article comment count is: 0

بيوت للإيجار شرط وجود رجل!

اتخذت ناهد مهيوب قرار ترك بيت زوجها والبحث عن منزل تسكن به مع أطفالها الثلاثة بحثاً عن حياة تخلو من عدم التفاهم والمشاجرات التي تصل أحيانًا كثيرة إلى العراك. جاء قرارها بعدما لاحظت صحة أطفالها النفسية بدأت بالتدهور جراء المشكلات التي تتكرر بينها وبين زوجها.. لم تكن تدرك أن رغبتها في أن تعيش بدون رجل سيجعلها تواجه صعوبة في الحصول على سكن للإيجار كونها بدون محرم.

تقول ناهد: “عشت في منزل أهلي ثلاثة أشهر، ولأن أبي يعاني من أمراض مزمنة، خفت أن تتدهور صحته بسبب إزعاج أطفالي فالبيت ضيق وقد شعرت أني شكلت عبئًا عليهم فقررت البحث عن منزل”.

وتتابع: “لم أكن أتخيل يومًا أن امرأة بدون محرم سوف تجد صعوبة في حصولها على سكن. وجدت مشكلة أخرى هي أنهم رفضوا التعاقد معي كوني امرأة ومن الضروري أن أحضر أحد أقربائي”.

تتكرر المعاناة لدى هنادي سامي (اسم مستعار)، فهي الأخرى رفض المؤجرون تأجير منازلهم لها لأنها تعيش بدون رجل. فاضطرت أن تواجه ذلك الرفض بتغيير الحقيقة وهو الحل الوحيد المتاح أمامها. وتوضح “بحثت عن بيت للإيجار جوار بيت أهلي ولم أجد سوى منزل كان صاحبه قد رفضني بعدما سمع بأمر طلاقي. أخي أخبره بأنه سوف يسجل العقد باسمه ورغم ذلك رفض كوني سأعيش بدون محرم. فأخبرته أني لست مطلقة وأن زوجي سافر للعمل، ومع مرور الوقت كان يأتي ليسألني عن موعد عودة زوجي، ما يشعرني بالقلق وعدم الاستقرار”.

لماذا يجب وجود رجل؟

يقول نبيل أحمد، وهو دلال عقارات، إن أغلب ملاك المنازل يرفضون تأجير منازلهم للمرأة التي تعيش بدون محرم. وأرجع السبب إلى أنهم يخشون عدم التزامها بدفع الإيجار أو إهمالها للمنزل، لأنهم يجدون صعوبة في التعامل معها أو مقاضاتها كونها امرأة ولها خصوصية في المجتمع. ويضيف: “البعض الآخر من المؤجرين يخافون أن تكون لها سمعة سيئة أو تعمل في أعمال مشبوهة قد تحول المنزل إلى مكان لممارسة الدعارة أو غيرها من السلوكيات المخلة بالآداب وتتنافى مع الدين والعادات والتقاليد”. يؤكد الدلال نبيل أنه وغيره من الدلالين يحاولون تسهيل حصولهن على سكن وذلك من خلال إقناع المؤجرين بالقبول وإحضار من يضمنهن أو يعرف بهن.

الناشطة شيناز الأكحلي اعتبرت ما تتعرض له ناهد وهنادي وغيرهن من النساء مشكلة حقيقية، لا سيما النساء اللاتي لا يوجد لهن عائل من الرجال.

وتضيف الأكحلي لمنصتي 30، “يأتي عدم قدرتهن على استئجار منازل وكتابة عقود الإيجار بأسمائهن بسبب نظرة المجتمع الذكورية والدونية للنساء وأنهن غير مؤهلات لذلك. وأيضًا يرجعونها للعادات والتقاليد وكذلك الأعراف الدينية ورجال الدين الذين يرون ذلك تحديًا صارخًا لقوامة الرجل”.

مؤكدة: “نتيجة لذلك تقع النساء في مشاكل وتعقيدات عديدة ويضطررن في الكثير من الأحوال إلى إحضار أحد أقاربهن على أساس أنه عم أو أخ ليتم كتابة العقد باسمه”.

موقف القانون

زياد عبدالسلام، وهو محامي مترافع أمام المحكمة العليا، يقول إن المادة (31) من دستور الجمهورية اليمنية تنص على “أن النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق ما عليهن من الواجبات، ما تكفله الشريعة وينص عليه القانون”. وأن الدستور قد أكد ذلك في المادة (41) التي تنص على “أن المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”.

ويرى أن من خلال هذه المواد ما يؤكد أن الدستور يعتمد مبدأ المساواة بين الرجال والنساء والصغار والكبار والبيض والسود كمبدأ عام. ويتابع: “ومن هنا يتضح أننا بحاجة لإصدار نصوص قانونية صريحة وواضحة تمنع هذه التعسفات بما يحفظ حقوق النساء”.

من جهتها، تقول الأمين العام لمركز حماية لحقوق الإنسان المحامية لبنى القدسي: “إن قانون الإجراءات الجزائية في المادة (5) تنص على أن المواطنين سواء أمام القانون، وهذا حق مطلق سواء في سائر الحقوق والواجبات دون تمييز أو تفضيل بين الرجل والمرأة ويعني التساوي في حق الحياة والسلامة الجسدية وحرمة الأعراض والحريات والأموال والتقاضي، وبالتأكيد حق الحياة لكل من الرجل والمرأة يستدعي حصوله على المأوى وغيرها من الحقوق والخدمات”.

وتؤكد القدسي أن المادة (48) من الدستور في الفقرة (أ) نصت على “أن تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم، والحفاظ على الأمن والكرامة أساسه أن الإنسان يعيش في مسكن لائق ويتمتع بحقوقه كاملة دون نقصان أو تمييز”.

وتضيف في حديثها لمنصتي 30، “القانون المدني نظم موضوع الأهلية ولم يفرق بين الرجل والمرأة واعتبر سن الرشد 15 سنة لكليهما وكفل لهم ممارسة أي أعمال، وطالما المرأة الأرملة أو المطلقة تتمتع بأهليتها فمن حقها ممارسة أي حق لها في الجانب المدني ومنها الاستئجار وإبرام عقود الإيجار”.

حلول

ترى الأكحلي أن الحلول الممكنة لحل هذه المعاناة تتمثل في رفع صوت المرأة عالياً وتوجيه الرأي العام حول هذه القضية، تعديل قانون الإيجارات حيث يجب أن تتضمن مواده إلزام المستأجر بتأجير السكن للنساء دون استثناء، وأن يقوم الناشطون والناشطات الحقوقيون والإعلاميون بأخذ هذه القضية على عاتقهم وأيضًا المنظمات المحلية والدولية وتفعيل دورها إزاء هذه القضية وعقد لقاءات مع عقال الحارات وتوعيتهم بضرورة السماح لهن بذلك.

اضطرت ناهد إلى أن تنتظر حتى عودة شقيقها الذي يعمل في أحد المصانع في صنعاء كي تستطيع الحصول على سكن ويتم التعاقد معه. وتقول: “إنها معاملة غير عادلة، وعنف مخفي تواجهه الكثير من النساء اليمنيات في مدن يمنية كثيرة، تركت النساء فريسة لأزواج لا يعطونهن حقوقهن وربما يعتدون عليهن أو يضطهدونهن”.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً