في يونيو من عام 2017 عاد الهدوء إلى مديرية الوازعية جنوب غرب تعز، بعد عامين من المواجهات العسكرية تسببت في نزوح وتهجير زهاء 40 ألف نسمة من سكان المديرية.
لم تكن العودة إلى العملية التعليمية متاحة في تلك الفترة فالمديرية فقدت خلال عامين من المواجهات العسكرية 34 معلماً قضى خلال هذه الحرب، بالإضافة مثلهم تعرضوا لأزمات نفسية وإصابة جراء الحرب واستمرار 15 معلماً في مناطق النزوح خارج المديرية.
تقول نسرين القعاص الحاصلة على مؤهل البكالوريوس في تخصص الأحياء من كلية التربية بجامعة عدن إن “استئناف العملية التعليمية في تلك الفترة كان صعباً جداً، فثلثا الكادر التعليمي لم يكن متواجداً في جميع مدارس المديرية، وتلبية لنداء الأهالي في فتح المدارس واستئناف العملية التعليمية لتجنيب الجيل تبعات الجهل والأمية، وافقنا على التطوع في التدريس على أمل أن تكون هناك لفتة في تقدير الدور لعشرات الفتيات المتطوعات في جميع مدارس المديرية”.
وأشارت نسرين إلى أن مدرسة الخنساء التي تعمل بالتطوع فيها والرابضة في قلب مركز “الشقيراء” المركز الإداري للمديرية كانت تضم 19 متطوعة من مختلف التخصصات الجامعية إبان استئناف العملية التعليمية، لكن العدد تناقص في الفترة الأخيرة لعدم التفات السلطات المحلية والجهات المعنية لدور هؤلاء المتطوعات في حماية الجيل في ظل الظروف الحالية للبلد.
ويفند “علي الظرافي” مدير مكتب التربية والتعليم بمديرية الوازعية الخسائر التي تعرضت لها العملية التعليمية في الوازعية إلى ثلاثة اتجاهات منها فقدان 34 معلماً بسبب الحرب والألغام و33 آخرين توقفوا عن العملية التعليمية جراء إصابتهم بأزمات نفسية ومايزال 15 معلماً نازحاً حتى اللحظة خارج المديرية، ناهيك عن تسرب البعض والتحاقه بالتجنيد العسكري والأعمال الخاصة الأخرى جراء شحة الأجور.
وأشار الظرافي إلى أن العملية التعليمية في 27 مدرسة أساسية وثانوية كانت مهددة خاصة ناهيك خروج 5 مدارس عن الجاهزية بسبب الدمار الكلي والجزئي الذي تعرضت له، وتصدرن الفتيات المشهد من خلال التعليم التطوعي خلال السنوات الخمس الماضية التي شهدتها المديرية بعد العودة من النزوح لينقذن 12000 طالب وطالبة من الضياع والتسرب، نصف هذا العدد من الفتيات.
وتطرق الظرافي إلى الجهود الكبيرة لمكتب التربية والتعليم في السنوات الماضية التي بذلها من أجل تمكين هؤلاء الفتيات من بعض الحقوق نظير تطوعهن من خلال التواصل مع جهات عديدة حيث حصل مؤخراً على انتزاع بعض الحقوق لكن ليست كافية فعدد الفتيات في مدارس المديرية في تزايد.
150 معلمة بين ثابتة ومتطوعة ومتعاقدة
وبحسب الظرافي يوجد في المديرية 17 معلمة ثابتة فيما 12 معلمة متعاقدة مع منظمة اليونيسيف ناهيك عن 120 متطوعة يتوزعن في مدارس المديرية في مقدمتهن مدرسة الخنساء بالشقيراء والزهراء بالطريقة، مؤكداً أن مكتبه حصل مؤخراً على استيعاب 19 متطوعة في خمس من مدارس المديرية من قبل منظمة “أجيال بلا قات” ولايزال يطمح في رفع هذا العدد من خلال التواصل مع العديد من الجهات تقديراً لهذا الدور الريادي.
في منطقة حنة شمال المديرية تربض مدرسة الوفاق الآيلة للسقوط وما تبقى من مبناها المعلق سوى خمسة صفوف دراسية تولت خمس من الفتيات في المنطقة التطوع بعد التسرب وانقطاع الكادر التعليمي في المديرية حيث تتناوب المتطوعات الخمس مجاناً العمل على تعليم الطلاب في مبنى يشكل خطورة كبيرة على الطلاب والمعلمات.
تقول “نجود علي يحيى” وهي تحمل مؤهل بكالوريوس أحياء، وتدرس بمدرسة الخنساء في الشقيراء عاصمة المديرية إن “الوضع التعليمي المنهار عقب العودة من النزوح كان العامل المشجع الأبرز لهن للانخراط والتطوع في هذا الغمار وإن كان البعض يجدن بعض المبالغ الرمزية من خلال العمل كبديلات لبعض المعلمين المتسربين”.
تجاهل ولد الإحباط
وأشارت نجود إلى أن العدد كان كبيراً جداً عقب العودة من النزوح قبل خمس سنوات على أمل التوظيف أو الحصول على عقود من خلال وعود تحصلن عليها المتطوعات لكن كل ذلك لم يحدث مطلقاً. انحسر العدد مع مرور الوقت بسبب الإحباط الذي أصاب العديد من المتطوعات وتوقفن باختيارهن أو بطلب أهاليهن جراء عدم حصولهم على أجور تعاقدية.
يقول نبيل طه رئيس مجلس الآباء في المنطقة إنهم مستمرون في متابعة الجهات المختصة لانتزاع عقود للفتيات الخمس اللائي تطوعن لتعليم الجيل خوفاً من الضياع ناهيك عن مخاطر السير نحو مدارس أخرى لأطفال المنطقة فيما تبقى من صفوف المدرسة جراء الدمار الذي تعرضت له حيث كانت تضم المدرسة جميع فصول المرحلة الدراسية.
ودعا طه الجهات المعنية إلى العمل على تكريم المتطوعات بما يليق من دور فعلنه إسهاماً منهن وتقديراً لظرف المنطقة والأهالي الصعبة خلال سنوات العودة من النزوح وما تبعه من انقطاع الكادر التعليمي كأحد أهم المهددات لاستقرار العملية التعليمية.