كواحدة من بين العديد من النساء في اليمن، كتمت إيمان طوال مدة زواجها التي تجاوزت العشرين عاماً، حقيقة أنها تكبر زوجها بسبع سنوات. لم تتفوه قط أو توحي لمن حولها بأنها الأكبر، وعاشت طيلة حياتها الزوجية وهي في حالة من النكران التام لهذا الشيء.
وبرغم أن قرار الزواج هو شأن يخص طرفي الارتباط وحدهما، بكل تفاصيله، لكن في مجتمعنا اليمني المتمسك بالعادات والتقاليد، يظل التدخل أمراً أساسياً يتحكم بالعديد من الزيجات، وعند التفكير بالفارق العمري تأتي هذه العادات لتضع بصمتها وبقوة لأن يكون الفارق سنوات معدودة لصالح الرجل حتى يتقبل المجتمع هذه العلاقة.
فارق العمر في المجتمع اليمني
في اليمن يضع البعض قواعد صارمة للحدود العمرية بين الزوجين، حيث يعتقد الكثيرون أن الفارق الأمثل بين طرفي الزواج يتراوح ما بين 5 إلى 16 عاماً من جانب الرجل، بينما يميل آخرون لتقليل الفارق إلى حدود 3 أعوام، أما في حال كانت الزوجة أكبر سناً، فيكون الزواج غير مقبول وشيء قد خرج خروجاً فاضحاً عن هذه التقاليد، حتى أنه وفي علاقات كثيرة أصبحت النساء تخفي أعمارهن الحقيقية خيفة من الآراء غير المؤيدة لهذا الأمر، كما هو الحال مع إيمان.
وعلى عكس المجتمع اليمني، هناك العديد من الدراسات أجريت في عدد من البلدان الأوروبية وأمريكا كانت نتيجتها أن الناس ينظرون تلقائياً بشيء من الريبة للعلاقات التي يكون الرجل فيها هو الأكبر سناً، ومن المثير في نتائج تلك الدراسات أن الأشخاص الأكبر سناً كانوا أكثر ارتياحاً بشأن وجود فوارق عمرية بين الأزواج أكثر من الشباب.
وبهذا الشأن تقول الاختصاصية الاجتماعية مها محسن، أستاذة في قسم الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب جامعة عدن، لحب وطب: “كل مجتمع وله ثقافته، وفي بلادنا باليمن كثيراً ما يفضل أن يكون فارق العمر ما بين الزوج والزوجة لصالح الرجل، لأن باعتقادهم أن المرأة تظهر عليها أعراض الشيخوخة أسرع من الرجل، و هذا كلام غير صحيح، لأن المرأة والرجل يشيخون بشكل متشابه حتى سن الـ50، لكن السيدات عند سن الـ50 تتقدم لديهنّ تلك العملية بسرعة على عكس الرجال عند العمر عينه، وذلك بسبب نقص هرمون الأستروجين. وهنا نحن نتحدث عن عمر كبير أي أنه لا يمكن القول إن المرأة تشيخ في 30 أو 40 من عمرها”.
فارق العمر البسيط بين الزوجين
في عام 2014 و بحسب مقال نشرته مجلة ذي أتلانتك الأمريكية، كشف أن فارق خمس سنوات بين الزوجين يزيد من احتمالية وقوع الطلاق بنسبة 18%، مقارنةً بالأزواج أصحاب نفس العمر أو الذين يكاد لا يكون بينهم فارق.
ومن الناحية النظرية، هناك عدة أسباب لتفضيل فارق العمر الضيق بين الشريكين، كأن يكون لكلٍّ منهما ذكريات طفولة متشابهة ما بين ألعاب وطرق ترفيه وأغنيات وأفكار قد تختلف من جيل إلى آخر.
إيجابيات الفارق الكبير بالعمر
لفارق العمر بين الزوجين إيجابياته، حيث أن الطرف الأصغر سناً يستفيد من الخبرة الحياتية للطرف الآخر، كما أن الأصغر عمراً يعيد الشريك إلى عالم الشباب من حيث الاهتمامات والهوايات.
ومن ضمن المزايا أيضاً أن الرجل عندما يرتبط بامرأة أصغر سناً، أو المرأة التي تتزوج شاباً أصغر منها في العمر، سنجدها دائماً ما تهتم بالرياضة والمظهر الجذاب.
وفي هذا السياق عقبت مها محسن :”العديد من الحالات تزوجوا بفارق عمر كبير سواءً كان الرجل أكبر من المرأة أو العكس، وكانت الحياة بينهما متوائمة، حيث أن الإنسان هو من يجد لنفسه المداخل، وطالما أن الزوجين متمسكين ببعضهما فهم يبذلون كل ما باستطاعتهم لكي يبقوا على تفاهم ووئام دائماً”.
مخاطر الفارق الكبير بالعمر
إن أطراف العلاقات التي يكون فرق العمر فيها كبيراً، غالباً ما يواجهون تحدياً كبيراً من المجتمع، فالكثير من المجتمعات لديها تحفظات على فارق العمر وإن اختلفت درجته بالطبع بحسب البلد، ومن بين التحديات في هذا النوع من العلاقات، أن الطرف الأكبر في العمر دائماً ما يحاول تربية الطرف الآخر استناداً على أنه أكثر خبرة في الحياة، وهنا تتحول العلاقة إلى ما يشبه علاقة “الأب والابنة” أو “الأم والابن” ، وهنا يشعر الطرف الأصغر بأنه أقل قيمة في هذه العلاقة.
وتقول محسن عن هذا: “عندما يكون الفارق كبير أي ١٠ سنوات و أكثر فهذا قد يسبب فجوة بين الزوجين غالباً لأن الأفكار متباعدة ولأننا هنا نجمع بين جيلين مختلفين”.
كما أنه عندما يصل أحد الأطراف في العلاقة إلى مرحلة عمرية معينة، تصبح مجاراة الشريك الأصغر سناً مسألة صعبة. فإذا كانت المرأة هي الأكبر سناً سيتولد لديها شعور بالخوف من أن يتركها الزوج أو أن ينجذب لشابات أصغر منها، أما بالنسبة للعلاقة التي يكون فيها الرجل أكبر تتولد لديه مخاوف من تراجع قدرته على إرضاء زوجته من الناحية الجنسية، لكن غالباً ما يكون الرجل أكثر ثقة، لاسيما إن كان يتمتع بوضع مادي جيد يجعله أكثر شعوراً بالتوازن في العلاقة”.