقر مركزها، وتبذل جهداً معهم وتطمئنهم بأنهم سيكونون على ما يرام إذا التزموا بالعلاج، وبذلك استطاعت أن تساهم في علاج مئات الشباب المدمنين عبر نقلهم الى مصحات نفسية وعيادات لأطباء متخصصين بدعم من تجار ورجال أعمال.

في حديثها مع “منصتي 30” تشير سعاد إلى أن انتشار المخدرات توسع كثيرًا في بلادنا وهذا التوسع وصل إلى فئات لم يكن المجتمع يعتقد يومًا أنها ستصل إليها، منها النساء والأطفال، وهذا يعود إلى ضعف مكافحة جريمة الاتجار والترويج للمخدرات، وأيضًا إلى الظروف العامة التي تعصف بالبلاد منها التدهور الاقتصادي والمعيشي للمواطنين والنزوح المتزايد بين المحافظات.

وترى سعاد أنه قبل استهداف النساء كان الشباب هم الفئة الأكثر استهدافًا لتجار المخدرات، لأنها  الفئة الأكثر تواجدًا في الشارع بعيدًا عن رقابة الأهل، لذلك تصبح سهلة الاستقطاب لمثل تلك الممارسات الخاطئة، هذا غير أن الشباب فئة تمتاز بالحماسة التي تجعلها تمارس الأخطاء دون حساب للعواقب التي قد تنتج عن تلك الممارسات.

عملت سعاد على إعداد عشرات الدراسات العلمية حول أضرار المخدرات وطرق مكافحة انتشارها، وفي الوقت الراهن تُـعد سعاد رسالة الماجستير لجامعة عدن حول ظاهرة انتشار المخدرات.

مسؤولية جماعية 

يرى العميد عبد الله لحمدي، مدير عام إدارة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، أن مهمة مكافحة تعاطي وتجارة المخدرات ليست مهمة الأجهزة الأمنية بمفردها، فبجانب ضبط المروجين والمتعاطين هناك مهام من المهم أن تضطلع بها العائلة والشخصيات الاجتماعية المؤثرة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام خاصة المعنية بقضايا المرأة والمراهقين والشباب، ويؤكد لحمدي في حديثه لـ منصتي 30 أن “تحصين المجتمع والتركيز على المرأة في دعم برامج التوعية ضد مخاطر المخدرات تُعد أولوية في الوقت الراهن، خاصة مع نجاح شراكات بين إدارة مكافحة المخدرات ومنظمات مدنية لها باع طويل في محاربة هذه الأفة المدمرة”. ويلفت لحمدي إلى دور مركز عدن للتوعية بمخاطر المخدرات والذي تديره الناشطة سعاد علوي، كنموذج متميز لمنظمات المجتمع المدني الفاعلة في مدينة عدن.

سعادة وهمية 

تشكو سعاد من الإهمال والتهميش لدور مركزها من قبل الجهات الرسمية، إضافة إلى انصراف المنظمات الدولية عن دعم أنشطته، لكن بالمقابل تفخر أن مركزها حقق الانتشار إلى كل المحافظات المستهدفة و لفت انتباه المجتمع إلى خطر المخدرات. تسعى سعاد أن يكون جزء من مركزها مخصصاً لتدريب وتأهيل للشباب.

تختتم علوي في حديثها مع “منصتي 30“، بتوجيه رسالة إلى المجتمع قائلة، يجب على المجتمع أن يعتبر المخدرات سلاح بيد أعداءه يستهدف به عمق المجتمع بقيمه وأخلاقه ومعتقداته من خلال الشباب وصولًا إلى الأطفال والنساء”، وتضيف: “على الجميع  أن يكون له دور في التوعية”، وفي رسالتها للشباب تقول “السعادة التي تمنحها المخدرات وهمية لا تدوم أكثر من ساعة بينما الشقاء الذي تتركه يبقى أثره عمرًا كاملًا، وربما إلى ما بعد العمر، فلا تقربوها”.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً