العلاقة الزوجية والبيت الأسري في أساسه يقوم على المودة والرحمة، وعندما ذكرت العلاقة في القرآن سمّيت (سكن)، لذا يجب أن تسكن فيها الروح وتشعرك بالأمان، لكن الخيانة الزوجية عندما تحدث فإنها تضرب هذا الأمان وتفتح باباً للشك، ومتى ما دخل الشك تبدأ أساسات سكن الأسرة بالاختلال.
خيانات تكنولوجية!
عند الحديث عن الخيانة الزوجية سيقتصر تفكير غالبية الناس على الخيانة الجسدية، فقد ارتبط مصطلح الخيانة الزوجية منذ الأزل بها، ويعود سبب هذا الارتباط -لربما أو على الأرجح- لعدم وجود السوشل ميديا في العصور القديمة، والتي فتحت أبواب أخرى للخيانة.
في السياق، تؤكد ابتهال الأغبري وهيَ مرشدة أسرية لـ”منصتي 30″ أنه مع موجة الانفتاح التكنولوجي وزيادة مواقع التواصل الاجتماعي وتنوعها كان لذلك الأثر الأكبر في ظهور مثل هذه المشكلة على بيئتنا اليمنية.
وتوضّح أن للخيانة الزوجية أنواع عدة تختلف باختلاف العوامل المصاحبة لها، أولها الخيانة العاطفية حيث تقوم العلاقة بين الزوجين على عهد غليظ من الاحترام والمشاعر الفياضة بينهما وتبادل الحب والارتباط الوثيق فإذا خالف أحد الطرفين هذا العهد وهذه العلاقة المتينة من خلال تسليم مشاعره وعواطفه لشخص آخر والدفع بكل هذه المشاعر في علاقة خارج الزواج يؤدي ذلك إلى استنزاف المشاعر الإيجابية من العلاقة، وهناك الخيانة الذهنية أو التخيلية ويقصد بهذا النوع من الخيانة أن يتمنى الزوج إقامة علاقة مع امرأة أخرى أو عندما يفكّر بامرأة أخرى غير زوجته ويتخيلها بشكل دائم ومستمر.
وتضيف ابتهال أن “هناك ما يسمى أيضاً بالخيانة السمعية ويعني أن يفتح الزوج المجال لبعض النساء ان يتحدثن معه عبر الاتصال الهاتفي فيعجب بطريقة كلامهن والدخول معهن في أمور لا يجوز الحديث عنها، كما أن هذا النوع هو أكثر الأنواع انتشاراً على حد سواء بين الأزواج و الزوجات، وإلى جانب ذلك هناك الخيانة الكتابية وهي نوع من أنواع الخيانة الذي قد تستخدمه بعض النساء أو الرجال كنوع من الفضفضة عن مشاعرهم بإرسال رسائل مختلفة المحتوى وقد تخرج في كثير من الأحيان عن الطور الأخلاقي السليم والكلام الذي لا يمت لهم ولاحترامهم لذاتهم بصلة”.
وتنهي ابتهال حديثها عن أنواع الخيانات، بالخيانة من خلال العلاقة واللقاء اليومي، والتي تعد أكبر أنواع الخيانات حيث تسلم فيها الزوجة نفسها لرجل غريب وتفقد السيطرة على ذاتها وعواطفها ويحدث مالا يحمد عقباه فتخسر نفسها وسمعتها ومكانتها الأسرية والمجتمعية وتتعرض للإهانة والنبذ”.
تكنولوجيا في وجه العادات
تعتبر العادات والتقاليد الإيجابية جزء من ثقافة المجتمع فهي حصن يساعد على الأمان النفسي والمجتمعي، ولكن يمكن لهذه العادات أن تتهتك وتتقادم وتعتبر مجرد موروث لا يستفيد منه المجتمع نتيجة للتسارع التكنولوجي.
تفيد ابتهال أن كلاً من الرجل والمرأه أصبح يشعر بالإبهار ونوع من التجديد يخالف ما تربوا عليه من دين وقيم وأخلاق ومعتقدات، خاصة مع تضييع كثير من أوقاتهم أمام المواقع عبر الإنترنت التي كرست كل جهودها لنشر كل أنواع الخيانة الزوجية.
وأضافت ابتهال أن “ما يحدث بشكل يومي من عرض ثقافة هابطة نوع من البرمجة اليومية لتغيير قناعات الزوج والزوجة، ومع الكثافة والتوسع الشديد لهذه المواقع التي ساعدت في خروج الزوج والزوجة من طور الإيمان بهذه العادات والتقاليد أصبحوا يرونها عائقاً أمام حريتهم التي يتغذوا عليها من خلال هذه المواقع ويؤمنوا أن لهم الحق في أن يمارسوا ما يريدون”.
وقد أظهرت دراسة حديثة لمؤسسة مؤشر الإنترنت العالمي في لندن أن الخيانة هي العنوان الصارخ للعلاقات التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة على الإنترنت.
أرقام مجهولة
قالت ريم العبسي وهي اختصاصية تعمل في مركز التأهيل والحماية للنساء والفتيات في تصريح لـ”منصتي 30″: “من خلال عملي لمدة 6 أشهر في مركز الحماية والتأهيل للنساء والفتيات بمدينة تعز قدمت استشارات لعدد 40 إلى 60 حالة من النساء اللاتي يتعرضن للعنف اللفظي أو الجسدي، 50% من هذه الحالات فقط صرحن بخيانة أزواجهن لهن بالرغم من أن أغلب المشاكل التي تواجه جميع الحالات التي قدمت إلي كانت تدور حول موضوع الخيانة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة والتي تعد نوع من أنواع العنف ضد المرأة، وكان هناك أيضاً 3 حالات صرحت بأنها هي من قامت بخيانة زوجها وتشعر بالذنب وكان قدومها إلى المركز للتخفيف من الشعور بالذنب والتوقف عما تقوم به”.
أما عن التساؤل الذي يشغل بال الجميع لماذا الإحصائيات في موضوع الخيانة الزوجية قليلة وغير موثقة؟! فتجيب العبسي بأن السبب الأساسي هو أن المجتمع ينظر لهذه المشكلة نظره يملؤها الشرف والعار، وأنه لا يجب أن نتحدث عن المشاكل التي من مثل هذا النوع.
وتشير العبسي إلى أن “تحفظ المؤسسات ونمطية العمل في المجال النفسي له دور أيضاً في عدم وجود إحصائيات رسمية، فمن سيتعرض للخيانة سيلجأ للمختص النفسي، ومن جانب مهني فإن المختص النفسي لا يحق له إفشاء أسرار الحالات والحديث عنها بالمطلق لسرية العميل، وباعتبار أن المؤسسات هي ملاذ آمن بالنسبة لهم”.
الوعي الكافي
وعن أهمية وعي المرأة بكيفية التعامل مع الخيانة الزوجية تؤكد غدير البحيري وهي مختصة نفسية في مركز الإرشاد والبحوث النفسية لـ”منصتي 30″ أن الخيانة من أبشع الجرائم التي تؤثر على العلاقة الزوجية، لذا نجد أن الكثير من النساء تتأثر نفسياً بهذه الخيانة وتشعر بمشاعر غضب وحزن وحقد وكراهية ومن الممكن أن تتطور لتدخل إما في حالة اكتئاب، فتنطوي على نفسها وتهمل بيتها وتؤثر على أبنائها أو تتطور لحالة من “الهوس” فتظهر العصبية الدائمة والعنف تجاه الزوج وجميع من حولها، وفي الحالتين قد تدخل بمرحلة الخطر فتتوجب عليها زيارة مختص نفسي ليقدم لها الدعم والاستشارة لمساعدتها للتخلص من الأعراض النفسية التي تعاني منها، لأنها إن لم تعالج ستظل في اللا شعور وتؤثر على نفسيتها مدى الحياة”.
وتضيف البحيري: “إن علمتِ بالخيانة فالأفضل ألا تصارحي زوجك بل تعاملي مع الموضوع بعقلانية وحاولي زيادة الاهتمام به ومخاطبة ضميره بطريقة غير مباشرة؛ كأن تعبري له عن امتنانك له لحبه وإخلاصه والهدف من هذا “هو تأنيب الضمير حتى يشعر بالخطأ الذي يرتكبه” أما المواجهة ستستثير عناده وسيحاول أن يبتكر طرق أخرى للخيانة بسرية تامة ويشعر بالإنجاز والمتعة عند ممارسته الخيانة دون علمك، لأن هذه طبيعة البشر.
وفي ختام حديث البحيري أوصت الزوجات بالتوجه لمختص نفسي لأخذ الاستشارة والدعم النفسي المناسب للحالة لأن طبيعة الشخصية تختلف من حالة لأخرى وتحتاج لدعم خاص إضافة إلى ما سبق ذكره من حلول.
🎻🎙️🏛️على كل شي قدير
منشور حلو جدآ وحقيقي تحصل مع البعض
معلومات مفيده
منشور حلو جدان ومن الوقع