article comment count is: 0

ممثلات يمنيات: التمثيل الدرامي في اليمن طريق شاق تملؤه العراقيل

مع كل رمضان، يعود موضوع الدراما إلى الواجهة من جديد، وفي ظل الحديث الكثير الذي يرافق كل إنتاج، إلا أن هناك جانب بعيد لا يتم التطرق إليه من قبل المجتمع، يخص الوجوه النسائية التي تظهر، وطريقهن الشاق في الوصول. لأنه، ومن المعروف أن وضع البلد يضع العديد من التعقيدات أمام النساء، وتتضاعف تلك الصعوبات في مواضيع معينة كالتمثيل الدرامي، وما يواجهنه كي يستطعن تحقيق أحلامهن في الظهور، والعمل في مجال الدراما.

طريق شاق

هناك نساء وضعن العمل في الدراما هدفاً لهن، واستطعن شق طريقهن إلى هذا المجال غير التقليدي، متجاوزات كل الصعوبات. الممثلة أنسام المقطري، تتحدث عن قصتها قائلة: “الحقيقة أنني لم أصل إلا بعد الكثير من المحاولات، وهناك عراقيل عديدة، كانت التوقف لفترة أكثرها صعوبة. لأنني ابتدأت التمثيل بسن مبكر جداً، أي وانا طفلة، وعندما كبرت أجبرت على الانقطاع وهذا أسوأ ما حدث لي، ولو لا رغبتي الكبيرة في التمثيل لما استطعت العودة، لأن الكثير كان معترض علي. وأعتبر أكبر مشكلة للمضي في مجال التمثيل؛ أنه يجعل الفرد عرضة للانتقاد من قبل الأخرين”.

تحقيق الفرد لأحلامه لا يأتي بتلك السرعة، بل يتطلب أعواماً. عن ذلك، تقول الممثلة مسار محمد: “أنا مازلت في البدايات، لكنني أشعر بشغف كبير وأنا أشارك في عمل درامي تلفزيوني لطالما حلمت فيه، ولم يكن الوصول لأول ظهور سهل، حيث سبقه أربعة أعوام من المشاركات الصغيرة في محتوى رقمي فني، وكذلك أعمال مسرحية، وأفلام قصيرة، ضمن مجموعة من الهواة من الجنسين”.

تختلف الصعوبات من شخص إلى آخر، الممثلة سارة الآغا مضت في طريق مختلف، تقول: “الحقيقة لم أواجه الصعوبات التي لاقتها الكثير من النساء، حيث ابتدأت بالإعلانات لفترة، قبل أن أدخل في مجال الدراما بالصدفة، لكن، فيما بعد، شققت طريقي، واجتهدت كثيراً، كي أستمر في الحصول على فرص للظهور”.

العائق المجتمعي

مازال المجتمع اليمني تقليدي، ومنغلق نوعاً ما، ولا يتقبل الظهور التلفزيوني للمرآة، ذلك يجعل الممثلات عرضة للتنمر، والانتقاد.

الممثلة مسار محمد عن حكايتها في هذه المشاكل، تقول إنها استوعبت هذه المسألة قبل خوضها في المجال، ومشاهدة نماذجها في الواقع، وتضيف: “عرفت لاحقاً أن أبي وأمي واجها من الأقارب وغيرهم عتباً على مشاركاتي في أدوار تمثيلية بالأعمال المسرحية، والدرامية”، وتضيف مسار قائلة: “السبب في استمرار المجتمع هكذا، هو أن المؤسسات التي تقع على عاتقها مسؤوليات التثقيف والتوعية ونشر المعرفة مازالت منغلقة، ولا تتعامل باهتمام مع دور الفنون، ذلك فسح المجال بتنامي النظرة الدونية إلى رواد الفن، لاسيما التمثيلية، بل وساعد في تكريس العنف اللفظي تجاه النساء العاملات في هذه المهن، وبالتالي فهن لا يدفعن الثمن وحدهن، وإنما أسرهن أيضاً”.

عن المشكلة المجتمعية ذاتها، والانتقادات الكثيرة، الممثلة سارة الآغا، تتحدث في رأيها، قائلة: “أعتقد أن ذلك يعود لعدم فهم هؤلاء للدراما، وتقييمها بالنظر للمظهر، والشكليات، بدل من جوهر الدراما، وبما تحمله من رسالة هادفة. والحقيقة أن المجتمع اليمني لم يكن منغلقاً بهذه الصورة من قبل، أي في التسعينات، وقبلها، بل كان منفتحاً، ومن أرقى الشعوب، وكان هناك كلية للفنون في عدن، ولديه سينما، قبل أن يصبح منغلقاً هكذا”.

وبخصوص الصراع بين المجتمع، والممثل، تقول أنسام المقطري عن ذلك: “اليمن مازال بلد منغلق جداً، وهذا يحاصر إبداع الفرد، ويصعب عليه الخوض في بعض المجالات، مثل التمثيل، والذي يجعل كل من يخضن في هذا المجال يتعرضن للاعتراض، ويدعون أن ذلك يعارض أعراف البلد، بينما الحقيقة أن التمثيل لا ينتهك أي تقاليد، وهو عمل موجود في كل مكان”.

الإسناد الأسري

في مواجهة الانتقادات المجتمعية، ولكي يستطعن الاستمرار، تحتاج النساء إلى دعم معنوي، وغالباً ما تكون الأسرة مصدر هذا الدعم. الممثلة سارة الآغا تؤكد ذلك، قائلة: “بالطبع، دور الأسرة حاسم في هذا الأمر، شخصياً، لأجل أصل تلقيت الكثير من الدعم الأسري، بمقدمتهم أمي وخواتي، وكذلك بعض الأصدقاء الذين شجعوني. وتكمن أهمية ذلك الدعم، في قدرته على تعزيز الشيء الذي أنت مقتنع فيه، وتوصل فيه رسالتك. وبالأخير: مادام هذا الشيء ليس عيب، ولا حرام، فلا يجب التوقف عنه”.

ولأجل أن يستطيع الفرد إقناع المجتمع بما يقدم، تقول مسار محمد: “يحتاج إلى الوعي بأهمية الرسالة التي تقدمها الفنون، والمجتمع سيتعاطى إيجابياً مع أي عمل يلامس مشاعره. ويعتبر الإصرار الواعي والملتزم هو كلمة السر في تدريب المجتمع على القبول، والإصغاء، والتفاعل بإيجابية. وأنا محظوظ بأب وأم يقدمان لي دعم، وتشجيع غير محدود”.

عن قصتها في هذا الجانب، تقول أنسام المقطري: “في البداية لم تكن حتى العائلة موافقة على التمثيل، لكن، استطعت إقناعهم، وتحويلهم إلى داعمين لي، ولطموحي، وتغيير رأيهم بالأخص أبي، وكان هذا أكبر انتصار بالنسبة لي في هذا الجانب”.

الدراما دون غيرها

أن تخوض النساء في الجانب الدرامي، يعتبر شجاعة منهن، وذلك لأن المستقبل العملي فيه غير مضمون، لقلة الإنتاج السنوي. عن اختيارها لهذا المجال، تقول أنسام المقطري: “لأنها هوايتي، وشيء تربيت عليه من طفولتي، وأحببته كثيراً، وكذلك لأن فيه وعي ورسالة، كما أن الأجواء التي أعيشها بالتمثيل تمثل لي متعة كبيرة”.

وعن عملها في الدراما، تتحدث مسار محمد، قائلة: “لأنني شغوفة فيه، والحقيقة أنني لا أريد حصر نفسي، وقد أقرر أن أصبح مهندسة، أو طبيبة، أو محامية، وأستمر في الدراما، فهناك نماذج عربية وعالمية استطاعوا فعل هذا الشيء”.

سارة الآغا، أيضاً، تحدثت عن وجود نفسها في الدراما، قائلة: “الحقيقة لم أختر هذا المجال، أنا كنت موديل، وأتطلع للعمل في مجال الإعلام، لكنني دخلت الدراما دون تخطيط، وأنا سعيدة لنجاحي فيه، وأتطلع للمزيد من النجاح”.

مشاكل أكاديمية

غير الانتقادات التي تلقي بظلالها على النساء، والتي تدل على بيئة غير داعمة، هناك صعوبات تعكس دور الدولة القاصر في دعم هذا المجال، وذلك بعدم وجود صرح أكاديمي يدرس التمثيل.

تقول مسار محمد عن ذلك: “في ظل غياب المؤسسات الأكاديمية ذات العناية بتدريس السينما والدراما، نحن الهواة نجد صعوبة كبيرة في العمل الدرامي، ولذلك ما نراهن عليه، هو المثابرة في الميدان لكسب الخبرة والتطور”.

بينما أنسام المقطري تتحدث عن هذه الصعوبة الكبيرة، والتي تعترضهن بسبب عدم التأهيل، قائلة: “هناك صعوبة كبيرة للمبتدئين في هذا المجال، لانعدام الكليات، والمسارح، وحتى التدريبات. لذلك، يعتمد على قدرتك الفطرية في التقمص، بالإضافة إلى مشاهدتك للكثير من المسلسلات، والممثلين، ومحاولة التعلم منهم”.

وعن تجاوز تلك المشكلة، تقول سارة الآغا: “في البداية التمثيل يتطلب موهبة. وهناك الكثير من الممثلين عبر التاريخ، لم يدرسوا، ورغم ما تضيف لك الدراسة من مسارات، إلا أنه، لو انعدمت الموهبة، لن تضيف لك شيئاً، لكن، قد تكون المشكلة في اختيار شخصية لا تناسبك من قبل المخرج، وليس الدراسة”.

نصائح

في تحقيق الظهور الدرامي، تعتبر هؤلاء الممثلات أنهن استطعن النجاح، وفي نصائحهن لمن تريد الخوض في مجال التمثيل، أنسام المقطري تنصح قائلة: “أن تؤمن بذاتها، ويكون لديها شخصية قوية، وتعتبر ما ستقدمه بمثابة الاعتقاد بأنه الشيء الصحيح في الحياة، كي لا تتذمر مع أول اعتراض تلاقيه”. وتختتم المقطري حديثها أنه “في الأخير المرأة جزء من الدراما، فلا يمكن أن يقام مسلسل بدونها”.

مسار محمد، هي الأخرى، تنصح زميلاتها اللاتي يرغبن الخوض في هذا المجال، قائلة: “يجب أن يملكن الشغف، والإصرار. وعدم التذمر من ردود فعل المجتمع، وأن نكون أكثر تفهماً لحاجة مجتمعاتنا إلى فنون قادرة على تغير المفاهيم، وتثوير الوعي”.

عن نصيحتها للمبتدئات في هذا المجال، سارة الآغا، تقول: “الفن رسالة، وعلى كل من يخوض في هذا المجال، أن يكون لديه يقين بالرسالة التي يقدمها للناس، وان يتجنبوا الانتماءات الضيقة، والحزبية، بل ينتموا للشعوب. فالفن مرآة الشعوب”.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً