في الـ31 من تشرين الأول/أكتوبر القادم تحل الذكرى الثالثة والعشرين لصدور القرار الأممي 1325 الخاص بالمرأة والسلام والأمن، القرار الذي جاء تتويجًا للنضال النسوي واعترافًا بالدور الذي تلعبه ويمكن أن تلعبه المرأة من أجل إحلال السلام والمساهمة في حل النزاعات، وضعت لتنفيذه خطط وطنية مرفقة بمصفوفات ومؤشرات تؤكد مدى التنفيذ والتقدم المحرز في سبيل حماية وتمكين المرأة، وكان اليمن من بين الدول التي أعلنت خطتها الوطنية في آيار/ مايو 2020.
حراك واسع شهدته البلاد منذ عام 2018، حملات توعوية، ودورات تدريبية، وسباق بين المنظمات الدولية والمحلية المهتمة بالمرأة وصناعة السلام، كل هذا من أجل التعريف بالقرار 1325، وللوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء اليمنيات.
لكن تساؤلات عدة برزت بعد كل هذه السنوات من الفاعلية والمحاولة، بين من يبحث عن مؤشرات لهذه الحملات وما الذي حققته؟ وإلى أي مدى استجابت الحكومة لمطالب تمكين المرأة ودعمها للعب أدوار حقيقية على مستوى الوساطة وحل النزاعات؟
وبين من يقلل من الوسائل والأدوات المستخدمة للوصول إلى المرأة اليمنية لتوعيتها بالقرار وما لها وما عليها، فهل اعتمدت المنظمات الدولية والمحلية أساليب ناجعة للتعامل مع النساء اليمنيات وفقًا للتطورات التقنية والاجتماعية الراهنة؟ ما الذي قامت به من أجل يمننة العديد من الطرق لتحقيق هدف الوصول المعرفي على حساب هدف إقامة الأنشطة والمشاريع المتفق عليها؟.
ضعف التنسيق
يقوم القرار الأممي 1325 على أربع مرتكزات تبنى عليها مؤشرات مدى الاستجابة لتنفيذ القرار على المستوى الوطني، كمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي، وحماية النساء بما يضمن تحسين أمنهن الحياتي والاقتصادي، وحقوقهن، وصحتهن الجسدية والعقلية، وحمايتهن القانونية، إضافة إلى تعزيز مشاركتهن في عمليات السلام، وزيادة تواجدهن في منظمات صناعة القرار على المستوى المحلي، والمرتكز الرابع يقوم على جهود التعافي والمساعدة بما يؤدي إلى توزيع مساوٍ للمساعدات الخاصة بالنساء والفتيات.
مؤشرات تبقى ضعيفة في اليمن، على الأقل مقارنة بمستوى العمل على القرار الذي اصطدم في نهاية المطاف بعدم ترشيح الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا لأي امرأة في تشكيلها الوزاري الجديد المعلن في كانون الأول/ ديسمبر 2020، يضاف إلى ذلك يبقى اليمن من أسوأ بلدان العالم للنساء، ووضع مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي اليمن في المرتبة 155 من بين 156 دولة خلال عام 2021، بينما لم تتواجد خلال عام 2022 ضمن قائمة المؤشر الذي اكتفى بـ 146 دولة، واستثنى عشر دول من بينها اليمن.
تلمس الصحفية المهتمة بالجندر سهير عبدالجبار تحسنًا طفيفًا في التعامل على أساس الجندر للمرأة في اليمن، لكنه لا يرقى إلى ما يمكن اعتباره تمكينًا لها، وترى في حديثها لمنصتي 30 أن ما حدث للمرأة اليمنية خلال فترة الحرب يستوجب أن يكون في الحسبان عند العمل على أي برامج وأنشطة داعمة للمرأة بما في ذلك القرار الأممي 1325 ومخرجاته التي تبقى غير واضحة المعالم، وذات أسس لا تحظى بالدعم الكافي من الجهات الحكومية والمنظمات المحلية التي اكتفت في معظم أنشطتها بالتوعية والتثقيف، ما أدى إلى تحسن في المجال السياسي، بينما لم يحرز أي تقدم على مستوى الحقوق المدنية التي لاتزال ضعيفة.
قصور الوسائل والآليات
تسع سنوات من الحرب في اليمن، شتت الجهود الرامية إلى تعزيز حضور المرأة، وساهمت في أن تصبح هامشية من حيث الاعتراف بها، والعمل على حلها وفقًا للالتزامات الدولية، بما في ذلك القرار 1325 الذي يصطدم بإصرار الأطراف المتصارعة على عدم تعزيز المساواة بين الجنسين وإعطاء المرأة أدوارًا فاعلة في بناء وصناعة السلام.
تنظر منية ثابت مسؤولة الفريق المحلي لدعم القرار 1325 بمنصة أصوات نساء يمنيات إلى أن جميع من عملوا على القرار انصب تركيزهم على التوعية دونًا عن بقية المرتكزات الأخرى التي كانت تستوجب العمل بها كالحماية وتقديم المساعدة نظرًا لحالة الحرب وانعكاساتها على المرأة اليمنية.
وتذهب ثابت في حديثها لمنصتي 30 إلى أن “التوعية التي أخذت جهدًا أكبر لم تصل إلى فئات بعينها كالمهمشات والنساء الأميات، وبعض النساء المنتميات لأقليات في المجتمع اليمني، واكتفت بنسبة كبيرة بالناشطات والفاعلات في مجال حقوق المرأة أملًا بالوصول من خلالهن إلى بقية الفئات، ولكن ذلك لم يتحقق حتى الآن”.
وعن الاحتياجات اللازمة لمواكبة القرار عالميًا والعمل على تعزيز حضور المرأة اليمنية تأتي الأولوية لخطة وطنية تراعي المعايير الدولية الموضوعة للقرار، ومبنية على الاحتياجات لجميع مؤسسات الدولة، ولا تستثني القرارات التسعة المكملة للقرار والتي أصدرت تباعًا بناءً على احتياجات من الواقع، يضاف إلى ذلك تقييم ومتابعة ما تم إنجازه، وإدراج المتبقي في الخطة السنوية التالية، هذا ما تراه منية ثابت مهمًا الآن لتجاوز مرحلة تعدها أنها مازالت في بدايتها، وتحتاج للكثير من أجل الوصول إلى المنشود، لضمان حضور نسائي واسع على مستوى تعزيز المساواة وبناء السلام.
مموفقين
نعم لي تنمية المرأة
لنا حقوق وعلينا واجبات واولويات