عادةً ما يكون الوقوع في الحب محض صدفة عفوية، فنحن لا نعرف متى نقع فيه، فقط نجد أنفسنا متورطين حد الثمالة وبأن القلب انتقى من يحب.
افتراضياً
همس لها في الفيسبوك عبر أعجبني “LIKE” مقصودة وفاجأها في الإنستغرام بباقة ورد فوضوي اللون أثارت فضولها للعبث بصفحته ومعرفة حالته الاجتماعية لتقبل صداقته في جميع مواقع تواصلها الاجتماعي.
تمت الخطوبة في الواتساب واحتضن الزفاف سكايب.
ويكفيك في حالة عدم الاستقرار والخلاف بأن تدون عبارة الأمر معقد وتغيير الحالة الاجتماعية، كل هذا ما يسمي بالحب الافتراضي.
ويعرف الحب الافتراضي على أنه الظاهرة التي تبدأ بها مشاعر الحب قبل رؤية الحبيبين لبعضهما البعض وجهاً لوجه وتعتبر ظاهرة شائعة على شبكة الإنترنت.
فعبر تطبيقات المواعدة فإن نسبة 70% من المقابلات باختلاف الجنس تحدث في الإنترنت للجيل الحالي.
وحوالي 50 مليون شخص يتعارفون حالياً عبر الشبكة العنكبوتية، بمعنى أن طرق التعارف التقليدية تفقد أهميتها مع مرور الوقت، و أصبحت الطرق المثلى للتعارف هي عبر الإنترنت، حيث أصبح بالإمكان ولأول مرة بالتاريخ أن يتعارف ويحب أشخاص بعضهم البعض دون أن تجمع بينهم معرفة أو علاقة سابقة.
الطلاق و الانفصال
أظهرت دراسة حديثة بجامعة فيننا النمساوية الرابط بأن التعارف عبر الانترنت يغير بنية المجتمع ويؤثر في تكويناته الاجتماعية، كما أكدت على أن الشركاء الذين يلتقون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت يتزوجون بشكل أسرع ويتميز هذا الزواج بالاستمرارية لفترة طويلة ويٌتوج بالنجاح.
إضافة إلى أن فرص الطلاق والانفصال تكون أقل بكثير من تلك التقليدية، وأن واحدة من بين ست زيجات تتم عبر الإنترنت، يكون الحب الافتراضي هو العتبة الأولى لهذا الارتباط .
فالحب الافتراضي قد يصبح لوحة فنية خالدة وتذكار أبدي، وبوصف الروائية غادة السمان في روايتها (الحبيب الافتراضي) بقولها “مع حبي الافتراضي ارحل على أجنحة الويب في كوكب بلا أشجار ولا عصافير”.
هي مدركة لذلك الحب الافتراضي وتعلم من يكون كما نحن، فلكل منا قصة افتراضية يخفيها سواء كانت عنا أو عن صديق أو شخص نعرفه أحب افتراضياً متسلسلاً بعد ذلك إلى مرحلة الزواج والارتباط .
لكن تبقى هذه القصة مخفية وسط ذاكرة انتقائية تحجبها وقت الحديث وننظر إليها بقصور وعيب اجتماعي لا يصح الحديث عنه.
وبرغم كل هذه السلبية إلا أن طرق التعارف التقليدية بدأت بالتلاشي وفقدان الهوية لأهميتها مع مرور الوقت على خلاف التعارف الافتراضي فإنه الأنجح.
فرص تغذية الحب
وما أن تبدأ التعارف الافتراضي سرعان ما يتحول إلى حب أسرع بثلاث مرات من ذلك الذي يكون حقيقياً فحوالي 17%من الزيجات تبدأ في الإنترنت تحديداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأن هذه الزيجات من المرجح أن تنتهي بالطلاق خلال السنة الأولى بل يمتد عمرها أكثر من ذلك.
وهذا ما يثبت القول بأن الحب عبر الإنترنت حقيقي وأكثر مما نعتقد وبات بالإمكان الوقوع في الحب عبر تطبيقاته المتعارف عليها اجتماعياً، بل وأن كمية المشاعر تكون أكثر.
فما عاد غياب الجسد ولغته تعني للآخر فبدلاً عنها هناك الإيموجيات والثيمات التي تفي بالغرض وتعبر عن التغيرات الكيميائية التي تحصل لنا أثناء الحدث.
يشير العالم جوزيف والتر متخصص العلاقات عبر الإنترنت إلى أن فضاء الإنترنت بيئة مناسبة لبذور الحب المثالي لأننا نحصل على معلومات محددة عن شركائنا فيه، وهذا ما يدفع الشخص إلى ملء ثغرات المعلومات الناقصة عن الشخص الذي يحادثه بافتراضيات سلبية أو إيجابية تؤجج مشاعر وحالة الحب.
ففرص تغذية بذور الحب الرومانسي يوفره فضاء الإنترنت ويحوله إلى شعور قوي تجاه الآخر، وذلك بالتجاوب المباشر (أونلاين) الذي يشابه ما يحدث بالحياة الحقيقية .
عبر دراسات ورؤية علمية فان نسبة 80% سيتزوجون في الألفية الجديدة من أعراق مختلفة بسبب الفضاء الواسع الذي يفتحه الإنترنت للمستخدمين.
وكما أن هناك خوارزميات ترصد كل تفاعلات وبياناتك الديموغرافية والافتراضية وتحدد هويتك فإن خوارزميات الحب مازالت تفاعلاته مجهولة الهوية في الوقوع بحالة حب لا افتراضية.
رائع