الأم الطفلة.. الزواج والحمل المبكر!

“تزوجت وعمري 13 سنة، زواجاً عائلياً من ابن عمي، وبعد ستة أشهر من الزواج حملت وأجهضت الحمل دون أن أعرف أني حامل، كنت وقتها أشعر بألم ونزيف، وبعد فترة زرت طبيبة نساء وولادة وأخبرتني أني أجهضت بالجنيين وأن هناك بقايا في رحمي، فأعطتني بعض الأدوية”.

هكذا بدأت تروي (ب.ح) قصة حملها المبكر لـ”منصتي 30“، وتضيف “بعدها لم أحمل لمدة سنة وستة أشهر، هذا ما جعلني أذهب لطبيبة نساء وولادة مرة أخرى، وظهر أن لدي مشكلة وهي التهاب في المبايض بسبب البكتيريا التي تكونت بعد إجهاضي السابق، أعطتني الطبيبة أدوية لمعالجة المشكلة، والحمد لله، حملت بطفلي الأول وعمري 15 سنة، حملي الأول سبب لي متاعب ونزيف، فطلبت مني الطبيبة أن أستلقي على ظهري مدة أربعة أشهر مع استخدام مثبتات للحمل”.

وتكمل (ب.ح): “بعد ولادتي بمولودي الأول بسنة حملت بطفلي الثاني وعمري وقتها 17 سنة، وتعبت أكثر من حملي الأول، وبعدها بسنة حملت بابنتي، وزاد تعبي ومسؤولياتي في المنزل والتربية والاعتناء بطفلين مع حملي بالثالث، بعد ذلك قررت استخدام وسائل منع الحمل لكنني حملت بالخطأ للمرة الرابعة والخامسة، وأصبح لدي خمسة أبناء وبنات، وأنا في العشرين من عمري”.

ظاهرة الزواج والحمل المبكر

في حديثها لـ”منصتي 30” تقول الدكتورة إيمان الغرارة، اختصاصية نساء وتوليد، إن “زواج القاصرات وحملهن موضوع مهم جداً خاصة في الآونة الأخيرة، حيث تمت ملاحظة زيادة كبيرة في ظاهرة زواج القاصرات”.

تضيف الغرارة “أغلب النساء المترددات على المستشفى والمركز الذي أعمل به هن في سن 15 سنة أو أقل، وتقدر نسبتهن أكثر من 50% من عدد الحوامل، والبعض تأتي إلينا وهن في حملهن الثاني أو الثالث، وهن ما زلن تحت سن 18 سنة”.

الأضرار المترتبة من الحمل المبكر

وتشير الدكتورة إيمان الغرارة إلى أن “الحمل في سن مبكر له مضاعفات عديدة على صحة الأم والطفل، في حالات كثيرة للحمل المبكر قد يولد الجنين مجهضاً أو غير مكتمل النمو أو يولد بوزن ناقص، بسبب عدم تهيؤ الرحم لصغر سن الأم الحامل، ونتيجة لذلك يمكن أن يحدث تمزق وحالات نزيف شديدة تقضي إلى وفاة الأم وجنينها”.

وتتابع الغرارة في حديثها عن أضرار الحمل:

• نبدأ من أول ثلاثة شهور للحمل وهي المرحلة الأولى، وفيها قد يحدث الغثيان والإرهاق ويكون عندها مضاعفات أكثر من أي امرأة أخرى فوق سن 18، وقد تدخل في متلازمة الغثيان المزمن؛ مما يؤدي إلى نقص في معادن الجسم مثل البوتاسيوم وفي كثير من الحالات يؤدي إلى فشل كلوي، وقد يحدث وفاة المراهقة في بداية الحمل.
• في هذه الحالات نحاول أن نعمل على إنقاذ الأم وإنهاء الحمل بطريقة آمنة، ورغم ذلك هناك أضرار على صحة الأم، خاصة إذا كان أول حمل لها، قد يؤدي في بعض الحالات إلى عقم دائم.
• أما في المرحلة الثانية فقد تكون الأم المراهقة معرضة بقدر أكبر لمخاطر الإصابة بالتسمم الحملي (ارتفاع ضغط الدم)، ومشاكل تسمم الحمل ليست بتلك السهولة التي يعتقدها البعض، لأن مضاعفاتها قد تؤدي إلى شلل نصفي ما بعد ولادة الأم الحامل بشكل عام والأم المراهقة بشكل خاص، أو قد تصاب بالتهاب بطانة الرحم، مقارنة بالنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 20 و 24 سنة. ومن الممكن أن يحدث عندها أعراض الولادة المبكرة أو التهابات متكررة تؤدي إلى نزول الطفل أو نزول الماء قبل وقته.
• أما المرحلة الثالثة، والأخيرة من الحمل، وهي الأخطر حيثُ الحوض وقتها ضيق لا يتسع بالشكل الطبيعي الذي يهيئها للحمل والولادة، والرحم أيضاً صغير لا يتناسب مع حجم الجنين الذي يكبر يوماً بعد يوم ولا سيما في الأشهر الأخيرة للحمل، وهذا يعني بقائهن عرضة لمخاطر مهددة قد تؤدي بحياة الأم وجنينها أو وليدها، كالنزيف الشديد أثناء الولادة وتعسر الولادة وما يترتب على هذا الأمر من ضرورة إجراء توسعة أو عملية قيصرية للأم الوالدة.

إن الحمل المبكر يؤدي على المدى الطويل  إلى هشاشة العظام بشكل سريع، واختلالات في الغدد الصماء“النخامية والدرقية” عند المرأة، ويمكن أن يحدث لها فقر دم مزمن.

وبحسب الدكتورة إيمان الغرارة، لا يوجد إحصائيات بعدد وفيات المراهقات الحوامل  في اليمن،  وتؤكد “من خلال عملي لاحظت أن هناك تزايد بشكل مستمر وكبير للوفيات بين المراهقات، حيث لا يمر شهر في مستشفى السبعين، دون أن يٌسجل عشر حالات وفاة لحوامل من صغار السن، وهذا في مستشفى واحد فقط!، فكم سيكون عدد الوفيات في الجمهورية بشكل كامل؟!”.