منذ سنوات أربع، اتجهت اليمنية “خديجة المنصوب“، في طريقها نحو العمل الإنساني، والخيري داخل مدينة تعز، مستهدفة بذلك الفئات الضعيفة في المجتمع، كالأيتام والمشردين، بجانب المرضى النفسانيين والنازحين في المخيمات.. كل ذلك وأكثر، في سبيل مساعدة البسطاء، وتعزيز فكرة التدخلات الإنسانية، ومدى أهمية استمرارها في بلد يعيش حرباً منذ تسعة أعوام.
خديجة، وهي فتاة في العشرينات من عمرها، اعتمدت في البداية على برامج السوشيال ميديا، لجمع التبرعات، والمساهمات لتنفيذ أعمال خيرية صغيرة، وتقديم المساعدات لعدد من الأسر المحتاجة.
تقول لـ “منصتي 30“: “بدأت العمل بطريقة سهلة، وبسيطة عبر نشر حالات «ستوري»، على تطبيق واتساب، للأسر الأشد احتياجاً.. ونظراً لعملي في مبادرات ومنظمات مختلفة، تولد عندي مئات المتابعين الذين يعرفون خديجة شخصياً، وطبيعة عملي في الجانب الإنساني.. أول عمل خيري، كان عبارة عن توزيع ألواح شمسية لعدد من الأسر المحتاجة، بهدف إنارة منازلهم”.
لاقت خديجة، تفاعلاً واسعاً من قبل المتابعين، حيث بادر غالبيتهم بإرسال مبالغ مالية، بغرض إغاثة هذه الحالات، وتوفير المتطلبات.. تضيف: “بعد ساعات من نشري لأولى احتياجات بعض الأسر، كانت الفلوس جاهزة، صحيح أن عملية الجمع جرت سريعة، بالرغم أن كل فرد ساهم بمبلغ بسيط، لا يتجاوز 5 آلاف ريال.. هذه التجربة كانت بدايتي في مشوار النشاط الإنساني”.
ونظراً لأن الشابة بنت مشوارها بجانب الفئات الأقل حظاً، فقد فضلت أن تقدم نفسها كنموذج يختلف عن باقي المبادرين، مؤكدة أن القائمين على المبادرات يتعمدون تصوير المستفيدين من الناس، بجانب المساعدات الإغاثية، ونشر الصور في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أمر مهين، وغير إنساني، حد تعبيرها، وعلى العكس اعتمدت هي على توثيق التبرعات دون الشخصيات، في محاولة لحفظ كرامة الإنسان، وتجنب التشهير بالآخرين.
تعتقد المنصوب أن ركيزتها الأولى تتلخص في كونها تمتلك قاعدة شعبية من المجتمع اليمني، بمختلف الفئات، الأمر الذي سهل أمامها المشوار في احتواء العديد من المحتاجين ومساعدتهم.
وعن الأسباب التي دفعتها لتبني مثل هذه المبادرات المجتمعية، تفيد بأن تفاعل ذوي الخير، وسخائهم في البذل والعطاء، وتقديم المساعدات للمحتاجين بشكل مستمر، يشكل لها حافزاً في مواصلة عملها الممزوج بالإنسانية، وبدافع مجتمعي، مشيرة إلى أن هذا التفاعل نابع من ثقة الداعمين بها، والتي تمنحها مسؤولية تساعدها على إنجاز المهمة، والخروج بطاقة إيجابية بعد كل فعالية أو مبادرة.
عمل جماعي
من العمل الفردي، انتقلت خديجة إلى العمل الجماعي من خلال تشكيل فريق شبابي طوعي، وذلك بهدف توسيع دائرة المستفيدين ضمن فئة محددة يزيد عددها عن العدد مائة.
تشرح لمنصتي 30: “هناك الكثير من أوجه الشبه بيني وبين الفريق، خاصة طريقة العمل.. تتصف الشخصيات من الجنسين بأنها مساهِمة، وتتحلى بروح المبادرة”.
وتتابع: “عملنا خلال السنوات الماضية، وأنجزنا العديد من المشاريع والمبادرات، وما زلنا مستمرين.. فخورة بتكوين هذا التجمع الشبابي، الذي أجده في كل مرة يعمل بطاقة وجاهزية أكبر”.
صانع السعادة
بمعية هؤلاء الشباب، وضعت الناشطة فئة المرضى نصب عينييها، حيث سعت إلى زيارة مستشفى الأمراض العصبية والنفسية، ومستشفى خاص بمرضى الجذام، يقعا في مدينة النور السكنية، بالجهة الغربية من محافظة تعز.
وتفيد المنصوب أنها تخصص يوماً بأكمله، لإقامة فعالية في هذين المشفيين، حيث يبادر أعضاء الفريق بإعداد وصناعة أطباق متنوعة من الطعام.. “بين فترة وأخرى، يتبنى الفريق عمل وجبة خاصة بالمرضى، حيث نقوم بإعدادها في المنازل، أحدهم يأتي بالدجاج، وآخر يتكفل بالأرز، وثالث بالخبز، وآخرون يحملون الفواكه.. بعدها نذهب إلى المستشفى لنقوم بتغليف الوجبات الفردية، وتوزيعها على جميع المرضى”.
وتجسد مساندة الشباب، روح الفريق الواحد، الذي بات يسمى بصانع السعادة، كما تصفه المنصوب، والتي تعتز بهذا الفريق، كونه ثمرة جهدها الإنساني، خصوصاً مع تحولهم إلى جنود الخير في مدينة تعز.
نماذج ناجحة!
كثيرة هي التدخلات الإنسانية والإغاثية التي تقدمها خديجة لإعانة المتضررين من تدهور الاقتصاد، وغلاء المعيشة، وكذلك الهاربين من الموت، والنازحين في الخيام، والمشردين في الشوارع.. إنها تلامس معاناة هذه المدينة، وتحاول جاهدة تطبيب الجروح، وبلسمة الأثر.
“كسوة العيد” واحد من النماذج الناجحة التي عملت عليها خلال السنوات الماضية، ولا تزال حتى اليوم، ففي مايو 2021، تكفلت المنصوب بتوفير ملابس العيد، لعدد يقارب 400 أسرة، في مناطق هي صينة والمحصاب التابعتين لمديرية “المظفر”، إضافة إلى منطقة الصرم، بمديرية المسراخ، جنوب المدينة، حيث وصلت تبرعات المساهمين إلى 2 مليون و300 ألف يمني، حسب تأكيدات الناشطة.
وفي وقت سابق، نفذت المنصوب، مبادرة كسوة الشتاء، حيث استهدفت ما يزيد عن 90 مشرداً في شوارع وأرصفة المدينة، ومنحت كل واحد منهم، بطانية، وجاكيت، وقبعة، وجوارب، بجانب وجبة طعام.. “فعالية المشردين، ربما كانت هي الأصعب، نظراً لصعوبة التعامل معهم، لكن الفريق عمل بجهد، وساهموا في تغيير ملابس هذه الفئة”.
فتاة الإغاثة
إلى جانب ذلك، لم تنسَ فتاة الإغاثة شريحة الأيتام التي استهدفتها بالعديد من فعاليات الترفيه والمرح، كما شملتهم مبادرة “كسوة العيد”، وغيرها من الزيارات، وبهذا تحاول المنصوب ترسيخ فكرة توزيع الملابس خلال موسم العيد على مئات الأسر المحتاجة داخل المدينة.
هكذا كانت ولا تزال الناشطة خديجة، تعمل وسيطة مجتمعية بين الداعمين والمجتمع المحتاج، تبعاً لعلاقاتها بالمساهمين اليمنيين في الداخل، وشخصيات يمنية تتواجد خارج البلد، فضلًا عن فاعلي الخير من دولة الإمارات والسعودية وقطر.
وتسعى هذه الشابة، من خلال تبنيها مبادرات فردية وجماعية إلى غرس ثقافة المساعدة، وترميم قيم التكافل والتعايش، وبناء علاقة وطيدة، ومنفعة متبادلة بين البسطاء والكادحين، كما تحاول تقديم نفسها كنموذج ناجح للآخرين، بهدف تحفيزهم للنشاط في مجال الإغاثة الإنسانية.
تتمنى المنصوب أن ينجب المجتمع اليمني شخصيات مبادرة من أجل تغطية احتياجات الفئات المسحوقة، وانتشالهم من حالة الجوع والفقر.. وبالمقابل تخطط خلال الأيام القادمة، بفتح المجال أمام نساء تعز، الراغبات بتعلم فن الخياطة والتطريز، وصناعة البخور والعطور، في سبيل تمكين المرأة ومساعدتها في مواجهة صعوبات الحياة المعيشية، كما تقول.
فخورة جدااااااااا ببنت بلدي
رائع يا ضيف أحسنت
بصراحه عملها انساني ومافي انسان بعمره بتحمل هذي المهمه الصعبه ربي يسعدها بقدر سعادته لغيرها واكثر
ندعو لها بالتوفيق وان يسخر الله لبلدي اليمن امثال خديجه المنصوب ويرفع شأن كل اليمنين في كل مجالات العطاء للمجتمع