أصبح استعراض راقص ومفاجئ قامت به فرقة شعبية في “عدن مول”، وهو أكبر المجمعات التجارية في مدينة عدن- جنوب اليمن، علامة فارقة في قدرة الابتكار على أن يتجاوز مخاوف تحولت بمرور الوقت إلى ما يشبه “التابوهات”.
وتسلسلت فقرات الاستعراض على طريقة “فلاش موب”، وهو عرض خاطف يعتمد على عنصر المفاجأة، ويتم في أماكن عامة، على الأغلب، كالمطارات والمجمعات التجارية. وبدأت اللوحة الراقصة بأغنية أداها شاب بين المتسوقين، تحرك بعدها الراقصون إلى وسط ساحة رئيسية أمام بوابة المجمع ثم تناوب فنانون شبان وممثلون على أداء فقرات مرتبة رافقت الرقصة الشعبية، وشاركت ممثلة في دور حارسة أمن بإحدى الفقرات، وسط دهشة المتسوقين، الذين تحلقوا حول الراقصين وتفاعلوا معهم.
مخاوف
وهذه هي المرة الأولى التي يقام فيها عرض بطريقة “فلاش موب” في اليمن، الذي يشكل سكانه مجتمعاً محافظاً، وتنشط في بعض مناطقه جماعات دينية تقدم تفسيرات متشددة للدين الإسلامي.
وسيطرت مخاوف مختلفة على فريق العمل، ثم على إدارة المجمع التجاري أياماً قبل أن يحسم الأمر بالموافقة. وقال خالد سفيان، وهو صاحب المقترح، وأحد أعضاء فريق “تيدكس” عدن، الذي نظم الاستعراض ضمن أنشطة ترويجية للحدث: “الفكرة راودتني قبل سنوات، عندما رأيت استعراضاً راقصاً في العاصمة الهندية نيودلهي. أحببت الفكرة وتمنيت أن تقام في بلدي، حتى حانت الفرصة”.
وقال عزت وجدي، وهو مخرج فيديو الاستعراض الراقص، الذي أشرف عليه عمرو جمال المخرج المسرحي وقائد فريق تيدكس عدن، إن “الفشل كان هو العنوان العريض الذي يظهر أمامنا قبل التنفيذ، لأن الفكرة جديدة علينا كطاقم تنفيذ، إلى جانب أن العمل لا يحتمل الخطأ، فهو ليس كتصوير كليب أو مشهد يمكنك إعادة لقطاته أو التحكم به”.
شهران من الإعداد
وقال وجدي لـ”منصتي 30″ إن “التحضير الفعلي استمر قرابة شهر من تجهيز للفكرة والأغنية المقترحة وفرقة الرقص وخطة التصوير وغيرها”.
وأغنية “محلى ناقش الحنا” المختارة للفنان محمد صالح عزاني هي من التراث الموسيقي بمدينة عدن، وتم تطعيم مطلعها بموال شعبي يقول: “سمعت أحلى حكاية عن جنة الدنيا عدن، مهما بعدت وسافرت لابد ترجع لها”.
وأضاف وجدي: “أجرينا خمس بروفات، داخل وخارج المجمع التجاري، لستة ممثلين و15 راقصا و10 مصورين، تم توزيعهم في أكثر من مكان، لالتقاط الصور من زوايا مختلفة”.
والفرقة الشعبية التي شاركت في أداء الرقصة، هي فرقة القلعة، العريقة في المدينة، وأجرت تدريبات على الرقص المختار لنحو أسبوعين في أحد الأحياء النائية بضاحية صيرة- شرق عدن.
جدل
وأثار الاستعراض جدلاً وحصد إعجاباً أكبر، وقال منتقدون إن الاستعراض تقليد للغرب ومحاكاة لأساليب حياة غير عربية، وكتب عبدالله بامحسون، وهو مخرج، في صفحته على فيسبوك: “منذ متى تستخدم الأماكن العامة التي بها أسرتي وأسرتك للرقص، بالميوعة والتلاعب الجسدي، هذه ظاهرة غريبة جاءت لنا بشكل مفاجئ”، وعلق عليه المصور والقاص ياسر عبدالباقي: “يا صديقي هذا رقص شعبي، هل نسيت أنني صورت لك أيضاً فيلماً فيه رقص شعبي، أنا عارف إنك زعلان لأنهم لم يقبلوك في تيدكس كمتحدث لأن فيها شروط حازمة، وعليك أن تتقبلها بروح رياضية”.
ونشر موقع إخباري مقرب من جامعة عدن خبراً بعنوان: “عدن تشهد أول فعالية تنظمها منظمات نصرانية ويهودية وماسونية بمسمى «فلاش موب»”، وأشار الخبر المنسوب إلى اسم مستعار على ما يبدو إلى أن أحد الراقصين “جر حارسة الأمن في المجمع إلى وسط الحلبة ليراقصها على مسمع ومرأى المواطنين، الذين استهجنوا هذا التصرف، ووسط صدمة البنت التي ما إن فاقت من الصدمة حتى انسحبت من وسط الحلبة لتعبر عن غضبها الشديد مما حدث”، حسب الخبر المنشور.
وامتلأت مساحة التعليقات أسفل الخبر بتوصيفات ساخرة من الخبر وعنوانه، وقال سفيان، وهو صاحب مقترح الفلا ش موب “: “كانت صدمة قوية للبعض، نحن اليوم تجاوزنا كل هذا، النجاح الذي حققه الفلاش موب كان ساحقاً، كل الأصوات الناقدة اختفت الآن، أو توارت، وشجعنا بعملنا آخرين لبدء أمور مشابهة”. وقالت خديجة باسبيعة التي أظهرت مهارة فائقة في أداء دور حارسة الأمن: “كنت سعيدة بدوري، هذه تجربة فريدة”، ووصفت الانتقادات التي أثيرت بأنها “مضحكة، ومثيرة للشفقة”.
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟
الو
هلبرت
.والله.اعجبني.هاذا.الموضوع