طفل يمني مصاب ANP
article comment count is: 0

أسوأ ما خلفته حرب اليمن

كثر الحديث عن ما خلفته الحرب في اليمن وما تخلفه من آثار مع كل يوم تستمر فيه الحرب بعد مقاربتها اختتام العام الأول.

تتناقل الأخبار اليومية أعداد الضحايا، كأعداد يومية فقط ، من فقد حياته أو أصيب جراء القصف الجوي أو حرب الشوارع ، حيث تتحدث الإحصائيات (المتضاربة أصلا) عن هذا الجانب الذي وصل فيه عدد القتلى إلى 5600 شخص، وإصابة أكثر من 32000 شخص، بحسب تقديرات بعض المنظمات الدولية، أي بمعدل 153 قتيل وجريح يومياً. رقم مخيف يتزايد كل يوم مع استمرار هذه الحرب العبثية، زد عليها تفاقم مأساة 14 مليون مواطن يمني لا يملكون ما يكفيهم من غذاء أو رعاية طبية بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

إحصائيات محلية تتحدث عن قصف طال 14 مطارا وميناء ومرفأ، وأكثر من 500 جسر وطريق، و900 منشأة حكومية وعدد كبير من المصانع والمنشآت الخاصة، كلها إحصائيات يصعب تأكيدها من طرف محايد،  لكن ما لا شك فيه هو أن الواقع في الأرض أسوأ من هذا بكثير، في ظل حرب داخلية مستميتة، وقصف جوي من تحالف لا يبالي بالمدنيين .

أما ما يختبئ خلف هذه الإحصائيات والحرب الدائرة، مخلفات حرب مخيفة سيعاني منها المواطن اليمني لعقود قادمة، مخلفات يغضّ الطرف عنها كل أطراف الصراع ومن ورائهم، ويمر عليها  باستحياء المجتمع الدولي النائم عن بلد ينتهك من الأرض والسماء، تتقدمه أمم متحدة كممتها مملكة النفط والأمراء .

فما تخلفه لنا الحرب من انقسام داخلي لم يعاني منه أي مجتمع مر بصراع سياسي وعسكري، تركت لنا جنوباً ازدادت شهوة الانفصال في أزقته وأحيائه، وشمال لم يعد يرغب قطاع كبير منه بالوحدة، وها نحن نغرق الآن في مناطقية مخيفة، تهيجها أكثر مذهبية كانت غائبة عن اليمن لقرون فأثيرت لأجل الحرب، وتشربها الصغار قبل الكبار، حيث أصبح من الصعب أن تذوب هذه الحواجز في فترة بسيطة .

ثاني المخلفات المخيفة لهذه الحرب هي البطالة، لم ينتبه لها الكثير في هذه الفترة لأن الحرب قائمة، فقد تسببت الحرب في ارتفاع نسبة البطالة إلى 60% بحسب تقرير البنك الإسلامي للتنمية، وأعتقد أن نسبة البطالة قد تعدت هذه النسبة بكثير، في ظل يوميات الحرب  والدمار والقصف الجوي من قبل التحالف على المصانع والمنشآت الخاصة، وفي ظل استمرار الحرب على الأرض في مناطق واسعة .

ولكم أن تتخيلوا آثار هذه البطالة بنسبتها وآثارها، وفي ظل استمرار الحرب، وما تسببه من مشاكل مجتمعية واختلال للأمن، وسهولة استقطاب الشباب من قبل الجماعات المسلحة للحرب. قد يكون هذا التصور مخيف جداً وينذر باستمرار الحرب، لكنه الواقع .

ثالث هذه المخلفات المخيفة، هو أثر الحرب النفسي على كل يمني، فلم تقم حرب إلا وخلفت آثارا نفسية يعانى منها الإنسان لسنين بعد الحرب، هذه الآثار التي قد لا يلمسها الكثيرون الآن، والإنسان بطبيعته قادر على التأقلم أثناء معايشته للأحداث، لكنها ستظهر بعد انتهاء الحرب بشكل واضح، سنراها على أطفال عاشروا كل أنواع القصف والخوف والحاجة، على كبار عاشوا هذا الخوف، وفقد الكثير منهم أعزاء وأقارب، ما ملأ قلوبهم بالقهر والكره .

باختصار، قد تقف الحرب في أية لحظة بحل سياسي أو حسم عسكري، لكن هذه الآثار وغيرها ستظل امتدادا  لحرب ضروس، نعاني منها لعقود قادمة، وستكون فعلياً الميدان الحقيقي لمن لديه ذرة وطنية وحب لبلده.

 

* مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي “منصتي 30”.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً