رحلة غير واضحة المعالم، تلك التي تخوض غمارها المرأة اليمنية على مدى العقود الستة الماضية، فيما يمكن توصيفه بالنضال من أجل نيل حقوقها المدنية المنصوص عليها دستوريًا، إضافة إلى ما يعد مواكبة للمتغيرات العالمية واستجابة للقرارات الدولية التي تدعو الدول إلى إعطاء المرأة فرصة للوصول إلى مراكز صنع القرار، ولعب أدوار أكثر فاعلية على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
في اليمن لا تبدو المؤشرات إيجابية على الرغم من مئات الورش التدريبية والندوات والفعاليات والأنشطة التي ركزت خلال السنوات الخمس الأخيرة على ضرورة الدفع بالمرأة إلى المقدمة، وإعطائها فرصتها التي انتظرتها طويلًا، لتصطدم بواقع مختلف في مراكز صنع القرار، ووضع أكثر تعقيدًا فرضته أطراف الصراع، ولا مكان لدى هؤلاء وهؤلاء للمرأة في المناصب القيادية، حتى تلك التي تخصها.
فما الذي يجب فعله من أجل أن يستجيب صناع القرار لمطالب النساء؟ وكيف يمكن أن تتفاعل أطراف الصراع مع مطالبات تمكين المرأة ومنحها فرصة للعب أدوار ملموسة خلال الأوضاع الراهنة؟.
بلا إرادة سياسية!
“ندرك بأن هناك تحديات وعوامل كثيرة تحول دون تكافؤ الفرص في وصول المرأة وتمثيلها بعدالة على جميع مستويات صنع القرار، إلا أن الافتقار إلى الإرادة السياسية الجادة والحاسمة التي من شأنها أن تشكل مصدرًا رئيسيًا للتغيير والمعالجة وفي ضوء ما يحدده الخطاب السياسي الرسمي للحكومة والأحزاب والتنظيميات السياسية من التزامات في تأكيد شراكة المرأة وأهمية تمكينها”، هكذا تشخص مها عوض رئيسة مؤسسة وجود للأمن الإنساني وموظفة في اللجنة الوطنية للمرأة الواقع اليوم.
وتذهب الخبيرة في مسائل النوع الاجتماعي، وحقوق المرأة، والمساواة بين الجنسين إلى ما هو أبعد من ذلك بقولها: “يبدو أن الثقافة السائدة تجاه المرأة تنعكس كثقافة مؤسسية تؤثر في ضعف ترجمة التزامات السياسيين، وبشكل أكثر سلباً في الواقع التطبيقي المستمر في التمييز ضد المرأة الذي يظهر إقصاء واستبعاد المرأة مع استحواذ أكبر للرجل في المناصب القيادية ومواقع صنع القرار سواء فيما يتعلق بقرارات التدوير الوظيفي أو في تعيينات المناصب القيادية، الأمر الذي يساهم في تراجع كبير وواضح في حقوق مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار”.
ووجهت عوض حديثها إلى صناع القرار وأطراف الصراع الذين وصفتهم بأنهم يقصون المرأة عن جهود صناعة السلام، مؤكدة بأن ما يقومون به سيؤثر على طبيعة السلام ومستقبله واستقرار مداه، ناهيك عن مضمون ومحتوى اتفاق السلام وعلاقته في تشكيل بيئة ذات مصداقية تكفل الحماية والتأثير على التحولات السياسية.
وبلغة أكثر وضوحًا ترى عوض أن على صناع القرار إدراك المسؤولية التي تقع عليهم بموجب القوانين الوطنية، ومرجعيات السلام التي يستندون إليها في جميع قراراتهم، بالإضافة إلى ما أقرته وتبنته الحكومة في تطبيق خطة العمل الوطنية للمرأة والسلام والأمن في العمل على تحقيق التزامهم بوجوب تمثيل ووصول المرأة إلى مواقع صنع القرار على جميع مستويات.
سلمًا أو حربًا يجب أن تتواجد المرأة، لا أن ينظر إلى ما تطلبه اليوم بأنه نوع من الترف، هذا ما قاله الصحفي نشوان العثماني، الذي يرى بأن الأحزاب السياسية ارتبطت بالعادات المفروضة اجتماعيًا، ونأت بنفسها عن التزاماتها تجاه المرأة التي يجب أن تمنحها 30% على الأقل من قوامها وتمثيلها الهيكلي.
ووجه العثماني كلامه إلى صناع القرار في البلاد بلغة غلب عليها العتاب بسبب عدم وجود تمثيل نسائي في الحكومتين الأخيرتين، معتبرًا ذلك بغير المعقول والمقبول، ولا بد من معالجات جذرية تستوعب المرأة التي دفعت فاتورة باهظة الثمن جراء الحرب الدائرة مثلها مثل الرجل، وهو ما يجب أخذه في الحسبان دون البحث عن أي مبررات غير مفهومة، حسب تعبيره.
أهواء ومصالح
قانونيًا، لا تلتزم الأطراف اليمنية بما ينص عليه الدستور اليمني في التعامل مع المرأة من حيث التمكين والدعم والمساندة، وهو ما تعتبره الدكتورة هبة عيدروس من أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه المرأة اليمنية وتعيق وصولها إلى مواقع صنع القرار، إضافة إلى فهم وتطبيق النصوص التشريعية (الدستور، القوانين) بصورة تمييزية تعود إلى الأهواء والمصالح السياسية وليس لاعتبارات قانونية ومعايير الكفاءة والخبرة.
المحامية والمستشارة القانونية عيدروس ترى أن العادات والتقاليد تشكل ثقافة المجتمع بنسبة كبيرة في الوضع الراهن على أساس التفضيل الذكوري، حيث يتم تفضيل الرجل على المرأة في مواقع صنع القرار على مستوى المناصب القيادية السياسية أو التنفيذية لدى المؤسسات العامة لأسباب ومبررات غير قانونية وبعضها يعد مدخلًا لتجاوز نظام العمل المؤسساتي وإجراءاته الإدارية.
إضافة إلى عدم التزام القيادة السياسية بنسبة الـ 30% للمرأة على مستوى الأحزاب والمكونات السياسية والقوى العسكرية الداعمة لهم تحت مبررات ومزاعم لا تمت لمفاهيم الشراكة والعدالة والمساواة بصلة، وهذا يجعل التوازن والاستقرار على مستوى السلطة العليا والقاعدة الشعبية غائبين، رغم أنها نسبة مجحفة وغير عادلة، وفقًا لما تراه عيدروس، مضيفة بأن غياب الرقابة الدولية على التزام الدول بتنفيذ الاتفاقيات الدولية وقرار مجلس الأمن الخاص بالمرأة والأمن والسلام 1325، وعدم تطبيق مبدأ المحاسبة للدولة غير الملتزمة بالتنفيذ لهذه الاتفاقيات وضبط وتفعيل آليات التنفيذ، سبب لما آلت إليه الأوضاع اليوم بالنسبة للمرأة اليمنية.
ان كانت علئ حق انا ادعم ذالك وان لم يكن لها حق وكانت علئ باطل فهاذا لايصح ان نؤيد الباطل