رجل يعزف على العود فوق أنقاض الحرب في تعز | Felton Davis / photo on flickr
article comment count is: 2

قصص ورسائل.. عن الحرب والسلام!

في ظل الحروب نسمع ونرى مقاطع فيديو تنشر عن أفراد او أسر تضرروا. سواءً كان ضرراً مادياً أو جسمانياً، ويبقى محفوظاً في ذاكرتنا لفترة طويلة من الزمن. وبعض هذه القصص قد لا نعرف عنها إطلاقاً لأنها لم تحكى أو لم يعرف عنها أحد“.

يروي 5 شباب وشابات مآسيهم المبكرة. تتنوع حكاياتهم ولكنها تشترك بشيء واحد اسمه استمرار الحرب في اليمن!.

استمرار القتال في اليمن يجعلهم يتمنون ألّا يصيب بقية أقرانهم من الشباب ما أصابهم. منها: فقدان منزل، نزوح، إصابات، استشهاد أفراد أسرهم، فقدانهم لمنح تعليمية، فقدانهم لعملهم، وفقدانهم الأمل.

يرى هؤلاء الشباب أن إيقاف إطلاق النار من قبل أطراف الصراع هو الحل الوحيد. وأن مفاوضات السلام السابقة كانت ستجعلهم يتمكنون من استعادة مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة. لكنها فرحة لم تكتمل.

القصة الأولى

علي” من منطقة عبس غرب اليمن، خسر عمله ونزح مع أسرته بسبب النزاع الدائر في منطقته، بمحافظة حجة.

كان علي يعمل في بوفيه بمدرسة بنات، كان وقتها يبلغ من العمر 16 سنة فقط. أجبرته ظروف الحياة على أن يعيل أسرته ويتحمل مسؤوليتهم، إلى أن تم قصف السجن القريب من المدرسة التي يعمل بها. خسر علي عمله وبعدها قرر النزوح إلى منطقة جبلية آمنة.

يقول علي “تحملت الأمرّين، وتعبت بصراحة، توقفت عن دراستي وعانيت كثيراً في ظل هذه الحرب ولم يعد هناك أي مدني في منطقة حرض والتي كانت استراحة للمسافرين لقربها من منفذ حرض، والتي تعتبر مساراً آمناً لكل من يذهب إلى السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة أو بغرض العمل والاغتراب”.

يوجه علي رسالة لأطراف الصراع: “نتمنى منكم إيقاف الحرب، لأن ضحيتها نحن المواطنون، لا يوجد أي اختلاف عدى الدمار والتشتيت، وأسر رحل كل أفرادها دون سبب، نحن لسنا مجبورين أن نعيش هذه الحرب، إذا لم نمت من الحرب نموت من جوعنا وفقرنا، نرجو من جميع الأطراف أن يوقفوا الحرب لأنها فعلياً أنهكتنا وجعلتنا نتحسر على شبابنا”.

القصة الثانية

إبراهيم سيف (23 عاماً) من محافظة تعز، خريج أول سنة حرب 2014/2015، اندلعت الحرب وتسببت بعدم مقدرته على استغلال فترة العطلة بعد شهادة ثالث ثانوي، كونه كان حينها بفترة الإجازة، كان لابد من أن يبدأ بتحقيق حلمه بالسفر إلى الخارج، ولكن توقف إصدار جوازات السفر في تعز، فقرر أن يسافر إلى صنعاء في ذلك الوقت، رغم خطورة السفر في بداية الصراع بين الطرفين.

يقول إبراهيم: “قدمت لمنح دراسية كثيرة أولها تم رفضي فيها، لأني لا أنتمي لأي حزب سياسي. قام صديق يعمل كمدرب دولي في إحدى الدول بمساعدتي للحصول على المنحة التي أحلم بها وللدولة أيضاَ التي تلبي احتياجات التعليم بشكل جيد. تم قبولي بالمنحة لدراسة إدارة الأعمال الدولية، واستطعت الحصول على جواز سفر في الوقت المناسب، فجأة تم حرماني من المنحة وقاموا بإلغائها كوني من اليمن البلد التي تعاني من حرب وصراع. وأنا بالرغم من مقدرتي على حمل السلاح إلا أنني أنتمي لعمل منظمات المجتمع المدني منذ 2010م ولا أنتمي للأفراد المتحاربة. إن ما يحركني في هذا البلد رغم وضعها، هو ثقافة السلام.

يوجه إبراهيم رسالة لأطراف النزاع: “صراعكم جعلنا كشباب مصنفين (إرهابين)، نحتاج منكم الآن أن توقفوا إطلاق النار. نعلم أنكم تؤمنون بهذه الحرب وأنها سوف تلبي حاجاتكم، ولكن يكفي إلى هنا. 5 أعوام من الحرب وبسببها مازلنا نخسر البنية التحتية الأولى “التعليم“. نتمنى أن تعودوا إلى وعيكم، بعيداً عن الاحتراب، وأن تجلسوا حول طاولة حوار، وتوافقوا على إيقاف إطلاق النار، وأن تؤمنوا بالسلام والتعايش”.

القصة الثالثة

سبأ عبد الله (24 سنة) من مديرية المعلا، أصيبت هي وعمها بواسطة قذيفة سقطت على منزل أهلها. تقول سبأ: “مثل أي أسرة يمنية تتجهز لزفاف أبنائها، كنا نحضر لزواج أخي وحدث مالم نتوقعه، اضطررنا لتوقيف حفل الزفاف في منتصفه بسبب توتر أمني شديد حدث بعدن”.

تقول سبأ “أعلنت الحرب رسمياً، وبدأت المعاناة تشتد وتشتد. حاولنا أن نصبر على الاشتباكات كوننا نعيش في المعلا وهي إحدى ساحات الصراع حينها بسبب وقوعها بخط العبور لمديرية “التواهي”، ولا أستطيع أن أعدد كل ما حدث، ولكن اضطر أهلي للخروج من المنزل، والذهاب إلى مديرية “كريتر” إلى منزل عمي، استمر انقطاع الكهرباء طويلاً. وكانت الاشتباكات مستمرة. انقطعت الكهرباء 24 ساعة متواصلة إلى أن عاد التيار الكهربائي، وكنا جميعنا متواجدبن داخل الصالة لكي يصلنا هواء التكييف الذي كنا محرومين منه لفترة طويلة. كنت الواقفة الوحيدة وكان عمي جالساً أمامي. فجأة حينها رأيت جدار الصالة ينشق ولم نسمع الانفجار لأنه كان بمنزلنا، ولم أجد نفسي إلا بقرب باب البيت”.

تضيف سبأ “نزلت بشكل سريع إلى الدرج. عندما خرجت إلى هذا المكان سمعت صراخاً مفزعاً. واكتشفت أنهم أخرجوا عمي محمولاً بشكل عاجز عن الحركة، وأصيب جزء كبير من رأسه. لم أكن أعلم أنني مصابة أيضاً، ولم أشعر بشيء، وكان الفزع في وجوه الجميع”.

توجه سبأ رسالة لأطراف النزاع: “متى تكونون أحراراً؟ متى تتوقفون عن كونكم سلاحاً وجنوداً لجهات وأفراد؟ متى توقفون هذه الحرب العبثية التي سئمنا منها؟”.

القصة الرابعة

آيه وآلاء محمد (23 سنة) من محافظة الحديدة، تعرض منزلهما للقصف في واقعة “سوق الهنود” في عام 2016. تحديداً في 21 سبتمبر وقعت مجزرة في سوق الهنود مديرية “الحوك” في الحديدة، مات على أثرها 17 شهيد، وأصيب العشرات من الجرحى.

تقول آية وآلاء محمد: “في بداية الأمر كنا وقتها في عدن، حيث يعمل والدي. كان شعورنا عند إخبارنا بأن هناك قصف في حارتنا، ولم نعرف حتى القصف في أي منزل بالضبط. كان كل انشغالنا في ذلك الحين أن نطمئن على أهلنا وجيراننا، وتم إخبارنا بمن مات ومن أصيب، وكان جميع معارفنا يبتعدون عن إخبارنا عن مكان القصف تماماً، وفي آخر الليل تم إخبارنا أن منزلنا قصف تماماً. كنا نشعر بحرقة لا توصف، المنزل الذي قضينا فيه كل طفولتنا، كنا نتجهز للنزول بالعيد إلى الحديد. ولكن بمجرد ما رأينا صوراً لمنزلنا، وشقا عمر أبي كله فيه علمنا حينها أننا لن نستطيع العودة للحديدة مرة أخرى. وفقدنا كل شيء فيه من ذكريات طفولة والمستقبل الذي خططنا له داخل هذا المنزل”.

تقول الأختان آية وآلاء لأطراف النزاع في اليمن: “نرجوكم أوقفوا الحرب، نتمنى ولو لحظة أن تعطونا مساحة نعيد فيها أحلامنا لأن وطننا أصبح تعيساً للغاية، ولأننا شباب، لم تعد لدينا القدرة على أن نحلم في هذه البلاد التي أصبحت غير قابلة للعيش”.

هذه القصص جزء من واقع متكرر، يشير بمجمله إلى أهمية إيقاف الحرب بالحوار الذي يعد الخطوة الأولى لإيقاف إطلاق النار، والمضي قدماً بالتدريج نحو إيجاد الحامل المؤسسي لدولة تنتمي للمواطن، وتحقق سلامته وتنميته.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (2)