أكملت الحرب في اليمن عامها الخامس، نصف عقد من الأزمة خلّف الكثير من الدمار في البنية التحتية وتشريد الملايين. كل هذه الأرقام نجدها دائماً في رأس أي تقرير أو مقال يتحدث عن الحرب في اليمن، ولكن كل هذه الأرقام لا تتحدث عن حقيقة الوضع فكل رقم يحمل خلفه صدمة لا يستطيع وصفها سوى من عاش الحرب. ناقوس الصحة النفسية في اليمن يدق بالخطر ولكن لا أحد يريد أن يتكلم عن ذلك، ويكتفي الكل بقول “لا، نحن يمنيين نتحمل أي شي، نحن شعب جني” أنا هنا أقول عكس ذلك تماماً، نحن يمنيون تحملنا بما فيه الكفاية ونحن شعب يعاني الكثير من الصدمات النفسية بسبب الحرب.
منذ بدء الحرب في عام 2015 وخوضي التجربة الإجبارية أن أكون عالقة بين نيران الأطراف المتصارعة، تولدت عندي أحاسيس انعدام الأمان والاستقرار، فكيف أشعر بالأمان والاستقرار وأنا قد اضطررت للنزوح أكثر من 3 مرات للبحث عن ملاذ آمن. في الأيام العصيبة التي عشتها في منزلي بخور مكسر سمعت كل أصوات القذائف حتى أنني صرت أفرق بين صوت قذيفة الهاون و طلقات “الدوشكا” كما نسميها، لم أعلم أن هذه الأصوات ستظل عالقة في ذهني حتى بعد 5 سنوات وأن صوت “زييييو” لقذيفة الهاون التي سقطت فوق جدار الجيران سيكون اللعنة التي لن تفارقني ما حييت. أنا الآن وبعد انتهاء الاشتباكات المسلحة في عدن مازلت أشعر وكأنما الصدمة أصبحت مطبوعة في شريط الـ DNA الخاص بي وأنه محكوم علي الشعور المؤبد بالخوف وانعدام الأمان.
في تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن احتمالية الإصابة باضطرابات نفسية تزيد بنسبة 22% في مناطق الصراع، وقد عانى الكثير من اليمنيين بشكل مباشر أو غير مباشر صدمات حادة، وفي دراسة أخرى حول تأثير الحرب على الصحة النفسية للأطفال اليمنيين ذكرت النتائج أن من بين 902 طفل شملهم استطلاع الدراسة، 712 أي 79% منهم يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، والحقيقة المؤسفة هي أننا كيمنيين محكوم علينا التعايش مع هذه الصدمات لأسباب عديدة أولها أن عدد الأطباء النفسيين في اليمن محدود جداً حيث يوجد 40 طبيب نفسي في عموم اليمن حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية عام 2016، وثانيها أن أغلب الدعم المقدم إلى اليمن يدور في محور الإغاثة ولا يوجد أي استثمار في برامج الصحة النفسية.
لفترة ليست ببعيدة كنت أردد عبارة كل اليمنيين أننا شعب قوي ونتحمل، حتى جاءت اشتباكات أغسطس 2019 بين قوات الحكومة والانتقالي. بعد انتهاء هذه الاشتباكات مررت بفترة عصيبة لم أستطع فيها النوم جيداً لمدة أسبوعين، كل هذا بسبب أن كل ذكريات الحرب عادت لي دفعة واحدة. وكأنما تقول لي “أنا هنا لن أبرح من داخلك فأنا مطبوعة في شريط الـDNA الخاص بك”.
وو
القصة رائعة و ونشكر الاستاذة نسمة منصور على شعورها وذكرها واحساسها بما يعيش فيه الطبيب اليمني ونتمنى التركيز على الاطباء والمهندسين في المجال الطبي وبشكل عام على القطاع الطبي في اليمن.
والخطأ العلمي في القصة *شريط DNA*
هوا (حمض DNA) وليس شريط
لا تعليق
نعم ، ما ذكر هو جزى صغير من الظلم والمتاعب المتتابعه التي يتحملها الشعب اليمني من مجرمي الحروب.
😭😭 خرجت كل شيء داخلتي💔💔
احب اقول لكل شخص في عموم الجمهوريه او خارجه نحنا شعب صامد مكافح رغم ما نمر به ونحنا متفائلون بعون الله ولن نيأس ولن نستسلم ابداً ورغم كل اللي نمر فيه اقول بقلب صابر فتره وبتعدي لان عارفين ان الفرج من عند ربنا وهو مش غافل عنا وعلينا بالصبر وبتمر وبننسى كل شي بأذن الله.
نحن اليمنيين نعيش كـ قصة الضفدع والماء المغلي
قصّة و عبّرة..
الضفدع والماء المغلي..
وضعوا ضفدع في ماء على النار، وكلما سخن الماء كان الضفدع يعدل درجة حرارة جسمه فتظل المياه عادية ومقبولة.
إلى أن وصل الماء لدرجة الغليان ومات الضفدع في التجربة. وبدأ العلماء القائمون على التجربة في دراسة سلوك الضفدع، والذي مع كل ارتفاع لدرجة الحرارة يعدل حرارة جسمه.
فالوعاء الذي وضعوا فيه الضفدع كان مفتوح، ومع ذلك لم يحاول القفز حتى في حالة غليان الماء إلى أن مات! وتوصل العلماء إلى أن الضفدع استخدم كل طاقته في معادلة درجة حرارته وتأقلمه على المناخ الذي حوله -على الرغم من صعوبته- إلى أن وصل لدرجة أنه لم يتبقى عنده طاقة لا للتأقلم ولا حتى لإنقاذ نفسه!
واستنتجوا أن الذي قتل الضفدع ليس الماء المغلي، ولكن إصرار الضفدع على أقلمة نفسه إلى حدٍ أفقده الطاقة اللازمة لإنقاذ حياته.
حتى في حياتك، عندما تكون في علاقة، أي نوع من أنواع العلاقات، أو في عمل ولست مستريحاً وتحاول أن تأقلم نفسك وتعدل من نفسك وتستخدم طاقتك الجسدية والنفسية والعقلية والعصبية إلى أن تصل إلى فقدان طاقتك كلها، عندها ستفقد نفسك.
لا تستهلك طاقتك كلها، اعرف متى تقفز وتنقذ ما تبقى منك ومن حياتك..
الى الامام
نحنا اليمنين كم تحملنا ياما ياما تحملنا سنين مو يومين نحنا شعب الصمود
كتبت