بكل تأكيد، يوجد الكثير من المبدعين والأبطال في المجتمع اليمني، سواءً من الرجال أو النساء، كما أن المرأة اليمنية تحديداً تحقق الكثير من الإنجازات على المستوى المحلي، وكذلك الدولي، لكن، أن توجد نساء تحقق نجاحات على الصعيد الرياضي، فذلك مجد مضاعف لها، لأن هذا المجال بالتحديد، يتم ترسيخ فكرة عنه بأنه خاص بالرجال، ولا يصح للنساء، ضمن سلوك يتسم بالتمييز المجتمعي، ذكرى شوكرة، لاعبة الجودو اليمنية، والتي حققت العديد من البطولات المحلية، والدولية، وفي سياق هذه المادة الخاصة بمنصتي 30، تسرد إنجازاتها، وكيف كانت بداياتها، بالإضافة للدعم الذي حصلت عليه لكي تستطيع الوصول إلى منصات التتويج، وكذلك طموحها، ورسالتها.
بدايات وإنجازات
رغم أن الرياضة بشكل عام غير منتشرة كثيراً بين أوساط النساء اليمنيات، إلا أن ذكرى شوكرة استطاعت التفرد، من خلال الحصول على عدة ألقاب، محلية، ودولية، وتتحدث محترفة الجودو لمنصتي 30، قائلة: “في بداية مسيرتي لم ألعب الجودو، بل ابتدأت كرة سلة وشاركت ببطولات فيها، ورجعت للكاراتيه، وشاركت بأربع بطولات حصلت في جميعها على المركز الأول، قبل أن أختار الجودو، وأحترفه بشكل رسمي، وفيه حصلت على الكثير من البطولات، والميداليات، المحلية، وكذلك الخارجية، وتنوعت إنجازاتي، وبالإضافة إلى الانجازات المحلية، أيضاً خارجية، من خلال مشاركتي في البطولات العربية، وكذلك الآسيوية، وحققت العديد من الميداليات الدولية؛ الذهبية، والفضية، والبرونزية”.
لكل شخص بدايته المختلفة في اكتشاف شغفه، والخوض فيه، والتي غالباً ما تحصل بالصدفة، ذكرى شوكرة، تتحدث عن خوضها في المجال الرياضي، والفنون القتالية، قائلة: “دخلت اللعبة لأنني كنت أشعر بالشغف اتجاه الألعاب القتالية، وعندما أفسر الآن السبب، أشعر أنه كان لدي طاقة كبيرة في طفولتي، وكنت أفرغها بالرياضة، كما أنني لم أخض بالمجال للدفاع عن النفس كما يفعل الكثير، بل كنت أطمح للذهاب بعيداً في المجال هذا، والحمدلله استطعت تحقيق أكثر مما كنت أحلم به”.
تجاوز التمييز المجتمعي
في المجتمع اليمني، وتحديداً في المجالات الرياضية، يلاحظ انتشار التمييز المجتمعي بشكل كبير، حيث المساحة المتاحة للرجال، ليست نفسها لدى النساء، من خلال تجربتها، وكيف تعاملت مع ذلك، تقول بطلة الجودو ذكرى شوكرة: “أولاً؛ التمييز موجود بكل تأكيد، حيث يعتبر الكثير من المجالات الرياضية محصورة على الرجال فقط، ومن نتائج ذلك؛ أن النساء التي تخوض في هذا المجال قليلات للغاية، بل أن الكثير من الناس يستغربون عندما يعرفوا أن هناك بنت تلعب جودو، وتنافس، وتحصل على بطولات، كما أن هذا التمييز يحرم الكثير من البنات التي تريد الخوض في هذا المجال، لكنها لا تستطيع بسبب الخوف من المجتمع، لكن؛ أيضاً هناك من يشجع، ويدعم دخولك في هذا الشيء، بل ويتفاخر فيك، وبين هذا، وذاك، على الشخص نفسه أن يؤمن بما يقوم به، لكي لا تدمره الانتقادات، ويستفيد من الدعم”.
للصعوبة المذكورة سابقاً، يتطلب الأمر الكثير من الإسناد للنساء، وكذلك دعمهن، ليستطعن الخوض في المجال الرياضي، عن ذلك تقول ذكرى شوكرة: “شخصياً؛ أكثر أشخاص دعموني هم أسرتي ممثلة بوالدي، ووالدتي، فكما يعرف الجميع لا يوجد بنت تستطيع النجاح دون وجود أسرة داعمة ومشجعة لها، أيضاً؛ ما جعل الأمر سهل بالنسبة لي، أن والدي كان رياضي، ويلعب الملاكمة، ودفعني للرياضة، والذهاب للنادي، وجربت عدة رياضات في البداية، قبل أن أقتنع بشكل نهائي في الجودو”.
انعدام الدعم الحكومي
في اليمن لم تكن الدولة تدعم المبدعين والأبطال كثيراً، لكن، ومع الحرب، الأمر زاد سوءاً، وتفاقم الوضع، عن رعاية الدولة لهم، تقول ذكرى: “في بلدنا، لا يتلقى الشعب أي دعم حكومي في أي مجال كان، لكن وضع الرياضيات أسوأ بكثير، لأنه يتطلب الدعم أكثر من غيره، كما أن الجو العام يدفعك للإحباط بالأخص لو كنت تشعر بأن مستواك عالي، وتطمح لحصد بطولات عالمية، وما إلى ذلك، وأكثر صورة معبرة عن افتقار المحترف الرياضي لأي دعم، هو أن أكبر راتب للاعب محترف، ويمثل بلاده في بطولات كبرى، يصل إلى عشرين ألف ريال”.
عن تأثير وجود الدعم، وانعدامه، تتحدث ذكرى شوكرة، قائلة: “باعتقادي لو حصل الشباب اليمني على الدعم سيساعدهم كثير في رفع اسم اليمن عالياً، لأن لدينا الإمكانية، والقدرة، واستطعنا تحقيق العديد من الإنجازات في جميع الرياضات دون رعاية، فما الحال لو تلقينا الدعم، أتوقع بأن ننافس بشكل قوي على كل المستويات الرياضية”.
طموحها، ورسالتها
ابتدأت مسيرة ذكرى شوكرة في المجال الرياضي قبل خمسة عشرة عام، عندما كانت في الثانية عشر من عمرها، وحققت الكثير من الانجازات حتى اللحظة، ولازالت تحلم للمزيد، عن طموحها المستقبلي، تقول: “لازلت أريد المزيد من البطولات، والمشاركات الدولية، وقبل ذلك، أتمنى أن تتوقف الحرب في البلد، لكي نستطيع تحقيق ما نطمح إليه، لأن الوضع أثر علينا كثيراً، حتى الصالات الرياضية لم تعد موجودة، فقط إذا وجدت بطولة خارجية، يجعلونا نتمرن أسبوع، أسبوعين، ونسافر، لذا؛ أتمنى أن يوجد واقع أفضل، لنحقق أحلامنا أكثر”.
لأن ذكرى شوكرة عاشت تجربة رياضية ممتازة، وحققت الكثير من الإنجازات في مجال مختلف، ونادر، توجه رسالتها لمن تريد الخوض في هذا المجال، قائلة: “كل من لديها هواية، وتريد الخوض في مجال الرياضة عليها أن تمضي مهما كان الجو العام غير داعم، كما أن الكثير من النساء، لا تعرف بأن لعبة الجودو قوية، وممتعة، وتعطيك قوة، وإصرار، وعزيمة، وأنصح الخوض فيها، أو في أي رياضة أخرى”.
ماشاء الله تبارك الله عليك. الله يوفقك ويعينك ويسهل طريقك ومورك. وإن شاء الله بالتوفيق والتقدم ياغاااالي.