ما إن تراهم عن كثب، حتى يأتيك الشعور بالفرح تلقائياً، تدور الفكرة في ذهنك كيف يمكنك أن تسمي هذه العلاقة المتكاملة، إنها “الذكورية الإيجابية“، رجل يأخذ بيد زوجته نحو النجاح، هو صوتها الذي فقدته، وأذنها التي لا تسمع بها شيئاً، هو عكازها الذي تتكئ عليه، في الوصول إلى نجاحها كأم أولها وكزوجة وناشطة مجتمعية، نظراته إليها وكأنه يرى فيها كل “إنجازاته في الحياة”، إنه اختيارها السليم، وهي فخره كما يقول.
عائشة جباري، ناشطة مجتمعية، من مواليد الرضمة إب، تعرضت لحمى شوكية، وهي في الثالثة من عمرها، سببت لها الصمم، بيد أن والديها لم يستسلما وعملا على استكمال دراستها حتى الإعدادية، عقبها وجدت عائشة صعوبة في الاندماج مع قريناتها الفتيات بالإضافة إلى عدم وجود مترجم لغة إشارة مما دفع أسرتها إلى السماح لها بالانتقال بمفردها إلى محافظة تعز، لاستكمال الثانوية في مدرسة خاصة بالصم والبكم، لكن طموح عائشة لم يتوقف هنا، التحقت بالجامعة وحصلت على الترتيب الأول في برمجة الحاسوب.
إيصال صوتها
تقول عائشة لمنصتي 30: “تعرفت على زوجي أحمد الأكحلي، في أكاديمية السعيد حيث كان مترجم لغة إشارة وأنا طالبة آنذاك، أنتجت الكيمياء بيننا ألفة تطورت إلى زواج، هناك مفهوم خاطئ في المجتمع بصعوبة الزواج من شريحة الصم والبكم، بيد أن الأمر يصبح أكثر سلاسة إذا تعلم الزوج لغة الإشارة.
تؤكد جباري أن وجود أحمد جعل للحياة منحنى آخر في نظرها، لاسيما وأنه يسعى بشكل دائم في بناء قدراتها، ودمجها في المجتمع، ويقوم بمرافقتها في جميع أنشطتها ليقوم بترجمة كل ما يجول بخاطرها وإيصال صوتها إلى المجتمع.
أحمد الأكحلي ناشط مجتمعي يعمل مترجم لغة إشارة، وهو خريج دبلوم تقني برمجة حاسوب، بالإضافة إلى ليسانس حقوق، تعلم لغة الإشارة عندما كان عمره (13 عاماً) ، من ابن أخته الذي كان “أصم” وعمل مترجم لغة إشارة في الكثير من الندوات والمناسبات.
يقول أحمد لمنصتي 30: “أشعر بالفخر بكل نجاحاتها، أتحدث معها بلغة الإشارة في الشوارع والأماكن العامة، بعض الأسر لا تسمح للفتيات خصوصاً الحديث بلغة الإشارة خوفاً من نظرة المجتمع، بيد أننا نتجاهل نظراتهم، ونتحدث بكل أريحية، لأننا مصدر فخر واعتزاز لأنفسنا ولا تهمنا نظرة المتطفلين إطلاقاً”.
مبادرة شبابية
عملا معا يداً بيد، في إنشاء “مؤسسة وئام شباب للتنمية” في منتصف 2019، كأول مبادرة في المحافظة تقدم الخدمات لفئة الصم والبكم، بجهودهم الفردية ودون وجود أي دعم، “تمكنا من تحقيق النجاحات المتتالية، حاصدين بذلك عدة شهادات وجوائز محلية وأيضاً إقليمية كما تصدرت المبادرة دليل الوطن العربي للمبادرات المجتمعية الشبابية كأفضل مبادرة يمنية“.
يشير الأكحلي لمنصتي 30، هناك الكثير من الأزواج مثل حالتنا بيد أنهم مجهولون ولا أحد يعلم عنهم شيئاً، ذلك لأنهم استسلموا للإعاقة، لكننا صنعنا من الإعاقة سلماً للصعود نحو نجاحنا”.
يسهر من أجل طفله
اللغة لم تكن عائقاً أمامهم لا في الزواج ولا في الإنجاب، سوى صعوبة واحدة هو أن عائشة لم تستطع سماع بكاء طفلها الرضيع، لكن دور أحمد كان بارزاً حيث تقاسما الأدوار ليسهر هو ليلاً وهي نهاراً، وتقول عائشة: “اليوم لدي طفلان، ابني يرافقني إلى السوق ويترجم للناس أو لصديقاتي ما أريد قوله لقد تسلم مهمة والده”.
تحاول إيصال شعورها بالسعادة، للقدر الذي جعل أحمد من نصيبها، بتعابير وجهها وحركات يديها قائلة: “إذا كان خلف كل رجل عظيم امرأة، فإنني أقول إن خلف كل امرأة ناجحة ومتفوقة رجل عظيم مثل أحمد”.
وتوجه جباري في حديثها رسالة إلى المجتمع بالقول: “بالعمل والإرادة يستطيع المرء صنع نجاحه، الأفعال أبلغ من الأقوال، والمرأة قادرة على فعل كل شيء ما دامت تحظى بدعم من المحيطين، امنحوا النساء الثقة ليستطعن رسم مستقبل مشرق لليمن”.
ينظر لقصة عائشة وأحمد من زاوية “الذكورية الإيجابية“، إذ يسعى الثاني على دعمها والحضور برفقتها في كافة الأنشطة حتى غدى اسم “عائشة جباري” حاضراً وبقوة في المجتمع، يقول أحمد: “كان لدي ومازال الهمة في صنع فتاة استثنائية قيادية ومؤثرة في المجتمع، وأن نعمل سوياً على السعي نحو المناداة بحقوق الصم وأهمية دمجهم في المجتمع من خلال إظهار قصص نجاحهم”.
رساله حلوه وقويه وبنفس الوقت مؤثره ادامك الله فخرا وعز لوطننا ويسعدكم
مشالله الله يبارك لهم