الأحزاب السياسية المرأة صنع القرار المشاركة
article comment count is: 0

الأحزاب السياسية اليمنية.. بين شعارات التغيير وواقع إقصاء المرأة!

أثبتت المرأة اليمنية قدرتها على الصمود والتأثير في خضم الأزمات، فكانت في الصفوف الأولى خلال الحرب، ساهمت في الإغاثة وإعالة الأسر، بل وتولت أدوارًا قيادية في حل النزاعات على المستوى المحلي. ورغم هذا الدور المحوري، تبقى المرأة بعيدة عن مراكز صنع القرار الحقيقية، خاصة داخل الأحزاب السياسية التي يُفترض بها أن تكون حاضنة للتغيير.

في هذا التقرير، نسلط الضوء على واقع مشاركة المرأة في الهيئات العليا لصنع القرار في الأحزاب السياسية اليمنية، و التحديات التي تعيق مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار، بالإضافة إلى الحلول المقترحة لتعزيز مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار داخل الأحزاب السياسية اليمنية.

واقع مشاركة المرأة 

بالنظر إلى واقع مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار نجد أن هناك ضعف كبير في إشراكها سواء في الحكومات اليمنية المتعاقبة، أو في الأحزاب السياسية اليمنية التي يفترض أن تكون السباقة لإشراك النساء. من خلال تحليل مشاركة المرأة في الهيئات العليا لمراكز صنع القرار داخل الأحزاب اليمنية نجد أن هناك تفاوت في تمثيل النساء في الهيئات العليا لصنع القرار داخل الأحزاب السياسية اليمنية وتحديداً الأحزاب السياسية البارزة والتي استهدفها التقرير وهي: (حزب المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، والحزب الاشتراكي اليمني).

من خلال تحليل الأرقام التي جمعناها لتمثيل النساء في الهيئات العليا لصنع القرار في الأحزاب نجد أن التنظيم الوحدوي الناصري هو أكثر الأحزاب تمثيلاً للمرأة في الهيئات العليا بنسبة 25% من قوام أعضاء الهيئات الثلاث للحزب، يأتي بعده الحزب الاشتراكي اليمني بنسبة 16%، فيما بلغت نسبة النساء في الهيئات العليا لحزب المؤتمر والإصلاح 9% لكلاً منهما.

الشكل البياني التالي يوضح عدد الذكور والإناث في هيئات صنع القرار داخل الأحزاب الأربعة

وحول واقع مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار داخل الأحزاب السياسية اليمنية يرى د. محمد المخلافي نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني أن الأحزاب اليمنية جميعها تقر نظريًا بضرورة مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار داخل الأحزاب وفي الدولة ولاسيما بعد التزامها بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبالنسبة للحزب الاشتراكي اليمني فكما هو معلوم كان سباقًا بإشراك المرأة في مراكز صنع القرار داخل الحزب وفي الدولة.

ويضيف المخلافي: “لا يوجد في النظام الداخلي للحزب الاشتراكي اليمني ما يسمى بقطاع المرأة الموجود في الأحزاب الأخرى والذي يعزل المرأة عن النشاط العام للأحزاب، ولكن هناك دائرة المرأة التي من مهامها تمكين المرأة من المشاركة في نشاط الحزب وفي مراكز اتخاذ القرار، وهناك فرق بين التسميتين”.

تؤكد مسؤولة اللجنة السياسية في دائرة المرأة بالأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح نجيبة العلواني وجود قصور في الأحزاب السياسية في تمكين المرأة ووصولها إلى مراكز صنع القرار، بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي خاصة بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية والذي أدى إلى ركود في الواقع السياسي، ومع ذلك تناضل النساء من أجل الوصول لمواقع صنع القرار وتمكينها داخل أحزابها وتعمل جاهدة لذلك.

وتضيف العلواني: “تلعب المرأة الإصلاحية دوراً هاماً داخل الحزب من خلال المشاركة في صنع القرار على مستوى الأمانة العامة ومكاتب المحافظات، كما لها تواجد في أعلى هرم سياسي داخل الحزب وهو مجلس الشورى، وتسهم في بلورة ورسم السياسات العامة والخطط والبرامج، ونطمح نحن كإصلاحيات إلى العمل أكثر للوصول إلى مواقع أكثر تأثيراً لصنع القرار.”

ويرى مجيب المقطري عضو اللجنة المركزية في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والمسؤول الإعلامي لفرع التنظيم في تعز أن مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار داخل الأحزاب السياسية اليمنية محدودة للغاية. فالمرأة لا تُشرك بشكل فعال في عملية صنع القرار وتشكيل البرامج الحزبية، كما أنها لا تمثل أحزابها بشكل كافٍ في مسارات السلام.

ويضيف لـ منصتي 30: “في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، هناك تقدم ملحوظ في إشراك النساء في مراكز صنع القرار مقارنة بالأحزاب الأخرى. قفي المؤتمر الحادي عشر عام 2014، تم انتخاب 24 امرأة لعضوية اللجنة المركزية من أصل 90 عضواً، مما يعكس نسبة 27% من إجمالي اللجنة المركزية. علاوةً على ذلك، تم تعيين امرأة في منصب الأمين المساعد، وهو منصب رفيع المستوى، بالإضافة إلى وجود نساء في الأمانة العامة وقيادة الفروع.”

ويشير القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام عبدالكريم المدي، إلى أن المؤتمر الشعبي العام كان يدعم بقوة إلى مشاركة المرأة في مختلف المجالات ويعتبرها عنصراً أساسياً في المجتمع. ومع ذلك، اعتبر المدي أن هناك تراجعاً في دور المرأة بعد التغيرات السياسية التي حدثت، ولكنه أكد أن المؤتمر الشعبي العام سيواصل دعمه للمرأة كجزء أصيل من المجتمع، مؤكداً أن المرأة هي أساس الأسرة والمجتمع، وينبغي أن تظل شريكة في العمل السياسي والاجتماعي.

التحديات التي تعيق المرأة 

بالنظر للإحصائيات المتوفرة حول مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية اليمنية تعتبر نسب متدنية حيث لا تتجاوز 20% كأكبر نسبة  للمرأة داخل أكبر حزب في اليمن وهو المؤتمر الشعبي العام، وهذا يعتبر أحد أسباب ضعف مشاركتها في مراكز صنع القرار.

الشكل البياني يوضح نسبة النساء في الأحزاب السياسية اليمنية

من خلال مراجعة النظام الداخلي لحزب المؤتمر والإصلاح والاشتراكي لم نجد أي مواد تحدد الحد الأدنى لمشاركة المرأة في مراكز صنع القرار داخل الحزب باستثناء حزب المؤتمر الشعبي العام الذي حدد نسبة لا تقل عن  15% من الممثلين واللجان والهيئات الإدارية المنتخبة كاللجنة العامة والدائمة في الحزب.

وفي هذا الجانب يرى الدكتور محمد المخلافي أن العقبات الرئيسية التي تحول دون مشاركة المرأة في صنع القرار داخل الأحزاب اليمنية هي عقبات فكرية واجتماعية، أبرزها الخطاب الديني المتشدد الذي يفرض قيودًا على دور المرأة في المجتمع والسياسة. كما أشار إلى أن العادات والتقاليد الاجتماعية، مثل تفضيل الرجال في المناصب القيادية، وكذلك العوائق اللوجستية مثل عقد الاجتماعات الحزبية في أوقات غير ملائمة للمرأة، تساهم في تعزيز هذه التحديات.

من جانبها ترى نجيبة العلواني أن الحرب والانقلاب الحوثي قد زادا من معاناة المرأة اليمنية بشكل عام، مما أثر سلبًا على مشاركتها في الحياة السياسية. كما أشارت إلى أن الثقافة المجتمعية التي تنظر إلى المرأة نظرة دونية، بالإضافة إلى بعض اللوائح الداخلية للأحزاب التي لا تشجع على مشاركة المرأة، تمثل عقبات كبيرة. وأكدت على أن الخوف من دخول المجال السياسي هو أحد أهم التحديات التي تواجه المرأة نفسها.

يرى مجيب المقطري أن قلة الوعي بأهمية تمكين المرأة سياسياً، وعدم وجود آليات واضحة لدمج منظور النوع الاجتماعي داخل الأحزاب أحد الأسباب في ضعف تواجد المرأة في مراكز صنع القرار داخل الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى أن بعض الأحزاب تمارس تمييزًا ضد المرأة وتقصر دورها على أدوار محددة، مما يدفع العديد من النساء إلى العمل في المنظمات غير الحكومية بدلاً من الأحزاب.

الحلول لتعزيز مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار

يرى الدكتور المخلافي أن الحل يكمن في تغيير الثقافة المجتمعية، والقضاء على الثقافة القبلية التي تفرض قيودًا على دور المرأة، ومواجهة الخطاب الديني المتشدد الذي يميز ضدها. كما يؤكد على أهمية توفير بيئة عمل مناسبة للمرأة داخل الأحزاب، وإزالة أي عوائق تعيق مشاركتها في الاجتماعات والفعاليات الحزبية.

من جانبها تؤكد نجيبة العلواني على أهمية تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي تضمنت توصيات لتمكين المرأة، وتعديل الأنظمة الأساسية للأحزاب لضمان تمثيل عادل للمرأة. كما أكدت على أهمية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة التي تنظر إلى المرأة نظرة دونية.

يرى مجيب المقطري أن على المرأة نفسها أن تكسر الحواجز المجتمعية التي تقف أمامها، وأن تستغل الفرص المتاحة داخل الأحزاب التي لا تفرض قيودًا على مشاركتها. ففي حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، على سبيل المثال، لا يوجد أي قيود تنظيمية تحول دون وصول المرأة إلى أعلى المناصب، بل تحتاج فقط إلى العمل والاجتهاد.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً