كيف نتجنب انتقال الأمراض الوراثية؟

 “ابنتي عمرها 18 سنة ولم تمر سنوات عمرها مثل أي طفل عادي أو كإخوتها، 18 سنة من المعاناة و الألم وسهر الليالي في البيت و في طوارئ المستشفيات وفي بنوك الدم، 18 سنة لم يشاركنا أحد الوجع وأنا ووالدها نرى فلذة كبدنا تعاني و نعلم أنها ستعاني إلى أن يتوفاها الله“

هذه كلمات أم فتاة مريضة، مصابة بفقر الدم المنجلي الوراثي، وهي لسان حال كثير من الأمهات والأسر التي تعاني من الأمراض الجينية. في اليمن لا توجد لدنيا إحصائية على المستوى القومي للأمراض الوراثية، عن أنواعها أو مناطق انتشارها بشكل دقيق، لكن الواقع يحكي عن نسبة كبيرة من الأمراض الجينية التي تنتقل عبر الأجيال، ويعتبر زواج الأقارب هو المتهم الرئيس لأنه يعتبر من أهم المنافذ لانتقال هذه الجينات.

• ماهي الأمراض الوراثية؟

تنقسم الأمراض الجينية أو الوراثية إلى أمراض سائدة وفيها لا يحتاج المريض سوى نسخة واحدة من الجين المختل، وهى الحالة التي يكون فيها أحد الوالدين حاملاً، وبذلك تكون فرصة إنجاب شخص مريض هي احتمال 50%، ومن أهم الأمراض لهذا النوع متلازمة مارفان –داء الأورام العصبية الليفية- والقسم الآخر هو الأمراض المتنحية، ويحتاج المرض لكى يحدث عند شخص ما إلى وجود نسختين من الجينات المختلة، وفى هذه الحالة يكون الأبوين غير مرضى، وتكمن الخطورة في هذه الأمراض في صعوبة تشخيصها وعلاجها في ظل الظروف التي يعيشها اليمن.

• كيف نتجنب انتقال الأمراض الوراثية؟

تعتبر الاستشارة وفحوصات ما قبل الزواج هي الطريقة الوقائية المتاحة لمكافحة هذه الأمراض إلى حد كبير، وتتضمن استشارة وفحوصات ما قبل الزواج الجلوس مع المقبلين على الزواج وأخذ تاريخهم المرضي وتاريخ أسرهم على مستوى أربع أجيال لمعرفة وجود أي أمراض أو أعراض قد تكون جينية مثل تشوهات أو عيوب خلقية، فقدان أو نقص مبكر  في حاسة السمع أو حاسة النظر، تأخر ذهني أو تخلف عقلي، فقر الدم الوراثي أو وفاة غير مفسرة لأكثر من طفل في شهور أو سنوات عمره الأولى أو قصور في النمو، صرع أو أمراض شديدة غير مشخصة.

كما تتضمن إجراء فحوصات شاملة للمقبلين على الزواج وهي فحص الدم العام وفصيلة الدم  ووظائف الكلى والكبد، إلى جانب فحص الفيروسات وفحص السائل المنوي للرجل والهرمونات للمرأة، وكذلك عمل فحص الارتحال الكهربائي للهيموجلوبين لمعرفة وجود أمراض الدم الوراثية.

وتتمثل الخطوة الأخيرة بعمل تحليل الكروموسومات، وللأسف هذا الفحص غير شامل لأن كل مرض له تحليل كروموسومي خاص به ومن الأفضل عمل تحليل الجينوم الكامل الذي يعتبر فحص مكلف وليس دقيقاً للغاية و للأسف هذه الفحوصات غير متوفرة في بلادنا.

ولمكافحة هذه الأمراض يجب أن تتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لرفع مستوى وعي المجتمع بمخاطر هذه الأمراض وكيفية انتقالها والمتمثلة بشكل رئيسي في زواج الأقارب. ويجب  أن تتم مناقشة موضوع زواج الأقارب من عدة جهات، الطبية والدينية والحكومية لما له من أبعاد مجتمعية متعلقة بالعادات والتقاليد والأعراف، لتكوين سياسة ملائمة لمجتمعنا اليمني.