التنقل بين المحافظات في اليمن دون “نساء” مخاطرة. الطريق الطويل والوعر قد ينتهي بالمسافر إلى معتقل مالم ترافقه أنثى من العائلة. واقع يُشعر كثيرين بالاختناق، لكنه بات، في جانب منه، مادة لتندر النساء، يقلن: “لقد أتى اليوم الذي تكون فيه المرأة محرماً للرجل!”.
بعد آذار/مارس٢٠١٥ وانقسام جغرافيا اليمن إلى معسكر تابع لجماعة أنصار الله (الحوثيين) وآخر للحكومة المعترف بها دولياً، وما حدث لاحقاً من انقسامات في أوساط الأخيرة؛ استحدث أطراف الصراع على الحدود الفاصلة “نقاط تفتيش”، القادم إليها، من هنا أو هناك في موضع اشتباه.
تقول رابطة أمهات المختطفين، المناوئة لأنصار الله، إن عدد المعتقلين من منازلهم ومقارّ العمل قليلون مقارنة بمن أخذهم الحوثيون من نقاط التفتيش.
فيما تتهم منظمة “عين الإنسانية للحقوق والتنمية”، ومقرها مدينة صنعاء، النقاط الموازية، أي خاصة الحكومة المعترف بها، بتضييق الخناق على القادمين إليها من وسط وشمال البلاد.
وأمام اتهام هذه وقول تلك، لا تخرج”نقاط التفتيش” من وجهة نظر القاضية إشراق المقطري، عن كونها واحدة من صور وقنوات احتجاز واعتقال وتقييد الحريات التي تلقي بظلال قاتمة على الجميع”.
رُهاب النقاط!
في السنوات السبع الأخيرة أصبح السفر الداخلي، من الأمور التي تتسبب للسكان في اليمن بالأرق. إذ عليهم المرور عبر طرق وعرة وطويلة في كثير من الأوقات، ويزيد الوضع سوءًا، أنهم – الشباب بالتحديد- مطالبون “بطمأنة مسلحي النقاط حيالهم أو عدم إثارة ارتيابهم على الأقل”.
ويرجع الغالبية، هنا، إلى قائمة بإجراءات قد تكون مفيدة في التعامل، تبدأ باصطحاب امرأة من العائلة، مراجعة محتويات الهاتف المحمول،…، ولا تنتهي بالتحفظ عن الوِجهة الحقيقية. في وقت يعدل كثيرون عن السفر من الأساس ولو كان للعمل، زيارة الأقارب، أو الحصول “على رعاية صحية عاجلة”. كحال غيلان (اسم مستعار).
أصيب غيلان (32 عاماً)، من سكان تعز جنوبي اليمن، بجلطة مفاجئة العام الماضي، وكان بحاجة لإجراء عملية قلب مفتوح عاجلة، لكن نظراً لإغلاق المطارات بسبب كوفيد-19 حثه الأطباء، وقتها، على إجرائها في صنعاء.
“كان سفري إلى هناك مجازفة بسبب شغلي كإعلامي إنساني، فأخبرتهم بأني أفضّل الموت في سريري وبين أطفالي على الموت في زنزانة بعيدة” قال لـ”منصتي 30″.
وتشير القاضية المقطري إلى أن سلوك الواقفين على النقاط، أياً كان، يعود أحيانًا “للأخلاق والقيم خاصتهم أو لمزاج ونوايا رؤسائهم المباشرين”، بعيداً عن رقابة الجهات الأعلى التي يتبعونها. حد تعبيرها
تهمة الهويّة
يخضع المسافرون في النقاط لعملية تدقيق “يشوبها التمييز والتعصب إزاء خلفياتهم الجهوية وانتمائهم السياسي وحتى ألقاب عائلاتهم“. وقد يصل الأمر حد نداء الشخص المسلح بالركاب” أي واحد من بيت (…) أو من منطقة (…) ينزل من الباص”. حسبما قالته “شاهدة عيان” طلبت إخفاء هويتها.
تضيف: “اليوم، بيانات الوثائق الشخصية تدين المسافر مثل اقتناء السلاح والممنوعات ربما!”.
ويذكّر أمير الحميري وهمام الجرادي ومهند عادل، في العشرين من عمرهم، باهتمام مشترك تراجع فترة الحرب. تحدثوا، وهم من ثلاث محافظات مختلفة، أنهم اعتادوا-كل مع أصدقائه- القيام برحلات سياحية في الأعياد. لكن هذا متوقف حالياً “حقيقة لا طاقة لنا لاحتمال تحقيقات نقاط التفتيش، وما أكثرها”.
الأكاديمية الدكتورة أمل راجح، تقول لـ”منصتي 30″: إن أداء النقاط الأمنية أدواراً سلبية، بدلاً عن مكافحة التهريب وغيره؛ فعل يأذن بخراب المجتمع. “لما لاستفزاز المسافرين ومنع انتقالهم بين المناطق دون مبرر، من تأثير اجتماعي ونفسي كبير”.
تشدد، وهي أستاذة مشاركة في قسم علم الاجتماع، جامعة عدن: “يستقيم بناء المجتمع بتماسك أفراده وتلبية احتياجاتهم والحفاظ على ممتلكاتهم وعدم التمييز بينهم لا على أساس اللون، العرق،…، أومنطقة المنشأ”.
والجدير بالملاحظة، أن حدة التضييق على المسافرين تقل، نسبياً، مع وجود النساء. لكن هذا لا يعني أنهن، دوماً، في منأى. وفقا للمقطري، حيث “يُطلب منهن هويّاتهن، ويبحث ما إذا لها قريب في الباص أو لاً.. وحدث أن احتجزت فتيات بسبب سفرهن بغير محرم. هذا مخالف لحقوق الإنسان وغير قانوني، ناهيك عن عدم توفير بعض النقاط شرطة نسائية”.
التنقل حق مكفول
حرية التنقل والسفر من الحقوق المكفولة في القوانين والمعاهدات الدولية، مثلاً:
بدوره يؤكد توفيق الشعيبي، محامي، لـ”منصتي 30″ بأن التعرض للمواطنين وتفتيشهم دون وجه حق ومنعهم من التنقل على أساس تميزي؛ “جرائم يعاقب مترتكبيها وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية وقانون الجرائم والعقوبات اليمني”.
يتابع: “تعد هكذا ممارسات اعتداء على الحرية الشخصية وانتهاك خطير لحقوق الإنسان (…) وللمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع والمواد 4 و13 من البروتوكول الإضافي الثاني، ومخالفة لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر المساس بالمدنين أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية”.
لسفر آمن وسيلم
نقاط التفتيش معضلة مشتركة أمام مسافري أي دولة تشهد حالة من عدم الاستقرار. ثمة عدة مقالات إرشادية بخصوص ما يمكن اتباعه لتوخي العبور الآمن. لعل أبرزها “دليل أمن وسلامة السفر” الصادر عن دائرة المساعدات الإنسانية التابعة للمفوضية الأروروبية (ECHO)، الذي ينصح بــ:
- ينبغي خلع النظارات الشمسية قبل الوصول لنقطة التفتيش.
- اخف المقتنيات الثمينة عن النظر.
- إبقَ داخل السيارة مالم يطلب منك النزول.
- لا تقم بحركة فجائية قد يساء فهمها.
- كن مستعداً لإظهار أي وثائق والرد على أي أسئلة.
- ينبغي ترشيح شخص للحديث عن الجميع مالم توجه الأسئلة بصورة فردية
- مهم أن يكون أسلوبك ودود ومجامل لكن دون المبالغة في التودد.
- إذا تم تهديدك بالسلاح امتثل بهدوء لتعليماتهم.
وحتى تعود الحياة إلى طبيعتها تعوّل الأكاديمية راجح، في إصلاح ما شوهه الصراع، على “تمسُّك أبناء المجتمع اليمني واعتزازهم بالقيم الأصيلة كاحترام الغير، التعايش، التعاضد، التعاون ومساعدة بعضهم البعض”.
مؤكدة بأن الاختلاف والتنافر والسلوكيات غير الصحية، بما فيها ممارسات نقاط التفتيش، التي أفرزها الصراع اليوم “عوامل دخيلة على مجتمعنا ولا تتصل بعلاقاتنا وعاداتنا لا من قريب ولا من بعيد”.
للأسف الحكومه الشرعيه او الحوثه نفس الاسلوب في التعامل مع المسافرين نفسي اعملي جواز وبطلت عشان صعوبة السفر والمشاكل الي بتحصل للمسافرين والمرافقين للنساء من الرجال.