رغم الحصار والدمار والحروب هناك شباب لم يرضخوا، وحولوا بكفاحهم تلك المعاناة إلى نجاحات لا تستسلم أو تقف عند أصعب المحن وإنما يصنعون منها تاريخاً وقصصاً لا تنسى.
الشابة اليمنية (مها عون) من محافظة تعز تروي لنا قصة كفاحها وتؤكد أن الظروف الصعبة لا تقف عائقاً أمام من يريد تحقيق أُمنياته. مها، في السادسة والعشرين من عمرها أصبحت مثالاً لأي شاب وشابة يسعى لتحقيق السلام والتكافل الاجتماعي في وطنه.
تتحدث مها إلى منصتي 30 عن بداية نشاطها المجتمعي الذي بدأته في سن مبكرة من عمرها حيث لم تتجاوز السادسة عشر من عمرها قبل الحرب، “ومع حلول الحرب واجهنا صعوبة في ارتفاع أعداد المتضررين الأمر الذي جلعنا نتوسع ونعمل مع المنظمات الداخلية ومن خلال نشاطاتي في المجال الانساني دفعني ذلك إلى العمل مع منظمات دولية مباشرة”.
آثار الحرب على مها
مع بداية الحرب في مدينة تعز واشتدادها واجهت مها في تلك الفترة مع زملاؤها العديد من الصعوبات، فقد أغلقت أبواب الجامعة أمام تحقيق طموحاتهم العلمية، واشتدت وتيرة الصراع بين الأطراف المتنازعة في اليمن والتي كان لمدينة تعز منها حظاً قاسياً، الأمر الذي جعلهم يقطنون منازلهم لعدة أشهر دون الخروج وأجبرهم على التوقف عن العمل في المجال الإنساني بشكل كامل خلال بضعة أشهر. بعد الاستقرار النسبي في مدينة تعز عادت مها عملها الإنساني بشكل أوسع ولم تستسلم للظروف. تروي مها أن موقع منزلها ومقر عملها يقع في المناطق المتداخلة بين أطراف النزاع داخل المدينة ومع ذلك لم تيأس و عملت هي ومجموعتها في البداية على توزيع السلال الغذائية والماء والأدوية للأسر المتضررة في تلك المناطق التي لم تدخل إلها المنظمات الدولية بسبب الحرب والقناصين.
بداية
انتقلت مها من العمل لدى منظمات محلية إلى العمل لدى منظمات دولية، وكانت البداية مع منظمة “ميرسي كور الإنسانية” الأمر الذي شكل دافعاً كبيراً لجعلها تنطلق نحو الأمام، تقول: “بعد إعلان تعز مدينة منكوبة وأصبحت بعض المناطق خالية من السكان عملت جاهدة في سبيل تحقيق السلام من خلال تطبيع الحياة في تعز وتشجيع الناس للعودة إلى ديارهم وعودة الأطفال إلى مدارسهم وفتح محلات ودكاكين وشقق لإكمال تعليمهم فيها، وتشجيع الشباب للقيام بمبادرات شبابية تسعى لنشر السلام، وكان الوضع كئيباً وكنا بحالة يُرثى لها، ولكننا لم نيأس؛ فقد قمنا برسم لوحات فنية لطيفة على الجدران تعيد للمواطنين أملهم في الحياة وتشعرهم بالسلام الداخلي والطمأنينة، وتنشر دفء الأمان الذين يطمحون إليه في حناياهم”.
إنجازات مستمرة
عملت مها خلال السنوات الماضية في تدريب الكثير من شباب وشابات مدينة تعز على السلام وبنائه، وساهمت بشكل رئيسي في إطلاق منصة (Humans of Taiz) والتي تهتم بقضايا الشباب وتمكين المرأة، ونشر السلام في أوساط المجتمع ونقل صورة جميلة عن تعز خصوصاً واليمن بشكل عام، وكذلك هي عضو فعال في منصة شباب لبناء السلام التي تعزز من أنشطة ومشاريع الشباب في مجال دعم وطنهم.
في العام الحالي 2021 حصلت مها على جائزة بُناة السلام من مشروع منصتي 30 التابع لمؤسسة RNW Media (إذاعة هولندا العالمية سابقاً) لقيامها بمشاريع تدعم السلام في اليمن، وكان ذلك حافزاً قوياً لإتمامها ما تسعى من أجله كما تقول مها، كما اختيرت مها من قبل هيئة الأمم المتحدة لتكون ضمن 47 شخصية شابة في الشرق الأوسط لتمثل اليمن هي وثلاثة آخرون من زملائها بين 13 دولة عربية وذلك في العام 2020م، للعمل بشكل مباشر مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة UN Woman في مجال قضايا النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين والذي بدوره يسعى لتحقيق السلام الداخلي بين أوساط المجتمع.
وتعمل مها التي اختيرت ضمن أحد الأصوات المؤثرة في اليمن لبرنامج تقدمه مؤسسة أديان في لبنان على دعم الوساطة المحلية في قضايا الأسرى المختطفين والمحتجزين، وأنشطة أخرى تعزز تقارب وجهات النظر بين أطراف النزاع في تعز من أجل فتح طريق تعز صنعاء “الحوبان” لتخفيف معاناه المسافرين وتعمل أيضاً مع فريق (شبابي ) من أجل حل القضايا المجتمعية وتعزيز مفاهيم السلام وحل النزعات.
كان الله في عونها ووفقها
خسرنا اشيئا كثير لا يمكننا التحدث فيه