كانت الحاجة إلى مركز آمن لصيانة الهواتف المحمولة الشخصية، وحماية النساء من الابتزاز هي من قادت مجموعة فتيات يتفاوتن في العمر والتخصص إلى فكرة تأسيس أول مركز لصيانة وبرمجة الجوالات، ويعمل بكادر نسائي بحت في مدينة التربة مركز مديرية الشمايتين جنوبي مدينة تعز الواقعة وسط البلاد.
وفي 7 مايو العام 2023 قامت حنين ياسين الزكري وهي حاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال إلى جانب الطالبة في المستوى الجامعي الأول تخصص تقنية معلومات أزهار فواز الأسودي، وسحر عبدالله الأكحلي حاصلة على دبلوم تصوير وريم علي الرباصي بكالوريوس فيزياء، بافتتاح مركز جافا لصيانة وبرمجة الهواتف الذكية، وجمعت مؤسسات المركز الزمالة في إحدى البرامج التدريبية قبل الشراكة في تأسيسه والذي يعد نتاجاً لفكرة جماعية أعقبها قرار وإصرار جماعي على تحويل الأقوال إلى واقع ملموس.
ولادة الفكرة
تقول إحدى القائمات على المركز لمنصتي 30 إن “فكرة المشروع جاءت من واقع الحاجة الشخصية لمركز آمن نضع فيه هواتفنا لساعات أو يوم دون خوف أو قلق، وكذلك من معايشة الوضع الراهن والذي تتزايد فيه حوادث ابتزاز النساء، وتتفاقم معاناة الفتيات من المبتزين و مخاوفهن من الوقوع ضحايا لهذه الظاهرة المتنامية يومياً وبشكل لافت”.
وكان لنشاط بعض مؤسسات المشروع الاجتماعي والإنساني دور في معايشة العديد من حوادث الابتزاز والالتقاء بالضحايا وإدراك أبعاد الظاهرة وأسبابها وطرق تفاديها طبقاً لإحدى مؤسسات المشروع (حنين الزكري – 25 عاماً).
و توضح حنين لمنصتي 30 “يأتي تأسيس المركز لحماية النساء في المنطقة من الابتزاز، والحفاظ على خصوصيتهن، إذ يلبي حاجتهن الماسة إلى مركز آمن ليحافظ على البيانات والمعلومات والصور التي تحويها هواتفهن المحتاجة للصيانة”.
وطبقاً لمصادر أمنية وفتيات ومختصين بالحماية الرقمية تعد مديرية الشمايتين واحدة من أبرز المديريات في تعز من حيث تزايد حوادث الابتزاز، ولذا ظهرت فيها مؤخراً مبادرات نسوية أخرى وتحركات طوعية لمكافحة الابتزاز والتوعية حوله وطرق تفاديه ومساعدة النساء الضحايا في مواجهة المبتزين.
ويعد مركز جافا النسوي الوحيد في مدينة التربة مركز مديرية الشمايتين، ولذلك ترى حنين في حديثها لمنصتي 30 أن حاجة النساء له كبيرة جداً لكونه يمنحهن الشعور بالأمان ويمكنهن من التعامل مع موظفات فتيات دون حرج أو خوف على محتويات الهواتف من الاستنساخ والاستغلال الخاطئ.
ونال المركز استحسان النساء في المنطقة كما حظي بالترحيب والإشادة من قبل الناشطات لكونه يشكل ملاذاً آمناً للفتيات، ويسهم في حمايتهن من الابتزاز وممارسات المبتزين من خلال طريقة عمله وخدماته المتعددة التي يقدمها بواسطة كادر نسوي 100% كما تذكر حنين لمنصتي 30.
مرحلة التأسيس
وبالرغم من اختلاف تخصصات ومؤهلات ومجالات عمل القائمات على المشروع، إلا أن ذلك لم يمنعهن من خوض غمار هذا المجال وتأسيس المركز وتسيير أعماله التي تؤديها فتيات متخصصات كما يدرسن الصيانة والبرمجة.
ومر تأسيس المركز بعدة مراحل أبرزها الإعلان عن الحاجة لموظفات صيانة وبرمجة ووفقاً لحنين بعد عناء كبير تم العثور على موظفة صيانة ولم نعثر على موظفة برمجة، فاضطررنا إلى أن نلحق موظفة الصيانة لدراسة البرمجة إلى جانب التحاق اثنتين من المؤسسات للدراسة معها، وتمكنا من تجاوز المشكلة وتدشين العمل في المركز.
وهدفت حنين وزميلاتها من خلال افتتاح المركز إلى تقديم استشارات للنساء والفتيات في مجال الأمن الرقمي والحماية من الابتزاز إلى جانب الحفاظ على خصوصية الزبائن وتقديم خدمات الصيانة والبرمجة والإكسسوارات، وهناك توجه مستقبلي لتوسيع وتطوير خدمات المركز من قبل مؤسسات المشروع.
وحول كيفية قيام المركز بحماية النساء من الابتزاز تقول حنين لمنصتي 30 إن ذلك سيتم عبر تقديم الاستشارات والخدمات المتعلقة بالأمن الرقمي والقيام بصيانة وبرمجة هواتفهن بواسطة كادر نسائي متخصص ليتسنى لزبائنه الاعتماد على المركز بدلاً عن الذهاب إلى محلات الصيانة الأخرى.
أثر إيجابي
وسهل المركز على الفتيات القائمات عليه وغيرهن من الصديقات والجارات مهمة إخراج كومة الهواتف المعطلة لإصلاحها بعد ركنها مدة طويلة والإحجام عن صيانتها في مراكز أخرى خشية على الصور المخزنة فيها. وتعد الصور واحدة من أبرز الوسائل التي استخدمها المبتزون في حوادث الابتزاز التي حصلت في مناطق متفرقة من تعز وغيرها من المحافظات.
وبالرغم من مضي شهر تقريباً على افتتاح المركز إلا أنه يحظى بإقبال ملحوظ، وتتوقع أزهار في حديثها لمنصتي 30 أن تتحسن حركة العمل بالتزامن مع مواصلة عملية الترويج للمركز عبر منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي والتي من أبرزها فيسبوك و واتساب.
من ناحية أخرى يروج المركز لخدماته من تلقاء نفسه لكونه أول مركز من نوعه في مدينة التربة ويعمل بشكل مبتكر ويمارس نشاطاً غير تقليدي ما جعله محط إعجاب وتداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتذكر أزهار لمنصتي 30 يقدم المركز خدماته يومياً عدا يوم الجمعة وذلك من الساعة 8 صباحاً وحتى الخامسة مساءً ويتم مراعاة الأوضاع المادية والمعيشية المتردية من قبل القائمات على المركز واللواتي حرصن في بدء تدشين العمل على تقديم خدمات البرمجة مجاناً أما في حالة الصيانة فيتقاضين من الزبائن قيمة قطع الغيار فقط.
وتواصل أزهار ورفيقاتها مراعاة الأوضاع الاقتصادية لزبائن المركز سواءً من الرجال والنساء، ويحددن المقابل المادي للخدمة بناءً على نوع الخدمة وقدرة الزبون أو الزبونة، ومن المتوقع أن يسهم المركز خلال الأيام القادمة في التخفيف وبشكل ملحوظ من حوادث الابتزاز التي تتعرض لها الفتيات ويقترن هذا الأمر بقدرة المركز على الوصول إلى عدد كبير من زبائنه وتوسيع نطاق خدماته المقدمة للنساء حسب أزهار.
مؤشرات وآفاق
وتواصل القائمات على المركز مساعيهن لتجويد الخدمات وتوسيع نطاقها وتذكر أزهار لمنصتي 30 “بما أن المجال جديد علينا قمنا بدارسة البرمجة وتدريس العاملات في المركز، كما نواصل عملية التعلم والبحث ومطالعة كل جديد واستيعاب كل ما يخص برمجة الهواتف الذكية والحماية الرقمية والأمن الرقمي والاستخدام الآمن للهواتف والإنترنت”.
في المقابل بدأت مؤشرات نجاح المشروع تلوح في أفق القائمات عليه وتوضح أزهار لمنصتي 30 لمسنا ذلك من خلال قيام الفتيات بالبحث عن الهواتف المعطلة القديمة والمركونة في أدراجهن منذ عدة سنوات دون صيانة وجلبها إلى المركز لإصلاحها.
وتلقت مؤسسات المركز خلال الأيام الأخيرة اتصالات ورسائل من صديقات وزميلات يقمن في عدة محافظات أخرى، وحسب أزهار فقد أفادت هؤلاء الفتيات بأن لديهن هواتف معطلة منذ سنوات ولم يقمن بعرضها على محلات الصيانة في تلك المناطق لاحتوائها على صور، وأكدن أنهن سيصطحبن تلك الجوالات أثناء قدومهن إلى التربة في عيد الأضحى، لإصلاحها في مركز جافا.
ولدى القائمات على المركز تطلعات مستقبلية، وتقول حنين الزكري وأزهار الأسودي لمنصتي 30: “نتطلع في قادم الأيام نحو تطوير خدمة الاستشارات المقدمة للنساء في مجال الأمن الرقمي، و توسيع خدماتنا ونطاق انتشارها وتصميم أدوات برمجية لحماية النساء من الابتزاز الإلكتروني”.
بالتوفيق وياليت وانى معكم