article comment count is: 14

صرخة صامتة لمصابة الناسور الولادي

تترقب مصابة الناسور الولادي س.ي (28 سنة وأم لطفلين) دورها، وهي من بين 25 حالة إصابة مسجلة لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان في قائمة الانتظار للخلاص من كابوس الوباء الصامت (الناسور الولادي)، وتنتظر بعجل انتهاء جائحة كورونا حتى يتسنى لها السفر من تعز إلى صنعاء للخلاص من معاناتها وعلاجها من الناسور الولادي؛ الذي تسبب لها بمعاناة صحية ونفسية وأخذ منها سعادتها حسب قولها، وتحلم بأن تنتهي جائحة كورونا بأقرب وقت حتى تعود لحياتها الطبيعية ووضعها السابق، وتستطيع ممارسة حياتها بشكل طبيعي مع زوجها وأولادها وكل من حولها. وذكرت المصابة أنها كانت من المفترض أنها على موعد بعد عيد الفطر لإجراء العملية الجراحية في صنعاء، لكن جائحة كورونا وقفت عائقاً أمام علاجها وعودتها لحياتها الطبيعية حالها حال من سبقها من المصابات اللائي استعدن حياتهن بعد دعم صندوق الأمم المتحده للسكان لعلاجهن ومساعدتهن في التخلص من المرض الصامت.

أسباب التأجيل

صرحت الدكتورة أفراح ثابت مسؤولة الصحة الإنجابية لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن لمنصتي 30 أن “جائحة كوفيد-19 تسببت في تأخير وتأجيل علاج مصابات الناسور الولادي؛ وذلك خوفاً من انتقال العدوى من مرض كوفيد 19 الذي يتسبب به فيروس كورونا، وحتى لا تتعرض المصابة لمضاعفات العدوى أثناء السفر أو الإقامة في الفنادق، بالإضافة إلى العائق الآخر وهو توقف دعم المانحين لعلاج مرض الناسور الولادي”.

عواقب وخيمة للتأجيل

تواصل ثابت حديثها بأن الخطورة لا تكمن فقط في تأخر علاج مصابة الناسور الولادي، بل إلى التأثير النفسي على المريضة، وإمكانية حدوث التهابات مزمنة في المجاري البولية، وفي النهاية يحدث الفشل كلوي.

مفهوم الناسور الولادي – أسبابه

تتابع الدكتورة  ثابت الحديث وتعرف الناسور الولادي بأنه عبارة عن فتحة بين جدار المهبل والمثانة وبين جدار المهبل أو فتحة المستقيم؛ مما يؤدي إلى خروج البول أو الغائط أو كليهما، عبر المهبل لا إرادياً ليلاً ونهاراً وعدم قدرة المرأة على التحكم بسبب تعسر الولادة.

ويحدث الناسور الولادي بسبب غياب الرعاية الطبية في الوقت المناسب أثناء الولادة نتيجة لفترات المخاض المطولة والمتعسرة. وتعد النساء صغيرات السن المتزوجات في عمر أقل من سبعة عشر عاماً، هي الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالناسور الولادي.

عجز خدمات الرعاية للأمومة والطفولة

وفقاً للبيان الصحفي الصادر من صندوق الأمم المتحدة، فإن ما يقارب نصف جميع المرافق الصحية في اليمن لا تعمل أو تعمل بشكل جزئي بنسبة 20% فقط؛ وذلك بسبب نقص التمويل ونقص الإمدادات وعدم القدرة  على تغطية تكاليف التشغيل، أو الأضرار الناجمة عن الصراع. بالإضافة إلى أن المعدات والأجهزة والمستلزمات الطبية غير كافية أو عفا عليها الزمن، والعاملون الصحيون لم يتلقوا أجورهم، أو أنهم يتلقون أجورهم بشكل غير منتظم أكثر من عامين.

وفي وقت سابق من هذا العام نشر صندوق الأمم المتحدة للسكان بياناً يقول فيه إنه “إذا استمر وباء كوفيد-19 المستجد لفترة طويلة؛ فإن عدد النساء غير القادرات على الوصول إلى تنظيم الأسرة، واللاتي يواجهن حالات الحمل غير المقصود، ويتعرضن للعنف القائم على النوع اإلجتماعي، والممارسات الضارة الأخرى يمكن أن يرتفع بشكل كبير بملايين الحالات في الأشهر المقبلة وهذا من شأنه أن يحمل آثار مدمرةِ لليمن”.

إحصائيات

تشير الإحصائيات العالمية إلى أن أكثر من مليوني امرأة حول العالم مصابة الناسور الولادي.

وفي ذات السياق أشارت الدكتورة ثابت أنه لا توجد حتى الآن إحصائيات بعدد الحالات المصابة في اليمن لكونه مرض صامت، لكن من المتوقع أن تتزايد عدد الحالات في ظروف الحرب؛ وذلك بسبب خوف النساء من الولادة في المرافق الصحية وتتم الولادة في المنزل.

ولفتت ثابت وفقاً للبيانات فقد تم علاج أكثر من 250 حالة تكللت بالنجاح وإعادة المصابات إلى المجتمع، موضحة أن علاج الناسور الولادي يتم مجاناً بدعم من صندوق الأمم المتحده للسكان؛ ويتم ذلك بدعم بدل السفر والإقامة للمصابة ومرافقتها في صنعاء للقادمة من القرى أو أي مكان تم تشخيصها بالناسور في مراكز الناسور التي تم تأسيسها في صنعاء، بمستشفى الثورة والسبعين، وذلك للمحافظات الشمالية. وفي مستشفى الصداقة في عدن الذي تم تأسيسه للمحافظات الجنوبية، بحيث يتم عمل الفحوصات والعلاج للمصابة جراحياً ومجاناً، والعودة إلى بيوتهن ومتابعتهن عبر الاتصال من قبل الجراحين.

الآثار النفسية والصحية للمصابات

وفي تصريح لمنصتي 30 أكدت الدكتورة خولة اللوزي اختصاصية أمراض نساء ومسؤولة الدعم النفسي والاجتماعي لمصابات الناسور الولادي، أن الآثار الصحية للمصابة الناسور تكمن في حدوث الالتهابات المزمنة في الجهاز التناسلي وقد يصل إلى العقم أو عدم الولادة بشكل طبيعي مستقبلاً.

ونظراً  لما يصاحب مصابة الناسور من رائحة كريهة بسبب الرطوبة، فإنها تلجأ إلى العزلة والخجل وعدم الاختلاط بالناس، وأيضاً من الآثار الاجتماعية النفسية المدمرة التي يسببها الناسور، الطلاق والتفكك الأسري وحرمانها من أبنائها، وقد تترسخ في ذهن المصابة فكرة الانتحار بسبب نبذِها من الأسرة، حتى أنه يحدث أحياناً أن يتم تركها تعيش خارج المنزل مع المواشي.

التوعية المجتمعية 

تؤكد فهيمة الفتيح مسؤولة الإعلام والاتصال لدى صندوق الأمم المتحده للسكان، أن  قضايا المرأة للأسف  مغيبة بشكل عام في الإعلام في بلادنا، ناهيك عن قضية الناسور الولادي كون هذا المرض من القضايا الحساسة جداً والتي يغلفها الصمت من قبل المرأة المريضة نفسها؛ وذلك للوصمة التي يضعها المجتمع على المريضة و عدم تقبله لها. كما أن تناول بعض الوسائل الإعلامية لقضايا المرأة يكون عادة بشكل سطحي أو إسقاط واجب لا أكثر، لذلك نفتقد ذلك التناول الإعلامي الجاد والمهني الذي يفضي إلى رفع الوعي والتغيير والنظرة الإيجابية للمرأة ومناصرة قضاياها.

هذا الأمر دفع صندوق الأمم المتحدة إلى تدريب إعلاميين في صنعاء وعدن للتعريف بمرض الناسور الولادي للمساهمة برفع الوعي والتوعية به في أوساط المجتمع اليمني.

نوهت الفتيح بضرورة الولادة في المرافق الصحية؛ وذلك للوقاية من الإصابة بالناسور الولادي، ودعت إلى ضرورة تكاتف الجهود من المنظمات والجهات الأخرى ودعم النساء للحصول على العلاج وتوعية المجتمع بأهمية الولادة في المرافق الصحية، بدلاً عن الولادة في المنازل.

 

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (14)

    1. صحيح الناسور الولادي يسبب العديد من المشاكل الصحيه والنفسيه على المرأه،ولهذا سمي بالمرض الصامت والتوعيه به ومحاولة تجنبه امر لابد منه..

  1. يعني المنظمات اللي جالسة تاكل فلوس من العالم ولا واحدة دشنت حملة توعية مكثفة بخصوص هذا المرض .. حتى بفلاشات مرئية او مسموعة .. حتى رسائل واتس .. الله والفعلة

  2. تقرير رائع جداً.
    مأساه حقيقيه ويجب على الجميع التكاتف من اجل توفير الرعاية الصحيه في كل المناطق.

  3. أعداد هائلة من الناس في اليمن يمرون بمعاناة ولا يعرف الناس عنهم شيئا .. ومثل هذه التقارير خدمة عظيمة للجانب الإنساني

    1. نشكر تعليقك, هذا ما تهدف له المنصة وهو التوعية وتثقيف المجتمع للكثير من القضايا التي قد تهم الشباب والمرأة والمجتمع..