في ظل استمرار الحرب في اليمن لعامها السادس، اضطر الكثيرون من الأهالي الذين يسكنون في منطقة الحوك ومديريات أخرى بمحافظة الحديدة الواقعة غرب البلاد، إلى النزوح إلى مدينة صنعاء، وذلك لما تعانيه منطقتهم من صراع واشتداد للمعارك وانعدام الأمن والأمان.
توقف دخل مصدر الكثير، وخسروا لقمة عيشهم الوحيدة، فمعظم الأهالي في محافظة الحديدة تقتصر مصادر دخلهم على الأجر اليومي.
التقيت بـ”عبدالله الحديدي” كما يلقبه الجميع كناية لمدينته، إنه من حارة الحوك، وتعرف بأنها من أقدم الحارات الشعبية وليس هذا فقط، فمنطقتهم قريبة من السوق الشعبي القديم “سوق الهنود “، وهذا السوق القديم يقدم إليه معظم أبناء الحديدة لكي يشتروا منه، ويتناولوا فيه المأكولات الشعبية المفضلة من (مخلوطة، كُبان، وكشري، العيش الحامض والحالي، الفتة بالسمن، القطارة، المطبق) وجميع أنواع الأسماك (الطري الني، المقلي، والمُقلى).
قال عبدالله إنه نزح في البداية مع جميع أفراد أسرته إلى صنعاء، وأراد أن ينقل عادة أهله إلى أهالي صنعاء تحديداً “التحرير”، وذلك بعد قيامه بفتح بسطة لبيع المخلوطة في سوق مزدحم مكتظ بالناس، ليكسر حاجز البطالة ويكسب لقمة العيش، فكانت بسطته محل تجربة للعيش، ولكنه اجتاز المرحلة الصعبة تلك وأصبح زوار وساكنو سوق التحرير وشارع جمال يأتون إلى بسطته لشراء المخلوطة، هذا الأمر أتاح لثلاثة آخرين الحصول على عمل يساعدهم في تحمل مشقة النزوح والتأقلم على الحياة المختلفة.
إلى جانب بسطة عبدالله، هناك انتشار واضح لبائعي هذه الوجبة التهامية الأصيلة في نواحي صنعاء، فهناك أكثر من خمس بسطات في التحرير، السنينة و مذبح.
ماهي المخلوطة؟
وجبة المخلوطة عبارة عن: دقيق، كراث، بطاط، وبهارات، يتم خلطها مع بعضها البعض حتى تتماسك، ومن ثم يتم قليها بزيت تحت درجة عالية من الحرارة حتى تنضج ويصبح لونها ذهبي، ويتم بيعها على شكل كرات أو مسطحة كبيرة وبعد ذلك يتم غمسها بالحمر “التمر الهندي” أو السحاوق، وسعرها لا يتجاوز الخمسين والمائة ريال.
أثناء انتظاري لشراء المخلوطة أجد الكثير من الشباب والرجال من محافظات مختلفة والطلاب الخارجين من مدارسهم بعد انتهاء الدوام المدرسي ينتظرون مثلي تماماً، مخلوطتهم التي يتناولونها بتلذذ، حتى قمت بسؤال أحد الشباب ماذا تأكل؟ فأخبرني أنها مخلوطة تناولها مرة فقط فأصبح يأتي لشرائها من الحديدي باستمرار.
رائع جدا
من اروع ماقراءت