الأغنية هي من تدفعنا للعبور في فراغات الجفاف وإضاعة نصف العمر في السفر خلفها، وكما يقال إن الحنين يكون إلى الزمن العابث بمساحات الفقد المتخمة بعواطفنا المهاجرة خلف أغنية تتملكنا في ولهة عشق عابر “، دون موسيقى ستكون الحياة غلطة ” ناتشيه.
السؤال : لماذا نرتهن ونلهث خلف أغنية أثارت انتباهنا ومشاعرنا إلى تلك الدرجة؟
قد يكون “ناتشيه” قد أجاب على هذا السؤال فنحن نعيش الموسيقى ولغتها وتأسرنا الكلمات ولحنها، باستطاعتك نفسيًاً حينما تسمع فصول موسيقى (فيفالدي) الأربعة التمكن من معرفة أي فصل تتحدث مقطوعته الخاطفة.. يالله ما الذي يحدث؟
ما يحدث فعلاً أننا من خلال تعايشنا مع الطبيعة نستطيع محاكاتها والتكيف مع عوامل تغيراتها، لذا نستطيع التمييز بين موسيقى المطر والشتاء، الليل، والنهار، هذا بالفعل ما يحدث نفسياً معنا ويجعلنا نعرف سمفونية (فيفالدي) عن أي فصل تتحدث، وكله بالموسيقى.
لكن تبقي الأغنية طوق نجاة وممر أمن للعبور فما فعلته أغنية “ديسباسيتو” في حي لابيرو المتناغمة في ألوانه.
إيقاع زمني كوني اجتاز الحدود والعالم كله ليخرج الجزيرة من عجزها المالي وفقرها وضمن الابتسامة لساكنيها بما حققته من ازدهار سياحي ومكاني لهذه الجزيرة وتحقيق أرباح كبيرة من خلال رؤية الأغنية وما قدمته.
خلافاً لذلك قد تكون الأغنية أيضاً جواز سفر لقلوب من نحب، و باستطاعتها التعبير والاعتراف بأشياء نستطيع البوح بها في البدايات لمن نحب.
دع أغنيتك تتحدث بصمت
فقط إبقى في وضع الانتظار للنتائج، وعليه فإن لكل منا ذكرى وقصة تعيش في ظلالها أغنية وهي متلازمة فينا فمهما عشنا نستحضر تلك الذكريات ونعيش تفاصيلها حال سماعنا لتلك الأغنية التي تعيش في ذاكرتنا كنجمة مشعة بالسماء.
“يا ورد محلى جمالك“، كانت خطوتي الأولى، كما يقول عبد الرحمن اليافعي حيث استطاع إيصالها عبر شريط كاسيت وكانت مسجلة لوحدها في الكاسيت فقط وما أن سمعتها فتاته التي تسكن نفس الحي، حتى حصد أولى ثماره ابتسامة بحجم حبه لها فأودعته سجنها الذهبي حتى الآن دون فكاك وابتسم بفرح حين كان يقلب ذاكرته.
أغاني الزمن الجميل رمز ومعتقد منيعان، فعند تسرب اغنية عتيقة من شقوق الغربة فإنها تعيد لك كل تفاصيل ذاكراتك وتسترجع حتى ابتسامتك في طقس بارد بسماعك لصوت من تحب.
يحدثنا الدكتور عمر الأردني عن أغنيته ومعاناته في البعد عن الأهل وهو يستمع للسيدة فيروز كل صباح في اليمن فهو رهن الاغتراب وبعده عنهم، فكلما يسمع أغنيته المفضلة نسم علينا الهوى فإنه يعيش تفاصيل كل ذاكرته المتخمة باللحظات السعيدة.
يقول عند وصولي إلى اليمن ومن حينها أصبت بمتلازمة الأغنية العالقة في عقلي في الوقت ذاته كنت أودع وطن وعائلتي، فأصبحت كلما سمعت هذه الأغنية تستحضرني كل تفاصيل الحنين وأصاب بالفقد دوماً، لكنها لا تفارقني أبداً وأسمعها بشكل يومي كل صباح مع مجموعة أغاني صباحية فيروزية بامتياز.
نعرف جميعاً أن الأغنية تحاكي الروح والقلب معاً قبل أن تحتويها آذاننا فالشعور الذي ينتابنا بالتلقي لدفء مشاعرها يجعلنا نهتز من الداخل وسرعان ما تترجم عبر كيمياء الجسد فلكل منا أغنية.
ومن يغنون هم بالأساس محبوبون من الجميع لما يقدمونه من كميات من الفرح والشجن لمن يسمعونهم، ولهم نقول غنوا وارقصوا فإن الأشرار لا يستطيعون الغناء مثلكم، لذا فأنتم الأخيار بينهم، دعوا الموسيقى ترتب بعثرات أرواحكم واصنعوا لكم أغنية انتصار ترقصون عليها كلما حققتم جزء من اهدافكم، فالموسيقى هي ملجأ الأرواح المتعبة والأغنية هي العتبة الأولى لطريق السعادة.
فما هي أغنيتك المفضلة شاركها معنا عبر نسخك لرابطها؟
شكرا بحجم الحب لكم